عن أبي وهب وكانت له صحبة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تسموا بأسماء الأنبياء وأحب الأسماء إلى الله عز وجل عبد الله وعبد الرحمن وارتبطوا الخيل وامسحوا بنواصيها وأكفالها وقلدوها ولا تقلدوها الأوتار وعليكم بكل كميت أغر محجل أو أشقر أغر محجل أو أدهم أغر محجل" رواه البخاري. وفي رواية أخرى:"خير الخيل الأدهم، الأقرح، الأرثم، محجل الثلاث، مطلق اليمين، فإن لم يكن أدهم فكميت على هذه الشية". وروي عنه صلي الله عليه وسلم قوله: "يمن الخيل في شقرها"، وفي رواية: "عليكم بكل كميت أغر محجل ، أو أدهم أغر محجل ، أو أشقر أغر محجل". وروي أن رجلا أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إني أريد أن أقيد فرسا أو أبتاع فرسا ، قال: فقال: "فعليك به أقرح أرثم كميتا أو أدهم محجلا طلق اليمنى". الشروح: "وقلدوها ولا تقلدوها الأوتار" أي قلدوها طلب إعلاء الدين والدفاع عن المسلمين، ولا تقلدوها طلب أوتار الجاهلية وحقوقها التي كانت بينكم، والأوتار: جمع وتر بالكسر وهو الدم وطلب الثأر، يريد ألا تجعلوا ذلك لازما لها في أعناقها، وقيل: أراد بالأوتار -جمع وتر- القوس، أي لا تجعلوا في أعناقها الأوتار فتختنق، فإن الخيل ربما رعت الأشجار فنشبت الأوتار ببعض شعبها فتخنقها. وقيل: إنما نهاهم عنها لأنهم كانوا يعتقدون أن تقليد الخيل بالأوتار يدفع عنها العين والأذى فيكون كالعوذة لها، فنهاهم وأعلمهم أنها لا تدفع ضررا ولا تصرف حذرا. أما الأحاديث التي بينت ما كان يكرهه رسول الله صلى الله عليه وسلم من الخيل فهو الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكره الشكال من الخيل". يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "خير الخيل الأدهم" بدأ رسول الله صلى الله عليه وسلم في كلامه بكلمة خير الخيل، معنى ذلك أن الخيل تتفاضل فيما بينها، كما هو معلوم في كل شيء. ويبدأ رسول الله صلى الله عليه وسلم بتعليمنا صفات خير الخيل وأفضلها. فيقول الرسول صلى الله عليه وسلم أن خير الخيل الأدهم. والأدهم هو الأسود اللون. والأدهم من الدهمة، بضم الدال وسكون الهاء وفتح الميم. فخير الخيل إذن هو الأدهم، ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم أضاف إلى الدهمة أوصاف وعلامات أخرى، فقال صلى الله عليه وسلم أن خير الخيل الأدهم الأقرح، والأقرح هو الذي به قرحة في وجهه، والقرحة، بضم القاف، وسكون الراء وفتح الحاء، هي البياض الذي يكون في وجه الحصان، ولكنه بياض دون الغرة، أي أقل من الغرة. أي أن الحصان الأقرح هو الذي في وجهه بياض يسير دون الغرة، أي بياض قليل أقل من البياض المسمى الغرة. والغرة بياض أكثر في وجه الحصان. إذن فخير الخيل هو الأدهم أما الأرثم هو الذي في شفته العليا بياض، فالحصان الأرثم إذن هو من كان في جحفلته أي شفته العليا بياض. إذن، خير الخيل الأدهم الأقرح الأرثم. فهذه ثلاث صفات. ولم يتوقف الرسول صلى الله عليه عند هذه الصفات الثلاثة وإنما أضاف إليها صفة رابعة. فقال الرسول صلى الله عليه وسلم أن خير الخيل الأدهم الأقرح الأرثم، محجل الثلاث أي أن ثلاثة من قوائمه فيها تحجيل. والتحجيل هو البياض الذي يكون في قوائم الفرس، إذن خير الخيل يكون محجلا، ولكنه يكون محجلا في ثلاث من قوائمه، فأي هذه الثلاث؟ يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "خير الخيل الأدهم الأقرح الأرثم، محجل الثلاث، مطلق اليمين"، فالصفة الخامسة إذن هي "مطلق اليمين"، وفي روايات أخرى "طلق اليمين". ومعنى مطلق اليمين أو طلق اليمين أي ليس في يمناه تحجيل، أي أن اليمنى ليس فيها بياض وإنما على لونها. يقول الرسول صلى الله عليه وسلم:"خير الخيل الأدهم الأقرح الأرثم، محجل الثلاث، مطلق اليمين، فإن لم يكن أدهم فكميت على هذه الشية". يبين لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أننا إن لم نجد فرسا أدهم بهذه المواصفات، فعندنا البديل وهو أن يكون كميتا.والكميت، بضم الكاف وفتح الميم، وسكون الياء هو تصغير أكمت. وهو من الكمتة، بضم الكاف وسكون الميم وفتح التاء والكمتة هي لون أساسي من ألوان الخيل، وهي أن يكون الفرس أسود الذيل والمعرفة أي أن أي حصان يكون ذيله وعرفه أسودان، أيا كان لون جسمه. وقد يكون جسمه بني فاتح أو غامق أو أحمر فاتح أو غامق، ولكن الكميت يتميز بلون الذيل والعرف الأسود إذن الكميت يأتي في المرتبة الثانية بعد الأدهم، وهو البديل الثاني إن لم نجد حصانا أدهم و"على هذه الشية" أي على هذه الأوصاف. فكلمة الشية معناها الوصف أو العلامة أي أن الشيات. أي على هذه الصفة أي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يخبرنا أننا إن لم نجد حصانا أدهم بهذه الأوصاف، فليكن إذن كميتا بنفس الأوصاف المذكورة إذن الحديث الأول بين لنا خير الخيل.