"شاعرة الثورة": وهم "الحاكم الإله" انكسر الشاعرة فاطمة المرسي محيط – سميرة سليمان يا هل ترى يا لومان طره/ فكرت ممكن ده يكون/ أو كنت تتصور في يوم/ تسجن حيطانك لربعه/ كل اللي داسوا فوق مصيرنا/ ورجعونا سنين ورا ؟ مقطع من قصيدة في ديوانها الأول "انتباه يا مصر"، الذي يؤرخ للثورة المصرية كما تقول صاحبته الشاعرة فاطمة المرسي، فقصائد الديوان تسجل مشاهدات الشاعرة خلال 18 يوما ثورة حتى إسقاط مبارك. القصائد تؤكد على أن مصر انتفضت ولا يجب أن تصمت ثانية، لذلك وجب الانتباه، وأن نتبنى قيم الثورة التي تعني رفض كل السلبيات، والتطهير أولاً بأول، لا أن ننتظر حتى تتراكم أخطاء المسئولين ويصبح من الصعب محاسبتهم عليها. وتعيش الشاعرة في أمريكا منذ 1979 وتتجنس بجنسيتها، وهي تمتدح فيهم محاسبة رؤسائهم ومسئوليهم على كل هفوة، وكأنهم يعيشون تطهيراً يومياً. ديوان انتباه ينقسم ديوان "انتباه يا مصر" إلى جزأين؛ الأول يضم 15 قصيدة عن الثورة فهي الحدث الأكبر، والجزء الثاني يضم القصائد التي تحكي عن وضع مصر قبل الثورة باستخدام تقنية "الفلاش باك"، وكأن القصائد تجيب عن سؤال لماذا طالب الشعب بإسقاط النظام. أولى قصائد هذا الديوان ولدت في ميدان التحرير، حيث كانت تكتب الشاعرة وتصعد على منصة الميدان لتلقي شعرها، وإن تأخر عليها الدور، كانت تلقي قصائدها في مجموعات تم تشكيلها في الميدان، ومن قصائد الديوان "مدينة الحرية المحاصرة"، و"رسالة للرئيس" التي كتبتها قبل التنحي، تقول فيها: يا رئيسنا يا رمز الأمان/ كان نفسي أقابلك من زمان/ بس أنت فين ؟/ تسمح لي أقولك كلمتين؟/ لو يوم كفرنا بالوطن/ أنت المُدان. ديوان انتباه وبعد التنحي كتبت الشاعرة قصيدة "اشهد وسجل يا ميدان"، و"أم العريس" التي تقول فيها مخاطبة سوزان مبارك: نورتي تاني القاهرة يا ام العريس/ يلا استعدِّي لعُرس لكن مختلف/ وحفله خالية من الشرف/ الراجل الشهم الهُمَام/ اللي ياما فرحتي بيه/ كنتي حريصة تعلِّميه/ فن الدجل/ يسرق وينهب أي شئ/ والكل له تحت الطلب/ وزفّتيه فوق الحصان/ لكن حصانه كان خشب/ وعروسة واقفة فى مجدها/ كان جاى وسارق مهرها/ حتى شرفها وعرضها/ جاى يغتصب/ يلا افرحي يا ام العريس/ اللي اتخلع يوم دُخْلته/ مصر الأبيَّه رافضه جدا دَخْلِته الديوان بالعامية وعن ذلك تقول المرسي: رغم أنني كتبت من قبل بالفصحى، إلا أنني في الميدان كنت أفكر بالعامية، وحرصت على أن تخرج القصائد دون غموض، حتى يتلقاها الناس دون ترميز أو صعوبة في الفهم، فهي منهم وإليهم. تصف الشاعرة يوم "موقعة الجمل" بأنه الأصعب بين أيام الثورة، وقد بكت حينما رأت مشاهد ذلك اليوم وظنت أننا مقدمون على حرب أهلية بعد أن كانت ثورتنا سلمية . كما تروي الشاعرة مقابلتها مع بعض البلطجية، والذين تراهم فقراء اضطرتهم الحاجة لسلك هذا الطريق، ولكن مصر كما تقول خالية من المافيا والتنظيمات العصابية الخطيرة التي كانت شائعات مغرضة تقول بأنهم يقتحمون البيوت لنشر الذعر بين الناس. مولد السيدة كتبت المراسي قصيدة "مولد