من أدق وأصوب اختيارات الدكتور صابر عرب قراره بتولي الدكتور أنور مغيث مسئولا عن القومي للترجمة، ليس الرجل مترجما قديرا فقط ولكنه قامة ثقافية ومفكر كبير، ليسمح لي أن أضع امامه أفكارا و ملاحظات سبق أن أبديت بعضها مرارا. أرجو مع بداية مرحلة جديدة في العمل الوطني ان يصدر رئيس الوزراء قرارا بتحويل المشروع الي هيئة قومية للترجمة، فلا توجد نهضة بدون اقامة الوشائج مع ثقافات العالم ولنا في مشروع محمد علي وجمال عبدالناصر أسوة وقدوة. أتمني من الدكتور أنور مغيث تجنب السلبيات التي شابت المشروع. ومنها العشوائية في الاختيار، افتقاد الرؤية، المجاملات التي وصلت الي حد الفساد بحيث صدرت كتب لا نعرف ان كان لها أصول ام انها تأليف وقد ضربت مثالا بكتاب «أجمل 54 حكاية في العالم» وقد صدر في فترة تولي فيصل يونس وليس له مراجع وهذه ملاحظة علي الكثير من كتب المشروع التي تخلو من مراجعين وهذا تقليد راسخ في حركة الترجمة، وصل الامر الي الفساد عندما حرص البعض علي اختيار كتب ضخمة الحجم قليلة الفائدة بعد ارتفاع مكافأة الترجمة والحساب بالكلمة وأضرب مثالا واحدا بكتاب «قبائل الشمال النيجيري» المكون من مجلدين ضخمين يتجاوز عدد صفحاتهما الألفين، كذلك غلبة الكتب الادبية علي العلمية، وشيوع الاخطاء المطبعية، مطلوب وضع القيمة المطلقة للكتاب قبل أي اعتبار آخر ولا أشك في وضع الدكتور مغيث ذلك الاعتبار. أرجو أن يدرس مشاريع الترجمة القائمة الآن في العالم العربي، خاصة المنظمة العربية للترجمة في بيروت، ومشروع كلمة في ابوظبي، وحركة الترجمة في المغرب ومشروع الالف كتاب الاول تحت إشراف طه حسين. واصدارات لجنة التأليف والترجمة والنشر، وان ينظر في كتاب من جزءين صدرت عن لجنة الترجمة في المجلس الاعلي للثقافة تحت اشراف لمعي المطيعي رحمه الله ويتضمن خطة متكاملة لترجمة اصول الفكر الانساني، وان ينسق مع مشاريع الترجمة في الوطن العربي، لقد صدر ثلاث ترجمات لكتاب واحد «الكون الانيق لجون جرايان» في بيروت والكويت والمغرب ويقتضي هذا إنشاء مركز لذاكرة الترجمة علي الانترنت حتي لا يقع التكرار. ان يوفق بين عنصرين أساسيين، ترجمة اصول الفكر الانساني التي لم تترجم بعد الي العربية، وتقديم ما يصدر من أعمال فكرية كبري وذات قيمة في عالم اليوم، خاصة الاعمال التي تتناول أوضاعنا وتاريخنا. تخصيص عام كامل تصدر فيه الاعمال الكاملة لاديب كبير، كل ما كتب، ان الانجاز المتبقي من دار الكاتب العربي الهيئة العامة فيما بعد ترجمة سامي الدروبي لاعمال دستوفيسكي والتي ما تزال تنقص «يوميات كاتب» تلك أفكار أولية ضرورية وبالطبع أضيف إليها ضرورة التوسع في توزيع الكتب بحيث لا يقتصر المشروع علي رواد منطقة الاوبرا، ويبقي تمني النجاح لمثقف كبير ونزيه! نقلا عن " الاخبار" المصرية