كتاب مصري : القرن الآسيوي عملاق العالم القادم غلاف الكتاب محيط – رهام محمود القاهرة : أكد المحلل السياسي المصري عاطف الغمرى أن صعود الصين اقتصاديا بدأ فى نهايات القرن العشرين، بعد أن كانت الولاياتالمتحدةالأمريكية هى التى تقود الاقتصاد العالمى، وقد ساعد الصعود الصيني على صعود المحيط الإقليمي المتمثل في دول شرق آسيا بحيث أصبحت مركز الجاذبية الدولية . جاء ذلك في ندوة شهدتها نقابة الصحفيين مساء أمس بمناسبة صدور كتاب "القرن الأسيوي .. الصين تغير ميزان القوى العالمية" لعاطف الغمري ، والصادر عن دار "نهضة مصر" ، وقد شارك بمناقشته منصور إبراهيم مدير مركز الدراسات المستقبلية التابع لمركز المعلومات بمجلس الوزراء. أشار مدير الندوة الكاتب الصحفى عبد المنعم فوزى إلى أن مؤلف الكتاب كان مديرا لمكتب صحيفة "الأهرام" في لندن، ومسئول عن الجريدة في أمريكا، ولذلك فهو في كتبه يضع خبرة خاضها بنفسه في أمريكا والشرق الأوسط ، وقد أكد بكتابه أن الساسة المصريين يهتمون بالغرب وليس بآسيا برغم أنها قوة صاعدة وربما ستعلو على نظيرتها الغربية . والكتاب حافل بآراء الخبراء والمحللين من الصين ودول شرق آسيا ، فنجد السفير الصيني يؤكد أنه مازال هناك مليون نسمة ببلاده تحت خط الفقر ولذا فهم يحاولون القضاء على الفقر نهائيا بحلول 2050 ليصبحوا القوة الأولى . أما المؤلف فاسترجع رحلته لسنغافورا التي كانت قبل 15 عاما من أفقر دول جنوب شرق أسيا، واستطاعت على يد رئيس وزرائها أن تنهض ويتساوى دخل الفرد فيها مع نظيره في الكويت، على الرغم من أن سنغافورا ليس لديها موارد بترولية او حتى غذائية. الرئيس الصيني هو جنتاو وحينما تولى الرئيس الصيني هو جنتاو مهام منصبه قام مباشرة بزيارة سنغافورا، بعد أن تابع نجاح تجربتهم، وعاد لبلاده مطلقا برامج عملت على إحداث قفزة اقتصادية أوائل الثمانينات، وقد كان حجم اقتصاد البلاد 20 مليار دولار حينما تولى، وهو حاليا 900 مليار دولار نتيجة التنمية الاقتصادية. وهذا ما جعل المحللين الغربيين يطلقون عبارة "القرن الآسيوي" الذي سيشهده العالم قريبا، بعد أن عاش في "القرن الأوروبي" ومن بعده "الأمريكي" . أكد الغمري خلال الندوة أن التجربة الاقتصادية في الصين حققت معدل تنمية 10% متوسط، وهذا أكبر معدل تنمية بين دول العالم، كما أن بعض المناطق في الصين التي أحيطت بظروف اقتصادية مساعدة وصلت التنمية فيها إلى 14%. يعتبر مؤلف الكتاب أن التنمية في الصين فريدة، فهي ليست اقتصادية فحسب وإنما كاملة ، فالتنمية تسير بخطوات واسعة توازي حركة الكشوف العلمية والإبتكارات المستمرة هناك، والتي صنعت تنافسية الصين مع دول العالم، والعنصر الهام في التنمية الصينية كذلك هو "المعرفة" وهي ليست جمع المعلومات وإنما محاولة التثبت من أوضاع العالم وظروفه بحيث توضع الخطط المستقبلية على رؤية سليمة . كما أن التنمية في الصين بنيت على ركنين آخرين : الموارد والأسواق؛ فليست العبرة بوجود الموارد الأولية ولكن الصين استطاعت استغلالها وإدارتها بطريقة فعالة للغاية ، أما عن الأسواق فهي داخلية وخارجية، الأولى تستوعب الإنتاج الصيني لتساعد على التنمية ، وهو ما ساعد على تخليص نحو 400 مليون صيني كانوا رازحين تحت خط الفقر في السنوات الأخيرة . وهذا المفهوم جرى مع دول آسيوية أخرى ، والتي تقيس