السيدة مصر" وتقول فيها : طوف المكان سبعة/ ونادي قول مدد/ يا ست مصر يا طيبة/ أنتِ ومفيش بعدك مدد. وأطلقت الشاعرة على الميدان اسم "مدينة الحرية المحاصرة" فرغم حصارها من الخارج بنقاط تفتيش ومبان، إلا أن بداخله مرتع للحرية الكاملة، وتقول فيها: ياميدان/ اشهد على كل اللي كان/ ع اللي أيّد واللي دان/ اللي دافع عن حقوقنا/ واللي فر من الميدان/ واللي وقت الشدة بان/ اللي خرب واللي صان/ واللي واقف ديدبان/ يا ميدان تحريرنا أشهد/ مين قتل فينا الأمان ؟ وتستعد المرسي لإصدار ديوانها الثاني "لحد إمتى" التي تضمنه قصائد في حب مصر، وأخرى عن الثورات العربية التي تشهدها سوريا وليبيا واليمن، وفي قصيدتها "فَرَح عربي" المهداة إلى أرواح أطفال سوريا ومنها نقرأ : بطاقة دعوه مفتوحة/ فرح عربي ما لوهش حدود/ وسوريا عروسه مخطوفة/ لكن صامدة/ ورافعة راسها فى الكوشة/ قمر وايديها منقوشة/ بحنة يمني معجونة/ بدم شهيد/ وشال ليبي من المختار/ وبيرفرف على كتافها/ خيطانه حافظه أوصافها الشاعرة التي تمتلك حضانة للأطفال في أمريكا، تكتب مجموعة قصصية للأطفال بعنوان "دموع العصافير" عن أشهر مشكلات الأطفال في أمريكا، مثل التحرش الجنسي والانفصال وغيرهم. وتتذكر الشاعرة جمال عبدالناصر والذي تعتبر أنه أول من شجعها على الكتابة حينما أرسلت له قصيدة تمتدحه فيها، وأعربت عن أملها في التفوق بالثانوية للقائه، فرد عليها بخطاب يتمنى أن يراها ويستحسن قصيدتها . محاكمة الرئيس السابق حسنى مبارك قوة الجيش "شاعرة الثورة" كما أطلق عليها محبوها على "فيس بوك" تتفاءل بالقادم في مصر، وتشيد بدور الجيش، الذي نزل إلى الميدان يوم 28 يناير كالأم الحنون، ولا تلومه في فض الاعتصامات، فبرأيها يجب أن تكون هناك قوة رادعة تحترم في مصر، حتى تتقدم. تواصل: في أمريكا شرطي المرور لديه صلاحية إطلاق الرصاص دون محاسبة، فالقوة تحقق القانون. وتشبه الشاعرة مصر بالمطبخ العالمي الذي يضم طهاة من كل العالم، لكن نصف الطهاة يخفون سماً في جيوبهم، قائلة: لا نستطيع أن ننكر أن مصر هي رمانة ميزان المنطقة، وتقدمها يهدد إسرائيل، ولذلك من مصلحة الكثيرين أن تبقى تحت السيطرة. ديوان "انتباه يا مصر" يترجم حالياً إلى الإنجليزية، من خلال مركز أدبي عربي بأمريكا، وتقول الشاعرة أن الأمريكيين مهتمون بثورة مصر وفرحون بها، وقد كانت تتلقى يومياً مكالمات عديدة من أصدقائها هناك تعبر عن ذلك ، ولذا فهي تسعى لتسجيل إنطباعاتهم عن الثورة وإرسالها للقنوات المصرية وعرضها على العالم . وقد انتقدت المرسي معاملة السفارة المصرية للمصريين في الخارج، وكأنهم لا قيمة لهم. وتعلق على محاكمة الرئيس السابق مبارك بأنه حدث تاريخي، أعطى انطباعاً للعالم أن مصر تسطر التاريخ من جديد، وأن الشعب المصري كسّر جدران الخوف. وتقول لمن لا يزالون يتعاطفون مع مبارك كيف نتسامح مع موظف خان أمانته، لا زلنا تحكمنا العاطفة تحكمنا، ولم ندرك بعد أن وهم الحاكم الإله انكسر، وفي المستقبل القريب سندرك أنه لا احد فوق مصر أو القانون.