بإعلان اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية نتيجة الاستحقاق الثاني في خارطة المستقبل، في أهم انتخابات رئاسية في تاريخ مصر، يستعد التاريخ ليسطر حكاية جديدة من قلب مصر، حكاية بطلها رئيسا يحكم بأمر الشعب، وآخر أدى واجبه استجابة لنداء الوطن في مرحلة فارقة وعصيبة من تاريخ الأمة، عبرها بنجاح ليقدم شهادة امتياز في استحقاقين أساسيين في عملية البناء، ويبقى الاستحقاق الثالث و الأخير والفاصل في المعركة الديمقراطية. واليوم تصل مصر لواحدة من أهم مراحلها التاريخية ببداية حكم المشير عبد الفتاح السيسى لمصر، بعد ملحمة وطنية مشرفة، خرجت منها العملية الانتخابية على نحو ابهر العالم لتؤكد مصر مجددا شعبا وقضاء وجيشا وشرطة عبقرية هذا الوطن وعظمته وان حضارته الضاربة في عمق التاريخ ممتدة . لحظة الميلاد تلك، التي دفع المصريون ثمنها على مدى ثلاثة أعوام، تبدأ بتتويج السيسى رئيسا يحمل رقم 8 على عرش مصر إذ يدخل القصر الرئاسي مدعوما بشرعية جماهيرية ومحملا بطموحات المصريين وأحلامهم البسيطة في العيش والحرية والعدالة، معلنا تجاوز مصر المحنة الاخوانية الإرهابية وليفتح الطريق أمام المسار الثالث والأخير من استحقاقات خارطة المستقبل. وهج البهجة والانتصار عم ربوع مصر مع إعلان اللجنة فوز السيسى فى مارثون انتخابي نزيه وشفاف استمر ثلاثة أيام من الإسكندرية لحلايب دون اى رشاوى أو وعود انتخابية تتبخر بمجرد الفوز ، فوز الرئيس السيسى يعنى انتصارا لمجد الشعب والحفاظ على هويته العبقرية واستمرار لعطائه الحضاري عبر السنين فالتقدم والريادة والانتصار هى رسالة المصريين الخالدة ابد الدهر. وبعد أيام قليلة يدخل السيسى قصر الرئاسة ليؤسس لجمهورية 30 يونيو التى نجح فيها الشعب بفضله بعد فضل الله إذ تعلقت به الجماهير منذ وقوفه بجوار ثورتهم ليخلصهم من حكم المتأسلمين ويقطع الطريق على مسلسل الاجيال الحديثة من الحروب وأدواتها ، وليعلن انتصار مصر فى الاستحقاق الثانى من خارطة الطريق . أعاد الرئيس عبد الفتاح السيسى الى الاذهان صورة الزعيم بعدما تجمعت الملايين فى الشوارع مرتين خلال شهر ، الأولى في 30 يونيو مطالبة بان يخلصها من حكم الاخوان بعدما تأكد ان ليس لهم موضع قدم فى الحياه السياسية فى الفترة القادمة ، والثانية يوم 26 يوليو الماضى تفويضا من الشعب لقواته المسلحة والشرطة لمكافحة الارهاب والعنف التى تمارسها جماعة الاخوان . وفى ذات الوقت يودع الرئيس عدلى منصور الرئاسة طواعية ليعود الى مساحته الاولى تاركا علامة مشرقة و مضيئة فى الحياة السياسية المصرية ، يخرج عدلى منصور من الاتحادية محاطا بتقدير الشعب لدوره الجليل الذي أداه خلال الفترة الانتقالية وليرسخ لمبدأ غير مسبوق فى المنطقة العربية. عدلى منصور شخصية رصينة تتميز بالهدوء والالتزام الدستورى والقانونى والاتزان ، ورجل قانون وفقية دستورى قاد مصر نحو التحول الديمقراطى الكبير فى فترة من اشد الفترات صعوبة فى حياة المصريين ، تحية واحترام لرئيس أعاد للخطاب الرئاسى هيبته المفقودة ومارس مهام منصبه بروح القاضى المتحلى بالعدل والموضوعية . المصريون هم رهان الرئيس الجديد ومشروعه القومى ، بأحلام شبابهم، ومطالب المرأة ، حماية الأقباط ضد التمييز، استعادة الأمن والقضاء على التكفير وأفكار العنف والإرهاب ، وإعادة الكنوز المسروقة والمختفية، وانتظار أصحاب المعاشات الانصاف ، وحق العودة للنوبيين ، وآهات صحة الشعب ، التصالح مع الفقر ، وتوفير الطاقة والقضاء على العشوائيات ورفع المستوى المعيشى . إنها مهمة انتحارية ، رسمت ملامحها مرحلة انتقالية ، استنزفت الكثير من الموارد وتسببت فى إعادة تشكيل الشخصية المصرية ، ولكن مصر تمتلك كافة مقومات النجاح لمضاعفة الدخل وتحسين نمط الحياة من خلال تنفيذ خطط ومشروعات للتنمية الاقتصادية المعتمدة على العلم والتكنولوجيا ، والتى يتحتم الاعتماد عليها فى المشروعات الزراعية والصناعية والتجارية وفى النهوض بالتعليم وتوفير الخدمات الصحية والحفاظ على البيئة . مصر صاحبة ثورتى 25 يناير و30 يونيو بدأت من اليوم بناء الدولة الجديدة التى تستوجب إستيقاظ الضمير المصرى ليتحمل مسئوليته فى البناء والتنمية ويتخطى الصعاب بعيدا عن مشاعر الغضب واليأس والكراهية ، فالمرحلة فمرحلة البناء تستوجب العمل والجهد والتطوير ، ثم تأتى مرحلة جنى الثمار ، وتحية مسبقة لكل من يتقن عملا ولكل من تحركه ارادة الحياة لخدمة الاخرين ويسعى للحفاظ على تاريخ أمة عريقة قادرة على اجتياز الازمات بفضل الله .