الكتاب عنوانه »أجمل 54 حكاية في العالم«.. تأليف نخبة، ترجمة حمادة إبراهيم، صدر عن المشروع القومي للترجمة أثناء اشراف فيصل يونس ويحمل رقم 2096، لأنني مهتم بالحكايات الشعبية اقتنيته خلال زيارتي المنتظمة لمنفذ بيع المشروع في منطقة الأوبرا، عندما فتحت صفحاته فوجئت ان المعلومات الواردة في الصفحات الأولي لا تذكر أي شيء عن الأصل الذي ترجم منه. منذ أن بدأت حركة الترجمة في مصر وثمة تقليد متبع في المشاريع المحترمة نجد في الصفحة التالية للعنوان ذكر لعنوان الكتاب واسم مؤلفه والناشر في لغته الأصلية وسنة صدوره، لا يخلو كتاب في المكتبة العربية مترجم من هذه المعلومات. لم أجد شيئا من هذا. نحن أمام نص مجهول الأصل مما يفتح باب الاحتمالات، فمن الممكن أن يكون مؤلفا أي لا أصل له. هذه أول ملاحظة علي كتاب يحمل اسم أستاذين جامعيين. الأول مفروض انه المترجم والثاني هو المشرف علي المشروع. ثانيا: لا يحمل الكتاب اسم مراجع، والمفروض أن يقوم شخص آخر متخصص بمراجعة ما قام به المترجم. ثالثا: يقول حمادة إبراهيم المترجم انها أجمل 54 حكاية في العالم، مصطلح حكاية يوجه المتلقي إلي الحكاية الشعبية ولها تقاليد وشكل. لكن بالقراءة وجدت انها قصص قصيرة لأسماء مجهولة تماما ولا يوجد تعريف بكل منها والأنكي ان المترجم في مقدمته السطحية العامة يقول بالنص »وهو السبب نفسه الذي جعلنا لا نجد معلومات كافية عن هؤلاء الكتاب الشباب الذين شاركوا في المسابقة« مشيرا إلي أن الكتاب حصيلة مسابقة أجريت في مطلع الستينيات من القرن الماضي مفترضا ان الكُتّاب عاشوا أحداث الحرب العالمية الثانية. أي مسابقة؟ أي جهة نظمتها؟ من هم هؤلاء الكتاب الشباب؟ لو ان أحدهم كاتب حقيقي لاشتهر وذاعت أعماله، في أي بلد نظمت هذه المسابقة؟ لماذا لم يجتهد المترجم في البحث عن أسماء الكُتّاب؟، قمة الاستهانة بالقارئ وبأصول الترجمة، ونموذج فج لإهدار المال العام، أطال الوزير المحترم بالتحقيق في هذه الواقعة علي مستويين، الأول الاستخفاف العلمي والموضوعي، ثانيا المال العام المهدر.. أعتقد أن الدكتور جابر عصفور مؤسس المشروع (في الصفحة الثانية جاء ان المشروع تأسس في 2006، وهذه فضيحة فجة، فالمشروع بدأ عام 1996. وأول كتاب طبع فيه »اللغة العليا« تأليف جون كوين، ترجمة وتعليق الدكتور أحمد درويش، وقد صدرت طبعة ثانية منه عام 2000)، لم يخطر ببال جابر عصفور ان جهده لرفع سعر الكلمة المترجمة من ستة مليمات إلي ستة قروش سوف يتحول إلي نقيض الهدف الذي أراده. مكافأة المترجمين من أجل الاتقان. ولكن مع سيادة روح الفهلوة والرغبة في الكسب السريع، تم اختيار نماذج مجهولة ولا يمكن للقارئ معرفة أصولها أو مصادرها.. وأصبح الحجم هدفا في صفاته وليس الكتاب وقيمته وضرورته للثقافة العربية. إنه غش ثقافي كفيل بتدمير أي مشروع محترم، وأنني لأقارن إصدارات المنظمة العربية للترجمة ومشروع كلمة في الإمارات وما يصدر في المغرب وتونس وبيروت وبين بعض إصدارات المشروع القومي فيدركني الأسي والحزن علي ما آلت إليه بعض أحوالنا الثقافية. أطالب الدكتور صابر عرب بفتح تحقيق وسحب هذا الكتاب المسيء إلي الثقافة المصرية وتقاليدها.