حي الزمالك يعتبر من أصغر أحياء القاهرة من حيث المساحة ، وأعرقها من حيث البنية الاحتماعية لساكنيه، لم يتأثر مستوى رقي الحي العريق طول عصور مضت بأية تغيرات اجتماعية أو سياسية طرأت ، بل ظل الطابع الأرستقراطي غالبا عليه حتي اللحظة. فهو مجمع سكني للأثرياء والمشاهير والأجانب حيث يبلغ عدد المصريين به حوالي 52% في حين تقدر نسبة الأجانب ب 48% . وتعرف كلمة الزمالك في اللغة التركية بمعنى العشش والأكواخ ، وهى العشش التى انتشرت فى الجزيرة بالقرن التاسع عشر ومفردها " زملك " وبانتشار تلك الاكواخ أو الزمالك اشتهرت المنطقة بذلك الاسم ، ويقال إنها كانت سكناً لحاشية وحرس الخديو محمد على باشا، والي مصر فى النصف الأول من القرن التاسع عشر وقد وبرزت ارستقراطية الحي العريق مع اختيار كبار رجال الدولة العيش فيه وتفضيله عن باقي الأحياء السكنية الراقية ومن بين هؤلاء حسن باشا صبرى، رئيس الوزراء الأسبق، ويعد الشارع الذى يحمل اسمه من أشهر شوارع الزمالك . اما عن الجانب الاجتماعي لسكان الحي فإننا نجدهم يتمتعون بالهدوء والارستقراطية والرقي علي السيد المقيم بالحى أحد سكان الحي ويقطن به منذ عام 1948 قال إنه شاهد العديد من الأحداث والتغيرات التي طرأت على هذا الحى مشيرا إلى أنه كان يوجد عدداً كبيراً من أفراد الجالية اليهودية يعيشون فى حي الزمالك ، وكانوا يرفعون شعار الدين لله والوطن للجميع لذا لم يكن اليهود يحتاجون الى أى نوع من أنواع الحماية لأنهم كانوا مواطنيين عاديين ويتعايشون معاً فى سلام فكانوا جيران وزملاء بالدراسة وأصدقاء ..ويذكر أن ابنته فى الصغر تعرضت للموت وقد أنقذتها سيدة يهودية كانت جارة لهم إلا أنهم اختفوه تدريجياً ونادراً ما نجد يهوديا يقطن حتى الآن بالحى . وأضاف بأن أعدادا كبيرة من المشاهير والفنانين كانت تسكن به مثل اسماعيل ياسين وام كلثوم وعبد الحليم حافظ وسعاد حسنى وفاتن حمامة وأمينة رزق ورشدى اباظة ومحرم فؤاد وشريهان ويسرا وعزت ابو عوف وليلى مراد وأنور وجدى وسعد أردش . وحكى عن بعض مشاهداته التي سجلها على النجوم بحكم الجيرة فقال إن الفنانة أمينة رزق كانت لاتملك سيارة وكانت تستخدم الاتوبيس فى تنقلتها وكانت متواضعة وتتحدث إلى المواطنيين بمنتهى البساطة ويذكر موقف أن احدى راكبى الاتوبيس كان يسألها " مش حنشوف حاجة ليكى قريب فى التلفزيون فأجابته أمينة رزق ربنا يبعت " وإشار إلى أن اسماعيل ياسين لم يكن من سكان الزمالك الأصليين بل قام باستئجار فيلا بالحي بعد شهرته الواسعة . وعن ليلى فوزي أجاب بأنها كانت تقوم بشراء سلعها الاستهلاكيه بنفسها بشكل منتظم من سوبر ماركت شهير بشارع البرازيل . وأضاف بأن الموسيقار محمد عبد الوهاب وأولاده كانوا يتعاملون بمنتهى الهدوء والتواضع مع من حولهم . وعن عبد الحليم حافظ فقال إنه كان يسكن أمام حديقة الأسماك وكان يهوى تصوير الحديقة صباحاً لجمالها الخلاب . واسطرد قائلاً إن الفنانة ماجدة كانت تتردد على اتيليه لتفصيل الملابس بالحى وكانت تتمتع بالتواضع والطيبة والشهامة وكان يتردد ايضاً على تلك الاتيليه مجموعة اخرى من النجوم مثل نادية لطفي وصباح وغيرهن . وذكر أن عمارة ليبون وهي من أشهر العمارات الموجودة بالزمالك كان يتم التصوير بها للعديد من الأفلام الشهيرة وكان يسكنها كبار الفنانين مثل ليلى مراد وأنور وجدى وفاتن حمامة ومحرم فؤاد وشريهان . واستكمل بأن امتلاك عقار بالزمالك ليس بالأمر السهل حيث ارتفاع أسعار الإيجارات والتميلك به حيث تجد أسعار الشقق