خطيب مسجد الرواس: الصوم تهذيب وتأديب وشحنة إيمانية

قال الشيخ علي الجمال خطيب مسجد الرواس بمنطقة السيدة زينب إن طاعة الإنسان في رمضان تهزم الشياطين، مستدلا بحديث عن أبي هُرَيْرَةَ رَضِي اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:إِذَا دَخَلَ شَهْرُ رَمَضَانَ فُتِّحَتْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ جَهَنَّمَ وَسُلْسِلَتِ الشَّيَاطِينُ، مبينا أن الشياطين لا تمس الإنسان حينما يكون يطيع الله ومتقن بالطاعة والتقوى والإيمان.
الصيام عبادة جماعية
وأضاف "الجمال " خلال خطبته اليوم الجمعة أن الصيام عبادة جماعية، فبلدنا مصر تسعين مليون يأكلون في ثانية واحدة عقب إطلاق مدفع الإفطار، الطرقات فارغة، موضحاً أن الصيام يعلمنا الانضباط والنظام فالذي قضى الخدمة العسكرية يتعلم الانضباط والنظام وتنظيم الأوقات، ولكن الصيام أقوى وأعظم فهو عبادة تعلمك الانضباط والالتزام والإحساس بالناس وهذا أمر في غاية الأهمية كما يعلّمنا التعاون أيضا.
الشحنة الإيمانية
واستطرد قائلاً خلال خطبته أن هناك صنفٌ من الناس اعتبر رمضان فرصةً نادرةً لإحياءِ القلب وإيقاظِه من رقدته وإشعال فتيل التقوى والخوف من الله فيه، نظرَ إلى مستهدف الصيام فوجدَه في قول الله عز وجل ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمْ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ).
كما قال الله تعالى: ﴿وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى﴾ شبه نفسك تماماً بهذا الهاتف المحمول، يحتاج إلى شحن، فإن لم يشحن تنطفئ الشاشة ويسكت، لا بدّ من الشحن، عندك شحن يومي، الصلوات الخمس، عندك شحن أسبوعي، شحنة الصلاة تستمر معك إلى الصلاة التي تليها.
وقال إن من خالط الإيمان بشاشة قلبه؛ لا يمكن أن يهجر الطاعات، بعد أن ذاق حلاوتها وطعمها، وشعر بأنسها ولذتها في رمضان.
تهذيب وتأديب
وأوضح أن الصيام مهذِّب لنفس الصائم، ممسكٌ عليه لسانَه وجوارحه عن قول زُورٍ أو عملٍ به، مصبِّرٌ له على أذى الناس مستشهدا بقول النبيُّ صلى الله عليه وسلم: «إذا أصبح أحدكم يوماً صائماً، فلا يرفث ولا يجهل، فإنِ امرؤٌ شاتمه أو قاتله، فليقل: إني صائم، إني صائم» (متفق عليه)، وقال عليه الصلاة والسلام: «مَنْ لَمْ يَدَعْ قولَ الزُّور، والعملَ به، فليس لله حاجةٌ في أن يَدَعَ طعامَه وشرابَه» (البخاري ).
والذين يدلسون الحقائق ويكذبون ليل نهار لن نصدقهم ولا تصدقوهم حتى يعلنوا توبتهم فقد كان صلى الله عليه وسلم إذا كذب أحد عنده كذبه فلا يصدقه ولا يتعامل معه حتى يأتي ويعلن توبته أمام الله عز وجل.
البعد الاجتماعي والسياسي
وتابع: العبادات في الإسلام ليست أعمالاً روحانيةً فقط، ولكنْ لها أبعادٌ اجتماعيةٌ وسياسيةٌ، فمن الأبعاد الاجتماعية توحُّد الشعور بين المسلمين في نهار رمضان، فكلهم جَوعى ظامئين، الأغنياء والفقراء سواءٌ، ومن الأبعاد السياسية أن الفرائض الكبرى في الإسلام تظل قائمةً تتحدى عمليات التمزيق والتفتيت التي تعرَّض لها العالم الإسلامي إلى دول ودويلات، وتُذكِّر المسلمين جميعًا أنهم أمةٌ واحدةٌ ﴿وَأنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُوْنِ﴾، وتُشعرهم بواجبهم إلى العمل لاستعادة هذه الوحدة مرةً أخرى.