قالت صحيفة "واشنطن بوست"، إنه عندما أطاح الجيش المصري بالرئيس السابق محمد مرسي في الصيف الماضي، انهارت العلاقات السياسية مع قطر الراعي المالي الرئيسي للزعيم الإسلامي والشريك الرئيسي للطاقة، والدولة الخليجية الغنية بالغاز. وأوضحت الصحيفة الأمريكية، في تقري لها عبر موقعها الإلكتروني، أن تداعيات هذا الانقسام الدبلوماسي سببت تفاقم صراع السلطات لإدارة محطات الطاقة في البلاد حيث تبدأ درجات الحرارة في الارتفاع. صيف بلا كهرباء ونوهت الصحيفة إلى أنه من المتوقع أن تؤدي حرارة الصيف الحارقة في مصر وتضاؤل امدادات الغاز الطبيعي إلى انقطاع التيار الكهربائي على الصعيد الوطني في نفس الوقت الذي من المرجح أن يفوز فيه المشير السابق والمرشح الرئاسي عبد الفتاح السيسي برئاسة البلاد. ذكرت الصحيفة أنه في محاولة لتجنب الأزمة، رفعت الحكومة المصرية أسعار الغاز الطبيعي، الذي يولد ما لا يقل عن 70 في المائة من الكهرباء في البلاد، وحثت المستهلكين على الحفاظ على الطاقة. وأشارت الصحيفة إلى أن المستفيدين من السيسي من دول الخليج هم عمالقة النفط من المملكة العربية السعودية والكويت والإمارات العربية المتحدة، منافسين لقطر لكنهم لا يملكون صادرات الغاز التي تحتاجها مصر لإبقاء الأضواء والحفاظ على الاستقرار. ويرى محللون أن قرار السيسي بتحويل الولاءات يمكن أن يعود ليطارده في بلد أدى فيه الفقر وعدم الاستقرار لإزالة زعيمين شعبيين الرئيس الأسبق حسني مبارك والرئيس السابق محمد مرسي. أزمة الطاقة وشرعية السيسي وأوردت الصحيفة عن "جوستين دارجين" خبير الطاقة في جامعة أوكسفورد، أن القضية الرئيسية هي شرعية السيسي، وما إذا كان لديه القدرة على التعامل بكفاءة مع أزمة الطاقة. وأضاف أن علاقة مصر في مجال الطاقة مع قطر كانت الزواج المثالي التي تحتاج إليها القاهرة. وتابعت الصحيفة أن ما حدث كان فاصلة قصيرة في العلاقة الصخرية على مدار التاريخ، مشيرة إلى أن المستبد السابق حسني مبارك، الذي كانت تدعمه المملكة العربية السعودية قبل أن يتم الإطاحة به في 2011، ينظر إلى القطريين وشبكة الجزيرة على أنهما مثيري للشغب، حسب قولها. وأوضحت الصحيفة أن قطر دعمت مرسي وجماعة الإخوان المسلمين للتأثير على مصر وغيرها من البلدان التي تشهد ارتفاعا في وضع الإسلاميين ما أفسد علاقة مرسي مع المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، المعارضين التاريخيين لجماعة الإخوان وبعد "انقلاب" الصيف الماضي، رفضت الحكومة المدعومة من الجيش مرة أخرى قطر. مصر وقطر.. أزمة تاريخية وقالت الصحيفة إن أزمة الكهرباء القادمة ليست المأزق الوحيد للحكومة المدعومة من الجيش نتيجة لذلك الانقسام لافتة إلى أن الجهاز الأمني المصري اعتقل وسجن الصحفيين الذين يعملون لقناة الجزيرة، حيث قالت السلطات عنهم "لسان حال للإخوان"، كما أن محاكمة ثلاثة صحفيين من قناة الجزيرة بتهمة الإرهاب وجهت إدانة دولية واسعة النطاق، بما في ذلك من الأممالمتحدة وأعضاء الكونغرس. وأكدت الصحيفة أن مصر ترى أيضا علاقاتها مع شركات النفط الدولية متعكرة لأنه بموجب الاتفاقات مع شركات الطاقة التي تديرها الدولة في مصر، فإن الشركات الأجنبية تستغل وتنتج احتياطيات الغاز في البلاد ولأن مصر تقدم دعما كبيرا على الغاز وتوزع على المستهلكين المحليين، فإن شركات النفط الدولية ترسل بعضا من الغاز التي تنتجه في مصر إلى السوق العالمية الأكثر ربحا، حيث يمكنهم استرداد التكاليف من خلال البيع بسعر أعلى من ذلك بكثير. ولفتت الصحيفة إلى أنه مع ذلك تراجع الاحتياطي المصري بشكل مطرد، وأصبح غير كافي لتوليد الطاقة، وكذلك تزويد الشركات الأجنبية. وأشارت الصحيفة إلى أنه سعيا منها لحشد الدعم لحكومة مرسي، مدت قطر الشركات بالغاز الطبيعي المسال الذين يحتاجوه لتنفيذ عقود التصدير. وذكرت الصحيفة أنه مع نمو احتياجات الطاقة في مصر ولأن البلاد لا تزال تفتقر إلى البنية التحتية لاستيراد الغاز الطبيعي المسال، فان الحكومة في السنوات الأخيرة بدأت تحول جميع الغازات التي تنتجها شركات النفط الأجنبية للاستهلاك المحلي وكانت الشحنات القطرية سابقا تعوض الشركات عن اعتماد الحكومة عليها من الغاز، ولكن مصر الآن دخلت في مليارات الدولارات من الديون للشركات. وقالت وزارة الكهرباء المصرية إنها سوف تكون قادرة على تغطية أكثر من 85 في المئة من احتياجات الكهرباء في البلاد هذا الصيف ولكن محللي الطاقة يقولون إن المصريين من المرجح أن يعانون بسبب أسوأ انقطاع تيار كهربائي. وقال دارجين إنه إذا انقطع التيار الكهربي بشكل كبير في أشهر الصيف الحارقة وخاصة شهر رمضان سيؤدي ذلك إلى غضب الشعب لذلك سيتوجب على السيسي فعل شئ. ونوهت الصحيفة إلى أن المملكة العربية السعودية والكويت والإمارات العربية المتحدة يستعدون إما لاستهلاك إمداداتها الخاصة من الغاز أو استيراد الغاز الطبيعي مع ارتفاع الطلب. لذلك، قد تمطر السعودية حوالي 6 مليارات دولار في المنتجات البترولية في مصر منذ الصيف الماضي. وأكد محللون أن شحنات الديزل وزيت الوقود من المرجح أن تضمن عدم وجود أي نقص في البنزين هذا الصيف ولكن فقط حفنة من محطات توليد الكهرباء في مصر تعمل على الوقود وليس الغاز الطبيعي. ونوه المحللون إلى أن جميع المخاطر في الصيف الحارق المقبل قد تكون خطيرة بنفس القدر سياسيا للقادة المصريين، بما في ذلك السيسي، للتصالح مع قطر. وقال إبراهيم زهران، محلل الطاقة المصري، إن الحكومة ليس لديها خطط حتى الآن لحل أزمة الطاقة ولكنها ايضا ستكون راغبة في الإضراب عن أي صفقة مع قطر وهذا سيكون غير مقبول سياسيا.