يعاني قطاع الطاقة –أحد القطاعات الإستراتيجية في مصر- من العديد من التحديات التي قد تعصف بالقطاع ككل. ويأتي على رأس قائمة هذه التحديات نقص الوقود والغاز الطبيعي إلى جانب منظومة دعم الطاقة وسداد ديون الشركاء الأجانب التي تضاعفت بعد ثورة 25 يناير 2011. هذا ما أكدته الندوة التي أقيمت بنقابة الصحفيين بعنوان "مستقبل الطاقة في مصر:استيراد الغاز وإنعاش الاقتصاد..ديون الشركات الأجنبية وتأثيرها على البحث والاستكشاف"؛ تحدث فيها كل من المهندس مدحت يوسف،الخبير البترولي ونائب رئيس الهيئة العامة للبترول سابقاً، والدكتور جمال القليوبي، أستاذ هندسة البترول بالجامعة الأمريكية، وحضرها مجموعة من خبراء الطاقة ولفيف من وسائل الإعلام المختلفة، وأدار الندوة الإعلامى خالد جبر. بدأ الدكتور جمال القليوبي الندوة بعرض دراسة أجراها على قطاع الطاقة والتحديات التي يواجهها حيث أكد أن مصر تعاني من مشاكل في توفير الطاقة للمصانع كثيفة الاستهلاك في نفس الوقت الذي تحرص على إرساله لمحطات الكهرباء للحد من انقطاع الكهرباء الذي يعاني منه المواطن. وفي سياق الحديث عن التحديات،شدد القليوبي على ضرورة سداد مديونيات الشركاء الأجانب لأن التأخر في ذلك يؤثر بالسلب بشكل أكبر على فرص الاستكشاف والتنقيب عن حقول الغاز الطبيعي التي تحتاجها البلاد لتوفير الطاقة للعديد من المجالات بما في ذلك المصانع كثيفة الاستخدام. الجدير بالذكر أن التأخر في دفع مديونيات الشركاء الأجانب يؤثر على أدائها وبالتالي يؤثر على جذب الاستثمارات الأجنبية إلى مصر؛ حيث أن مديونيات الشركاء الأجانب قد بلغت حوالي 6 مليار دولار، أبرزها شركة بريتش جاس بمديونية مليار وخمسمائة وخمسين مليون دولار، وشركة بتروناس بمديونية ثمانمائة مليون دولار، وشركة إيني بمديونية مليار وثلاثمائة مليون دولار،وشركة بريتش بتروليوم بمديونية ستمائة مليون دولار،وشركة أديسون بمديونية أربعمائة مليون دولار،ودانا غاز بمديونية ثلاثمائة مليون دولار إلى جانب الديون الصغيرة. ومن جانبه، أكد المهندس مدحت يوسف على أن منظومة دعم الطاقة تتسبب في زيادة عجز الموازنة العامة للدولة حيث يبلغ الإنفاق على دعم الطاقة في مصر ضعف الإنفاق على التعليم وأربعة أضعاف الإنفاق على الصحة. ويجب على الدولة اتخاذ عدة إجراءات لإعادة الهيلكة ومنها تحريك الأسعار مع ضمان عدم تأثر محدودي الدخل أو الفقراء، بالإضافة إلى ترشيد الاستهلاك، وتشجيع تنمية مصادر الطاقة الجديدة والمتجددة خاصة من الطاقة الشمسية، إلى جانب رفع كفاءة استخدام موارد الطاقة. وأضاف يوسف أن السماح للقطاع الخاص والشركات الأجنبية العاملة في مصر باستيراد الغاز الطبيعي يحقق فوائد ومميزات كثيرة لمصر منها تخفيف أزمة الطاقة في البلاد وتحقيق عوائد كبيرة في حالة تصدير الغاز المستورد، مشيراً إلى أن معامل تسييل الغاز في مصر لا تعمل حالياً إلا بشكل جزئي بعد منع الحكومة المصرية تصدير الغاز بسبب النقص الحاد في الكميات المطلوبة لتوفير الاحتياجات المحلية، مما تسبب في تعرض بعض الشركات الأجنبية العاملة في مصر إلى خسائر كبيرة بسبب انتهاكها لعقود طويلة الأجل مبرمة مع عملاء من أوروبا وآسيا. ومن جانبه أكد القليوبي أن مصر لديها حجم احتياطي ضخم ومثبت من الغاز الطبيعي، ولكنها غير قادرة على تطوير حقولها بسرعة كافية في ظل الظروف التي تمر بها الشركات التي تعاني الأمرّيْن في توفير الموارد المالية نظراً لتأخر مستحقاتها لدى الحكومة، بحيث تتمكن من توفير الاحتياجات المحلية من الغاز. موضحاً أن مصر لديها بنية أساسية متكاملة للغاز الطبيعي تسمح بنقله وإسالته وتسويقه سواء داخلياً أو خارجياً، كما أن السوق المصري يعد من أكبر الأسواق المستهلكة للغاز على مستوى العالم.