مع إعلان قطر لأكبر موازنة في تاريخها للعام المالي الجديد الذي بدأ أمس الثلاثاء، وبلغت نحو 62 مليار دولار بزيادة نحو ملياري دولار عن العام السابق، يرى المحللون أن الزيادة لم تكن بالضخامة المتوقعة في ظل استعدادات قطر لمشاريع كاس لعالم 2022، والتي أعلنت عن مخصصات لها للمرة الأولي في الموازنة الجديدة. وأقرت قطر الأحد الماضي، موازنة العام المالي الجديد 2014 / 2015 التي تعتبر الأكبر في تاريخها، وأشارت إلى أن الموازنة خصصت 75.6 مليار ريال (21 مليار دولار)، لاستكمال المشاريع الرئيسية في توسيع البنية التحتية وتحديثها والبدء في تنفيذ ملاعب كأس العالم 2022. وقدرت الإيرادات للسنة المالية 2014/2015 في قطر بلغ 225.7 مليار ريال (62 مليار دولار) اعتمادا على سعر 65 دولارا لبرميل النفط في مقابل 218 مليار ريال (60 مليار دولار) في موازنة العام الماضي، بزيادة قدرها 7.7 مليار ريال (2 مليار دولار) وبنسبة 3.5%. خفض الإنفاق ورغم أن موازنة العام الحالي أكبر من حيث الإنفاق والإيرادات بمتوسط 3.6%، لكن هناك خفض في تقديرات النفقات الجارية والاستثمارية في الموازنة الجديدة والذي جاء متسقا مع الاتجاه الجديد الذي أكده مسئولون في قطر، وعبروا عن سعي بلادهم لمحاولة خفض الإنفاق الحكومي من أجل مواجهة أي تضخم متوقع في ظل السيولة الكبيرة التي تشهدها البلاد، وحجم الإنفاق الضخم على مشاريع البنية التحتية ومشاريع كأس العالم. ويقول الدكتور رجب الاسماعيل أستاذ الاقتصاد في جامعة قطر لمراسل وكالة "الأناضول" :"إن هذه الموازنة تركز على المشاريع الأساسية، وخاصة مع زيادة المخصصات لقطاعي الصحة والتعليم، حيث احتلت مخصصات القطاعين 54% من إجمالي المصروفات في الموازنة"، معتبرا أن تخصيص النسبة الأكبر من الموازنة لقطاعي الصحة والتعليم يعكس المنهج التنموي الذي تتبعه قطر. إعادة توزيع وأفاد بأن أهم ما يميز الموازنة الجديدة، هو إعادة توزيع إنفاق الدولة، ففي الوقت الذي شهدت النفقات الجارية والاستثمارية انخفاضا بنحو 8 مليارات ريال (2.2 مليار دولار)، وجدنا ارتفاعا في الإنفاق على المشاريع الرئيسية بنحو 17% ليصل الانفاق إلى 87.5 مليار ريال مقابل 74.9 مليار ريال في موازنة العام المالي 2013/2014 أي بفارق قدره 12.6 مليار ريال، في حين أن تقديرات إجمالي المصروفات في الموازنة الجديدة تبلغ 218.4 مليار ريال مقابل 210.6 في الموازنة السابقة وبزيادة قدرها 7.8 مليار ريال، وهو ما يعكس عمليات إعادة التوزيع التي جرت في الموازنة الجديدة. ونوه الاسماعيل إلى أن عمليات إعادة التوزيع أمر طبيعي في ظل مراجعة الدولة لتقديرات مشاريعها والتكاليف المتوقعة للانتهاء من تلك المشاريع، خاصة وأن قطر شرعت بالفعل في العديد من المشاريع الضخمة مثل مشروع مترو الدوحة والميناء الجديد وغيرها من المشاريع. وأشار إلى أن إتباع سياسة متوازنة بين الإيرادات والإنفاق يعكس مدى حرص الدولة على عدم تخطي المصروفات لحاجز الإيرادات المتوقع، حيث توقعت الموازنة أن يكون الفائض النقدي نحو 7 مليار ريال فقط. واعتبر أن مواصلة قطر لتثبيت سعر برميل النفط بالموازنة عند 65 دولار للبرميل عند تقدير الايرادات، إيجابي ويعكس مدى التحفظ الذي تتبعه قطر في موازنتها وحرصها على تحقيق الإيرادات المتوقعة في ظل أي تذبذب ممكن أن يحدث في أسعار النفط. الفوائض النقدية وأوضح أن دولة قطر تتبع سياسة جيدة فيما يتعلق بالفوائض النقدية بتحويلها لصندوق قطر السيادي (جهاز قطر للاستثمار)، لاستثمارها في قطاعات متنوعة سواء داخل أو خارج قطر، وهو ما يعد استثمارا من أجل توفير احتياجات الأجيال في المستقبل، مشيرا إلى أن قطر أيضا تعمل من خلال تلك الفوائض على تنمية القطاعات المختلفة من الاقتصاد المحلي من أجل ضمان مساهمتها في نمو الناتج المحلي. وذكر رجل الأعمال عبد العزيز عبد الرحيم العمادي نائب رئيس غرفة تجارة وصناعة قطر السابق، أن موازنة قطر تعد ضخمة مقارنة بعدد السكان وحجم الدولة، ويرى أن أهم ما يميز تلك الميزانية، ليست حجمها فقط ولكن ايضا توزيع بنودها التي ركزت بشكل أساسي على بناء الإنسان وبناء الدولة. وأضاف، في تصريح لوكالة الأناضول، أن الموازنة اهتمت بشكل كبير بقطاعي التعليم والصحة، وهو ما يعكس اهتمامها ببناء الإنسان إلى جانب اهتمامها بإكمال المشاريع الرئيسية في البنية التحتية، وهو ما يشير لاستمرار الحكومة في سعيها لاستكمال شبكة البنية التحتية التي تحتاجها قطر. وأوضح أن هناك العديد من المستفيدين من جراء تلك الموازنة الضخمة سواء المواطنين أو المقيمين، إلى جانب الدول التي تتعامل اقتصاديا مع قطر والتي ستشهد التعاملات التجارية مزيدا من التطور والنمو في ظل زيادة قطر لوارداتها لتلبية احتياجاتها من الخدمات والسلع. وتوقع العمادي ارتفاع مستويات التضخم مع تنفيذ المشاريع الضخمة في قطر والتي أدرجت الدولة مخصصات لها في الموازنة الجديد، قائلا إن تنفيذ تلك المشاريع تعني زيادة في عدد السكان وزيادة الطلب على السكن، وما يتبعها في ارتفاع أسعار الإيجارات وغيرها من الخدمات المرتبطة بتلك الزيادة والتي تعد محركا أساسيا في نسب التضخم، هذا إلى جانب التضخم المرتبط بالاقتصاد العالمي من ارتفاع أسعار المواد الغذائية.