الأيام في الإسلام كلها عبر ودروس والسعيد من اغتنمها في الطاعات قال جل وعلا : " وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة لمن أراد أن يذكر أو أراد شكورا " (سورة الفرقان الآية 62 ) وشهر شعبان فيه من العبر الكثير ومنها ما نحن في أمس الحاجة إليه في هذه الأيام التي انتشر فيها الفحش بالقول والفعل بين المسلمين حتى تقاطعوا وتدابروا وتخاصموا من أجل الدنيا والدين براء من كل ذلك يقول الإمام الشاطبي رحمه الله : وكل مسألة حدثت وطرأت فأوجبت العداوة والبغضاء والتدابر والقطيعة علمنا أنها ليست من أمر الدين في شيء ..... وديننا الحنيف يدعو إلى الألفة والتحاب والتراحم والتعاطف وكل ما أدى لخلاف ذلك فهو تخارج عن الدين . ومن أجل دوام التراحم والمودة بين المسلمين حجب الله جل وعلا مغفرته ورحمته عن المسلمين المتخاصمين في موطنين أسبوعيا وفي موطن سنوي أما الموطنان الأسبوعيان فهما يوما الإثنين والخميس قال صلى الله عليه وسلم :" تعرض الأعمال في كل يوم خميس واثنين فيغفر الله عز وجل في ذلك اليوم لكل امرئ لا يشرك بالله شيئا إلا امرأ كانت بينه وبين أخيه شحناء فيقال اركوا هذين حتى يصطلحا اركوا هذين حتى يصطلحا " ( أخرجه مسلم وغيره ) وأما الموطن السنوي ففي شهر شعبان يقول رسولنا صلى الله عليه وسلم : " إن الله ليطلع في ليلة النصف من شعبان فيغفر لجميع خلقه إلا لمشرك أو مشاحن " ( أخرجه ابن ماجة وابن حبان وغيرهما ) والمشاحن هو : المعادي ، والشحناء : العداوة والمخاصمة والمقاطعة وتشمل كل صور قطع المودة والتواصل بين المسلم وأخيه والداعي إلى ذلك من دعاة الفتنة . فيجب علينا أيها الإخوة الكرام أن نحظى جميعا بمغفرة الله جل وعلا ورضوانه ولن يتحقق ذلك إلا بتنقية قلوبنا من الشحناء والبغضاء والغل والحسد نحو اخواننا المسلمين حتى ولو خالفونا الرأي وتفعيل المودة والتراحم سلوكيا في حياتنا حتى تتحق فينا أخوة الإسلام ونختم حديثنا بما رواه عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال :" قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم أي الناس أفضل ؟ قال : كل مخموم القلب صدوق اللسان ، قالوا: صدوق اللسان نعرفه فما مخموم القلب ؟ قال : هو التقي النقي لا إثم فيه ولا بغي ولا غل ولا حسد " ( أخرجه ابن ماجة وغيره ) أسأل الله أن يطهر قلوبنا من الغل والحقد والحسد وأن يجمع بين قلوب عباده ويؤلف بينهم . الأستاذ بجامعة الأزهر رئيس فرع الرابطة العالمية لخريجي الأزهر