عاجل.. خبير يكشف توقعات حركة الذهب خلال الأسبوع الأول بعد خفض الفائدة    محمد جبران: مواجهة صارمة لشركات العمالة الوهمية(فيديو)    عاجل- نتنياهو: لن تكون هناك دولة فلسطينية والرد قادم بعد عودتي من الولايات المتحدة    هل يعود السودان إلى حاضنة الاتحاد الإفريقي؟    التوأم يطمئن على إمام عاشور ويحسم موقفه من مباراة جيبوتي    بداية تاريخية للعام الدراسي الجديد والانضباط عنوان المرحلة.. المدارس تستقبل الطلاب بصورة مثالية.. ومتابعة دقيقة من الوزير محمد عبد اللطيف على أرض الواقع    رسميًا.. موعد صرف المرتبات 2025 للموظفين لأشهر سبتمبر وأكتوبر ونوفمبر وديسمبر    الجيش الإسرائيلي: تم إجلاء أكثر من 550 ألفا من سكان مدينة غزة    مصر تدين الهجوم على مسجد بمدينة الفاشر    محافظة الجيزة: إزالة العوائق بمحيط مدرسة ترسا الجديدة بالطالبية    منتخب ناشئات اليد يتوج ببطولة أفريقيا على حساب تونس    العرب بلا ذهب للمرة الأولى منذ 10 سنوات في مونديال ألعاب القوى    تجديد حبس 4 أشخاص لترويجهم مواد مخدرة ببولاق الدكرور    "الشؤون الدينية" تُعلن التسجيل لرخصة التطويف بالمسجد الحرام    الصرصار الأمريكي!    دمهم خفيف.. 5 أبراج هتملى حياتك ضحك وسعادة    والدة هنا الزاهد تحتفل بخطوبة ابنتها الصغرى برسالة مليئة بالحب    بفستان مثير.. مي سليم تخطف الأنظار في أحدث ظهور    هل الكسوف والخسوف غضب من الله؟ الأزهر للفتوى يجيب    دار الإفتاء: زواج الأخ من زوجة أخيه جائز بشرط    في اليوم العالمي لمرض ألزهايمر، 7 عوامل خطورة تزيد من احتمالية الإصابة    وكيل صحة الدقهلية يتفقد مستشفى المنزلة ويوجّه بحزمة إجراءات عاجلة    محافظ المنيا ورئيس هيئة الرعاية الصحية يبحثان تطبيق التأمين الصحي الشامل وتطوير الخدمات الطبية    عبير صبري زوجة خالد الصاوي في زمالك بولاق.. وجلسة تصوير تضعها فى صدارة التريندات    ايتيدا تفتح باب التقدم للشركات الناشئة للمشاركة في Web Summit 2025 بمدينة لشبونة    بالمستند.. اكاديمية المعلم تقرر مد فترة التدريبات وحجز اداء الاختبارات امام اامعلمين للحصول علي شهادة الصلاحية    عضو مركز الأزهر: ثلاثة أوقات تُكره فيها صلاة النفل بلا سبب    رسميًا.. اللواء أشرف نصار رئيساً لنادى البنك الأهلي والسرسي نائبًا    «فادي فريد يقود الهجوم».. الظهور الأول لتامر مصطفى لقيادة الاتحاد السكندري في مواجهة زد بالدوري (صور)    دفعة جديدة من المجندين بالقوات المسلحة مرحلة يناير 2026    ثلاثة عوامل خطرة تزيد من احتمال الإصابة بمرض الكبد الدهني القاتل    موعد صلاة العشاء ليوم الأحد .. ومن صالح الدعاء بعد ختم الصلاة    شريهان أشرف تقدّم خطوات مكياج دافئ وهادئ لخريف 2025 في «ست ستات» على DMC    في واقعة الإسورة الأثرية.. النيابة توصي بمنع دخول حقائب مرممي الآثار وتفتيشهم عند الخروج وتركيب كاميرات مراقبة    تنفيذ قرارات إغلاق لعدد من المحلات المخالفة جنوب الغردقة    تأجيل محاكمة 11 متهما بقضية "خلية حلوان" لجلسة 2 نوفمبر المقبل    مصرع 3 عناصر إجرامية في تبادل لإطلاق النار مع قوات الأمن بالبحيرة    135 مخالفة زيادة أجرة وخطوط سير خلال حملة بمواقف الفيوم "صور"    أدعية الصباح اليوم.. طاقة روحانية وسكينة في النفوس    إعلامي: كارلوس كيروش سيكون مديرا فنيا للأهلي ولكن بشرط    العراق يشغل أول محطة لإنتاج الكهرباء بالطاقة الشمسية جنوبي بغداد    الرئيس السيسي يوجه برد مشروع قانون الإجراءات الجنائية إلى مجلس النواب    تفاصيل انفجار خط غاز بحر مويس في بنها بسبب خطأ سائق حفار.. فيديو وصور    البيت الأبيض يحدد صفقة «تيك توك» التي تمنح أمريكا السيطرة على الخوارزمية    سعر الذهب في مصر يقفز بنحو 8 أضعاف في 9 سنوات (انفوجرافيك)    محافظ المنوفية: 550 مليون جنيه استثمارات لتطوير التعليم بالمحافظة    احتفالا ب العام الدراسي الجديد.. مدرسة ب الوادي الجديد تستقبل طلابها بالحلويات    «الشوربجي»: خطة لتوسعات كبرى بأكاديمية أخبار اليوم وتجهيز 5 مبان جديدة لجامعة نيو إيجيبت    غياب لامين يامال.. قائمة برشلونة لمباراة خيتافي في الدوري الإسباني    فوز السكة الحديد وبروكسي.. نتائج مباريات الأحد في الدور التمهيدي لكأس مصر    العالم يشهد اليوم كسوفًا جزئيًا في الشمس.. هل تظهر في مصر؟    4 أفلام في 2025.. مصطفى غريب يحصد جائزة أفضل ممثل كوميدي من «دير جيست»    مدينة الدواء "جيبتو فارما".. أمان دوائي لمصر واستثمار في صحة المواطن| فيديو    أستراليا تعلن اعترافها رسميًا بدولة فلسطين    البورصة المصرية تخسر 11.3 مليار جنيه في ختام تعاملات الأحد    تنورة وعروض فنية.. مدارس دمياط تستقبل العام الدراسي الجديد.. ولجنة وزارية تتفقد مدارس المحافظة (فيديو)    انطلاق برنامج "بالعبرى الصريح" مع هند الضاوي على القاهرة والناس    رغم العراقيل الإسرائيلية.. قوافل "زاد العزة" تواصل طريقها من مصر إلى غزة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«ترزية» الإفتاء
نشر في محيط يوم 13 - 11 - 2007