التنمية ليس بالمؤشرات الاقتصادية الصماء وإنما بطريقة أكثر اقترابا من الحقيقة وأهمها عدالة توزيع الثروة على المواطنين ومدى قدرتهم الشرائية الحقيقية . وقال الغمري: دول كثيرة بدأت في دراسة التحول في آسيا نتيجة لما فعلته الصين، لكن الأهم هو رد فعل الولاياتالمتحدة التي تخشى زوال عصرها، كما تحدثت العديد من الكتب الأمريكية عن هذا الموضوع. وفي الغالب سيشهد النظام العالمي في الفترة القادمة تعددية في القوى الكبرى وهذا أمر إيجابي سيساهم في حل كثير من المشكلات الراهنة ، وقد أدرك أوباما ذلك جيدا . في الكتاب يتوقف عاطف الغمري عند مكانة العالم العربي مما يجرى في عصر تنافسي ، والاقتصاد هو أول عناصر التنافس، ونجد أن العرب هم أكبر مستهلكين لإنتاج العالم رغم ثرواتهم الهائلة ، لكنهم لا يستطيعون صنع تنمية اقتصادية أو نهضة علمية وتعليمية . وينبغي على الدول العربية السير بحذو كثير من الدول التي أعادت النظر في سياستها الخارجية واتجهت شرقا نحو آسيا ، وهو ما فعلته مجموعة الإتحاد الأوروبي. من جانبه رأى د. منصور إبراهيم أن الكتاب يظهر كيف تجاهل العرب القوة الصينية ولا زالوا يراهنون على أمريكا في معظم علاقتهم الاقتصادية والسياسية ، رغم أن الصين وحدها تزيد صادراتها عن 600 مليون دولار، في حين أن مصر تصدر بخمسة ملايين دولار فقط. مضيفا أن خريطة النفوذ الصيني الدولية نجد فيها الحاجة دوما لقوة نفطية وطاقة ، فالصين بلد فقير في البترول وموارد الطاقة، وهذه الموارد هي التي يقوم عليها النمو الاقتصادي الصيني، وعلى العرب تحسين صلاتهم بالصين علما بأن 31% من تجارة الصين تمر عبر قناة السويس، وفي عام 2050 سيمر 50% من تجارة الصين بالقناة. شنغهاي ولفت المتحث إلى أن الصين لديها تجربة ثقافية هامة وليس اقتصادية فحسب، وتجربتها هذه مبهرة أيضا، والكتاب يظهر كيف أن التقدم الاقتصادي الحقيقي لابد أن يكون مصحوبا بهوية ثقافية حقيقية؛ فالصين حريصة على لغتها القومية. كما أكد أن العرب يحق لهم التفاؤل بهذا الصعود الصيني الذي يخلصهم من بطش القوة الواحدة المهيمنة، وخاصة أن الصين ليست من الدول المعروفة بماضيها الإستعماري أو الهيمنة على ثروات الأمم الأخرى وأراضيها . ومع ذلك يختتم الكتاب بتساؤل : هل سيحول إنتاج الصين الكبير هذه الدولة لإمبريالية ( استعمارية) جديدة ؟ ويعني الإستعمار الإقتصادي؛ فالمنتج الصيني بات في كل بيوتنا لرخص سعره . الكتاب أثار تساؤل آخر حول تراجع الحريات والديمقراطية في الصين، رغم تقدمها في شتى المجالات الأخرى، وهنا يكون التساؤل هل يظهر جيل جديد من الصينيين يعترفون بالحريات والتجربة الليبرالية بدلا من تجربة الحزب الشيوعي ، بأن يتحول مثلا لحزب اشتراكي ديمقراطي . يقع الكتاب فى 176 صفحة من القطع الصغير. ويتضمن 11 فصلا هم: صعود الغرب، هبوط الغرب وصعود الشرق، قصة صعود الصين، الحلقة الإنتاجية الآسيوية، مركز الجاذبية الدولية ينتقل إلى آسيا، نموذج للتنمية في العالم الثالث، الصين منافسا في السوق العالمي للطاقة، أمريكا والصين وتقارب المصالح، وإشكالية الديمقراطية فى الصين والعالم العربى. أصدر الغمري ستة كتب من قبل وهى: من يحكم أمريكا، انقلاب في السياسة الأمريكية، الشرق الأوسط الكبير، أزمة الديمقراطية، الإصلاح السياسى.. من أين يبدأ؟، وأمريكا في عالم يتغير.