وأساتذة الجامعات.. والذي منه! سليم عزوز يشكو الإخوان المسلمين من استبعاد أحزاب المعارضة المصرية لهم في اجتماعاتها المشتركة، كما يشكون من ان القوي الوطنية الأخري ليست مستعدة لأية تضحيات، وأنها تريد أن تضحي في معركتها مع النظام الحاكم، بأخر عنصر من عناصر الجماعة. والذين يسمعون لهذه الشكايات، سيستقر في وجدانهم، أن الجماعة تعشق العمل النضالي المشترك، ولهذا فهي حزينة لعدم دعوة الأحزاب لها، عندما تجتمع فيما يسمي بلجان التنسيق، وما إلي ذلك. كما انهم رضوا بالمر، بيد أن المر لم يرض بهم، عندما يوافقون علي التحالف مع القوي غير القانونية الأخري، التي تريد ان تستغل الإخوان، وتستفيد من شعبيتهم الضاربة، ليس إلا!. والذي يسمع للإخوان وهم يرفعون أصواتهم بالشكوي، لن يصدق أن القوم لم يخلقوا للعمل المشترك، ولن نلجأ الي التاريخ، فقط اكتفي بالإحالة لواقعة جرت قبل أيام! تعلمون يا معشر القراء أن الساحة المصرية، شهدت في الاونة الأخيرة، حركات احتجاجية، من معظم فئات المجتمع تطالب بزيادة رواتبها، التي لم تعد تتمشي مع موجة الارتفاع الجنوني في الأسعار. وكان ان دعا الداعي لإضراب أعضاء هيئات التدريس بالجامعات المصرية يوم الأحد الماضي، وهو الإضراب الذي نجح، رغم احتشاد وزارة التعليم العالي وأجهزة الدولة، من اجل إفشاله، ووصل الأمر بالوزير المختص أن أهان الأساتذة في حديث تلفزيوني، علي نحو كان كافيا لكي يشارك من قرر عدم المشاركة. كما تعلمون، نحن إزاء قضية عادلة، فقد تبين للعامة والخاصة ان رواتب أساتذة الجامعات مهينة، وهي تمثل إساءة لاهل الحكم، قبل ان تسئ للأساتذة، وهي بهذا الشكل تؤكد ان القوم ليسوا جادين وهم يتحدثون عن تطوير العملية التعليمية، اذ كيف يحدث التغيير، بينما رواتب القائمين علي هذه العملية علي هذا النحو، وهو امر يبرر انشغال أستاذ الجامعة ببيع المذكرات الدراسية، ويبرر قيام أساتذة جامعة القاهرة بالاحتشاد في اجتماع مهيب قبل سنوات، للاستماع الي محاضرة رجل الأعمال محمد أبو العينين، نائب الجيزة، حيث تقع الجامعة ضمن دائرته الانتخابية، وبدا القوم كما لو كانوا تلاميذ في حضرة الأستاذ العقاد!. لقد فقد العلم مكانته، وفقدت الجامعة استقلالها، عندما شاهدنا في الاونة الأخيرة حالة من التكالب علي الفوز بعضوية لجنة السياسات بالحزب الحاكم، تلك اللجنة التي يترأسها نجل الرئيس، وقد سعي الأساتذة من الجنس الآخر، للفوز بعضوية المجلس القومي للمرأة، الذي تتولي أمره السيدة حرم رئيس الجمهورية. علي الرغم من انهم بحكم الاهتمامات ليسوا مؤهلين للعمل الحزبي او السياسي، لكن من يهن يسهل الهوان عليه!. لقد بات من المألوف ان يجد المرء لافتة في جامعة القاهرة، وداخل حرم الجامعة، لمقر جمعية المستقبل، لصاحبها السيد جمال مبارك.. فحتي الاستقلال الشكلي للجامعات لم يعد موجودا... منذ سنوات عقد الحزب الحاكم مؤتمره العام في الجامعة المذكورة، واسكن أعضاءه في المدينة الجامعية، وقد أعرض عن هذا بعد ذلك ليس خجلا، ولكن لان حزب الوفد - علي ما أتذكر - تقدم بطلب لادارة الجامعة يطلب عقد مؤتمره هناك. لقد كان الأولي بأساتذة الجامعات ان يكونوا أبعد ما يكونوا عن هذه المهاترات، والسواد