مجدي شندي
لم يعد ينقص مراجع الإفتاء المصرية الرسمية شيء إلا أن يقولوا كل ما تفعله السلطة حلال وأن أفرادها معصومون، وأن كل ما تقوله حق وسواه الباطل.. أظن أن هذه ستكون فتوى جامعة مانعة تريحهم وتريحنا من الافتاء «القطاعي» الذي تلهث به هذه المراجع لنيل الرضا، مدفوعين في أن ذلك باعتقاد أن باب التوبة لله مفتوح بينما يغلق الحاكم ابوابه في وجوههم إن أغضبوه.

تثبت أحداث الشهور الأخيرة أن مراجع الفتوى في القاهرة حددت لنفسها أو حددت لها جهة مجهولة دورين أساسيين.. إما الهاء الناس عن مشاكل حياتهم وواقعهم المتراكمة كما يتضح من فتاوى مثل إرضاع الكبير أو شرب بول النبي الكريم (تنزه عن ذلك)..

وإما تبرير اعمال السلطة ليس فقط على مستوى كبار شخصياتها، وإنما نزولا إلى أفراد من جهاز الشرطة لم يكونوا يحلمون بأن يحللهم خطيب زاوية صغيرة من خطاياهم على نحو ما يفعل شيخ الأزهر الشريف ومفتي الديار المصرية.

وبلغ الهزل بمراجع الإفتاء إلى حد أنه عندما تصدم سيارة شرطة مواطنة مصرية وتقتلها تحت عجلاتها لأنها حاولت اعتراض طريق السيارة كي لا تذهب بزوجة أخيها إلى قسم الشرطة، تصدر دار الإفتاء فتوى ممهورة بخاتم شعار الجمهورية تقول فيها إنه لا يمكن لوم السائقين لقتل أشخاص وقفوا عمدا أمام عرباتهم. ليس ذلك فحسب بل تجزم بأن القتل الناتج عن تعمد القتيل الانتحار والوقوف أمام السيارات بحيث لا يستطيع السائق تفاديه لا يعتبر قتلا خطأ.