تبدأ من مليون جنيه اذ كانت المساحة صغيرة وتصل أحياناً إلى 7 ملايين جنيه في حين أقل ايجار بها يبدأ من 3 الاف جنيهاً شهرياً نظراً لما تتمتع به المنطقة من رقي ونظام وهدوء . وحى الزمالك يملك به من المبانى والمعالم والتاريخ ما يجعله من قبلة للسائحين بل ويعتبر من مصاف الاحياء السياحية الأولى بالقاهرة . فهو به برج القاهرة الذي تم بناؤه في عهد الرئيس جمال عبد الناصر وكانت قد أعطت الولاياتالمتحدة لمصر 6 ملايين جنيه بهدف التأثير على موقفها المؤيد للقضية الجزائرية ضد الاحتلال الفرنسي لكن الملايين الستة لم تخدع عيون الرئيس عبد الناصر لتغيير موقفه تجاه القضايا العربية ورفض حتى أن يخصصه للانفاق على البنية الأساسية في مصر رغم احتياج البلاد وقتها لهذا المبلغ ولكن أراد عبد الناصر أن يبني بناء يظل علماً بارزاً مع الزمن ويحفظ كرامة المصريين حتى وإن كانوا في أشد الاحتياج للمال . حديقة الاسماك أنشأها الخديوى اسماعيل فى عام 1867 وقد طلب من مدير متنزهات باريس إحضار أحد الخبراء لتصميم الحديقة .. وكان الغرض من إنشائها هو استقبال حبيبته الإيطالية بها ثم قرر استقبال الملوك والحكام بها أيضا . عمارة ليبون : من أشهر و أهم عمارات حي الزمالك وكان يسكن بها مجموعة كبيرة من أشهر الفنانين وترجع ملكية العمارة إلى الخواجة تشارلز ليبون ومن ثم سميت باسمه وقد كان من عائلة يهودية فرنساوية سمح له محمد علي والى مصر بالاستثمار وتأسست شركة ليبون لتوفير النور الكهربائي لشوارع الاسكندريه و بعدها اخدت توكيل تنوير شوارع القاهرة فامتلكت الشركة العماره وسمتها " عمارة ليبون ثم اتنقلت ملكيتها للحكومه المصريه بعد تأميم الممتلكات الأجنبيه فى مصر. دار الاوبرا المصرية : من أشهر معالم الحى وقد قام بإنشائها الخديوى اسماعيل بعام 1869بمناسبة افتتاح قناة السويس حيث اعتزم دعوة عدد كبير من ملوك وملكات أوروبا وتم بناء الأوبرا خلال ستة أشهر فقط بعد أن وضع تصميمها المهندسان الإيطاليان أفوسكانى وروس. نادى الجزيرة : شيد النادى في عام 1882 كمتنزه للأثرياء وعلية القوم وكان يتميز بالمساحة الشاسعة وخاصة ملعب الجولف الذى قرر الرئيس جمال عبد الناصر تخصيص جزء منها كمركز شباب رياضي للبسطاء الرياضة ومازال قائما الى الآن . فندق ماريوت : من أشهرالفنادق التاريخية في القاهرة حيث بناه الخديوي إسماعيل وكان أصله قصر الجزيرة ليكون المقر الرسمي لضيوف احتفالات افتتاح قناة السويس خاصة ضيفة الشرف الامبراطورة أوجيني زوجة الامبراطور نابليون الثالث وقد جلب له أفخم ما يمكن الحصول عليه من ديكورات واكسسوارات من باريس و برلين في ذلك الوقت. وقد كلف ذلك الدولة حوالي ثلاثة أرباع المليون جنيه . وفي عام 1879 بيع القصر لشركة الفنادق المصرية لسداد جزء من ديون الخديوي إسماعيل وتم تحويله إلى فندق قصر الجزيرة وبعد انهيار حركة السياحية في مصر أثناء الحرب العالمية الأولى قررت الشركة المالكة بيع القصر في عام 1919 إلى أحد الأثرياء اللبنانيين وهو الأمير حبيب لطف الله الذي حوله إلى سكن خاص ، وفي عام 1962 تم تأميم القصر وتحويله مرة أخرى إلى فندق باسم فندق عمر الخيام ثم في بداية السبعينيات تولت شركة ماريوت العالمية إدارة الفندق . ساقية الصاوي .. و هي أحد أهم معالم الزمالك حيث تعتبرمن أول المراكز الثقافية الخاصة في مصر وأوسعها انتشارا اليوم ، كما تعد نموذجاً للكيانات الثقافية الخاصة في عصر ما بعد الثقافة الحكومية. اقرأ أيضا ** بالصور .. حكاية حى شبرا