الأعظم منهم، لا يزالون قابضين علي الجمر، في زمن الفتن العظيم، وكان ينبغي علي الصفوة السياسية ان ترفع الحرج عنهم في مسألة الرواتب، لكن المعارضة ضعيفة كما نري، وأهل الحكم لا يريدون لفئة في المجتمع وقارا، لانه إذا جري رفع رواتب القضاة وأساتذة الجامعة مثلا، فكيف يمكن لهم السيطرة عليهم؟! لقد وجد فريق من الأساتذة، كيف ان قطاعات عدة في المجتمع المصري خرجت لتطالب بحقها في اجر عادل، يكفي لنفقات المعيشة، وتقرر إضراب يوم عن العمل، لكن أساتذة الجامعة من الإخوان، اختفوا في ظروف غامضة، فلم يكونوا من الداعين للإضراب، او المشاركين فيه، لانه إذا كان صحيحا ان بعض القوي السياسية تريد ان تواجه النظام الحاكم بآخر عضو في جماعة الإخوان المسلمين، باعتبارهم الأكثر شعبية، والأعز نفرا، فان الإخوان المسلمين ليسوا علي استعداد لان يتحركوا مع الآخرين خطوة، من أجل قضية عادلة، ما داموا هم لم يطرحوا هذه القضية، ولم يقرروا أنها من أولويات المرحلة! وللأسف فان هذا الموقف المتخاذل من جماعة الإخوان المسلمين لم يكن قاصرا علي إضراب الأساتذة، فالمتابع لموقفهم في نقابة الأطباء يكتشف تخاذلا منقطع النظير. لقد صار من المعروف عن الأطباء بالضرورة ان رواتبهم متدنية، ولهذا فقد ضغطت الجمعية العمومية للنقابة من أجل الإضراب، لكن قيادات النقابة الاخوانية، المتحالفة مع النقيب الحكومي حمدي السيد عملوا علي إجهاض الفكرة، وقاموا بتمييعها. أعترف بأن موقف أحزاب المعارضة المستبعد للإخوان من اجتماعاتهم هو موقف انتهازي في الأصل والفصل، دعك من موشح ان الإخوان لم يحصلوا علي الرخصة القانونية لحزب سياسي، وبالتالي ليس لأحزاب شرعية ان تجلس مع جماعة محظورة قانونا. فالشرعية التي تقررها الأنظمة ملزمة لاصحابها، لكن قوي المعارضة يجب ان تحدد موقفها بالشرعية التي تمنحها الجماهير، وقد كان الإخوان المسلمين يشاركون في اجتماعات المعارضة، عندما كان قادة هذه الأحزاب هم فؤاد سراج الدين، ومصطفي كامل مراد، وإبراهيم شكري، وخالد محيي الدين. مأمون الهضيبي كان يمثل الإخوان في هذه الاجتماعات، وكان يحضرها رفعت السعيد عن حزب التجمع، وهو من اكثر الأصوات الزاعقة بالرفض الان، لان يشاركهم اجتماعاتهم أحزاب، لم تحصل علي الشرعية التي يمنحها الأمين العام للحزب الحاكم صفوت الشريف، ورئيس رفعت في مجلس الشوري، الذي حصل علي عضويته فيه ليس بإرادة الناخبين، ولكن بقرار من الرئيس الذي هو في الوقت ذاته رئيس الحزب الحاكم. في الاجتماعات الأولي، كان للشيوعيين ممثل يحضر اجتماعات أحزاب المعارضة، والشيوعيون ليس لهم حزب معترف به، وان كان بعض الشيوعيين أعضاء في حزب التجمع تماما كما كان السعيد عضوا في حزب غير شرعي هو الحزب الشيوعي المصري، في الوقت ذاته قيادي بحزب التجمع.. أيام الشباب والضني.. لاحظ انه الآن من اكثر المدافعين عن حياض الشرعية التي تمنحها الأنظمة. إن الانتهازية السياسية وراء استبعاد أحزاب المعارضة للإخوان من اجتماعاتهم، كما ان الانتهازية هي السبب في عدم مشاركة الإخوان أساتذة الجامعات في إضرابهم.. دقة بدقة! كانت جدتي تقول: إن ربك يسلط أبدانا علي أبدان. عن صحيفة الراية القطرية 26/3/2008