وفي الأسبوع ذاته يشتم المفتون أن هناك ضيقا رسميا من إقدام شباب مصريين على محاولة الهجرة غير الشرعية لأوروبا والتي يلقى بعضهم خلالها حتفه غرقا، فيتطوعون للإفتاء بأن هؤلاء الشباب «ليسوا شهداء» بل «طماعون».

وذلك مجافاة لقواعد أساسية في الدين ودون بحث عن جذور المشكلة أو مراعاة لمشاعر الأسر التي فقدت فلذات أكبادها. وكان يمكن تحقيق الغرض ذاته بحض الأحياء على عدم المغامرة بحياتهم في محاولة هجرة غير شرعية، لو فطن المفتي إلى طريقة ذكية ترضي السلطة ولا تغضب الله.

وهناك فتوى ثالثة صاحبها هذه المرة الشيخ محمود عاشور الوكيل السابق للأزهر، وأثارت كثيرا من الجدل يقول فيها: « إن إسرائيل لم تعد لنا نحن المصريين دار حرب لأن هناك اتفاقيات ومعاهدات سلام بيننا وبينها» مناقضا بذلك كل الفتاوى السابقة عن قضية فلسطين وواجب جهاد الغاصبين لها المعتدين على حرماتنا وأعراضنا فيها..

ووصل الأمر ب «جبهة علماء المسلمين» إلى انتقاد مصدر الفتوى والقول إنه ليس من الرجولة والمروءة والإنسانية وليس موافقا للشرع أن توصف إسرائيل بالدار لأنها عصابات مسنودة من غيرهم وسيظل أمرها هكذا حتى يسترد العرب والمسلمون أراضيهم وأموالهم وديارهم ويجتمع على أرضها مرة ثانية شمل الفلسطينيين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم بغير ذنب اقترفوه أو جرم ارتكبوه.

كما أفتى الشيخ رشاد حسن خليل عميد كلية الشريعة والقانون السابق بان التجرد من الملابس اثناء المعاشرة الزوجية يبطل عقد الزواج. وأفتى شيخ آخر بأن الزوج إذا قال لزوجته «أنت طالق» بالعامية القاهرية التي تنطق القاف همزة، فإن طلاقه لا يقع.

وأفتى الدكتور جمال البنا (شقيق مؤسس جماعة الإخوان المسلمين الإمام حسن البنا) بأن التدخين في نهار رمضان لا يفطر، فالإفطار ينجم عن وصول عين يمكن التحرز منها إلى جوف الصائم من منفذ مفتوح انفتاحاً ظاهراً يحس مع العمد، والعلم بالتحريم والاختيار.

وبالتالي فلا يضر وصول الرائحة بالشم إلى الدماغ، ولا وصول الطعم بالذوق إلى الحلق من غير وصول عين من المذوق.. وأن الدخان ليس «عيناً» بل هواء، وهو يمتزج بالهواء الذي لابد وأن يستنشقه الإنسان فلا يمكن الاحتراز منه.

ولا تقتصر فوضى الفتاوى على المصريين بل تمتد إلى جهات عربية وغير عربية، فإحداها تؤكد حرمة دخول المراة للانترنت إلا بحضور محرم مدرك لعهر المرأة ومكرها، كما أفتى مشايخ في نيجيريا وقرى باكستان بأن تطعيمات شلل الأطفال حرام لأنها مؤامرة من الغرب لإصابة أطفال المسلمين بالعقم، وهي فتاوى قادت إلى عودة شلل الأطفال بعد أن كان المرض أوشك على الاندثار.

كان الإمام أبو حنيفة النعمان يقول «عندما اشتهي شيئاً اشتريه حتى لا افتي الناس وفي قلبي شيء منه», أما علماء هذه الأيام فتنبيء فتاواهم أن الدنيا ملأت قلوبهم .فلم يعودوا يميزون، أو يخشون عاقبة التحليل والتحريم استنادا إلى أدلة فاسدة أو إرضاء لذوي سلطان.

نعم نحن بحاجة إلى تنقيح التراث وإلى مجتهدين حقيقيين يصدرون فتاوى تتعامل مع التحديات التي نواجهها في عصرنا، لكن الإفتاء بهذا الشكل أصبح عملا دنيويا احترافيا يبرأ منه الدين، كما هو الحال مع «ترزية القوانين» الذين تبرأ منهم العدالة في كل زمان ومكان.
عن صحيفة البيان الاماراتية
13/11/2007


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.