قال مسؤول رفيع في حزب المؤتمر الوطني الحاكم بالسودان، مساء الثلاثاء، أن حكومته "تحترم" خيار الشعب المصري في الانتخابات الرئاسية التي أعلنت نتائجها، الثلاثاء، بفوز عبد الفتاح السيسي برئاسة مصر. وأضاف، مصطفى عثمان، الذي يشغل أيضا منصب وزير الاستثمار، في تصريحات صحفية، "نؤكد على موقف السودان في عدم تدخله في الشأن المصري الداخلي مع الاهتمام بالعلاقات التاريخية بين البلدين لأن الأمن القومي السوداني والمصري يرتبطان ببعضهما". وتابع "نتمنى أن تستقر الأوضاع بمصر بعد الانتخابات حتى يتم التعاون بين البلدين في الجوانب الاقتصادية والسياسية والأمنية". يأتي ذلك في ظل توتر بين حكومة الخرطوم التي تهيمن عليها الحركة الإسلامية المحسوبة على جماعة الإخوان المسلمين في مصر والقاهرة منذ الإطاحة بالرئيس المصري السابق محمد مرسي في يوليو الماضي. وعلى مدار شهور كانت الخرطوم تؤكد أن ما تشهده مصر (شأن داخلي) وذلك في معرض ردها على ما تنقله وسائل إعلام مصرية عن رسالة بعث بها الرئيس عمر البشير إلى مرسي ووصول سلاح من السودان إلى جماعة الإخوان المسلمين بمصر وهروب قيادات من الجماعة إلى الخرطوم وبث قناة أحرار 25 (تابعة لجماعة الإخوان في مصر) من أراضيها، وهو ما نفته الخرطوم رسميا. لكن ما عزز شكوك مصر هو مشاركة قيادات الحركة الإسلامية التي تمثل مرجعية لحزب المؤتمر الوطني الحاكم في احتجاجات شاركت فيها أيضا جماعات إسلامية أخرى للتنديد بالإطاحة بمرسي وفض اعتصام ميدان رابعة العدوية، شرقي القاهرة في 14 أغسطس/آب 2013، وغيرها من الأحداث المماثلة. وذادت حدة التوتر بالتحول الذي طرأ على موقف الخرطوم ودعمها لأديس أبابا، عندما قررت الأخيرة في مايو/آيار الماضي تغيير مجرى النيل الأزرق كخطوة فاصلة في تشييد سد النهضة، وهو مثار خلاف بين أثيوبيا ومصر التي تتخوف من تأثيره على حصتها من المياه. وفي فبراير/شباط الماضي قررت القاهرة تحويل منطقة حلايب المتنازع عليها مع السودان إلى مدينة وفصلها عن مدينة شلاتين، وهي أيضا محل نزاع وهو ما عده مراقبون محاولة من القاهرة لمساومة الخرطوم بملف سد النهضة. وجاء القرار المصري بعد نحو أسبوعين من إعلان وزير الدفاع السوداني عبد الرحيم محمد حسين عقب زيارة له للقاهرة ولقائه نظيره وقتها عبد الفتاح السياسي اتفاق الجانبين على حل قضية حلايب بالحوار. وكانت زيارة حسين هي الأولى لمسؤول رفيع منذ الإطاحة بمرسي وأعقبتها زيارة أخرى لوزير الخارجية علي كرتي في مارس/آذار الماضي، بينما لم يزر أي مسؤول مصري رفيع الخرطوم باستثناء وزير الخارجية نبيل فهمي في أغسطس/آب الماضي. واضطرت حكومة الخرطوم في فبراير/شباط الماضي إلى نقل سفيرها في القاهرة، كمال حسن علي، بعد ما نقلت عنه فضائية مصرية وصفه لحكم مرسي بأنه "مستبد"، رغم تصحيح الفضائية لتصريحه لاحقا، حيث زادت موجة الانتقادات الموجهة للخرطوم في مصر . وحتى الآن لم يعين سفير جديد لكن وسائل إعلام حكومية قالت اليوم (الثلاثاء) إن مصر اعتمدت السفير عبد المحمود عبد الحليم وهو دبلوماسي عريق ليس له علاقة تنظيمية بالحركة الإسلامية، ويشغل حاليا وكيل وزارة الخارجية بالإنابة وتنقل من قبل في عدد من السفارات والمؤسسات الدولية من بينها مندوب السودان في الأممالمتحدة . ونفى كرتي الأسبوع الماضي، في مقابلة مع صحيفة الحياة اللندنية، وجود أي صلة لحزبه بالتنظيم الدولي لجماعة الإخوان المسلمين قائلا " ليس لدينا ارتباطا بجماعة الإخوان المسلمين في مصر ولا تنظيمها في غيرها من الدول"، في إشارة إلى قطع الحركة الإسلامية لعلاقتها التنظيمية المباشرة بالإخوان بمصر في مطلع ستينيات القرن الماضي. وأوضح أن علاقة بلاده بمصر "توترت في عهد مرسي أكثر مما توترت في عهد حسني مبارك لأن كثيرا من الملفّات التي كان متوقعا أن تنهيها الثورة لم تستطع حكومة مرسي أن تفعل فيها شيئاً على الإطلاق". وتوقع وزير الخارجية السوداني أن تشهد العلاقة استقرارا في عهد الرئيس الفائز عبد الفتاح السياسي قائلا "أعتقد أن الأمور ستستقر لأن السودان اعتبر أن ما جرى ويجري في مصر شأن داخلي لا علاقة له به وهذا الأمر سيجد التقدير والقبول من أي قائد سيحكم مصر".