محمد نجيب مات ورصيده 624 جنيهاً أوصى منهم ب90 جنيهاً لخادمته! صلاح وجمال سالم تطاولا على نجيب وأحدهما طالب باغتياله! الكتاب يكشف عن تنظيمين للضباط الأحرار أحدهما عام 1936 هيكل همّش دور نجيب في الثورة وسخر منه في صفحة الوفيات! المؤلف: محمد نجيب لم يكن إخوانياً ..وتخلى عمّن سانده كان رئيساً مثقفاً يتقن خمس لغات..وأول رئيس يزور الكنائس والمعابد قال الكاتب محمد ثروت المستشار الإعلامي لمجلس النواب بمملكة البحرين، أن الرئيس الراحل محمد نجيب ظُلم حياً وميتاً، ولم يرفع عنه الظلم إلى الآن، فعلى الرغم من منح أسرته وسام الجمهورية من الطبقة الأولى، إلا أن هذا غير كافياً لأن أجيال كثيرة من المصريين، لا تعرف من هو محمد نجيب. وقال في تصريحات خاصة ل"محيط" أن اهتمامه بالرئيس محمد نجيب بدأ معه منذ عام 2000 حين كانوا يحتفلون بذكرى ثورة 1923، وحينها كنت متدربا في صحيفة "الأهرام الدولي"، وكلفني حينها صلاح الدين حافظ بعمل موضوع مع رجل الشارع عن ثورة يوليو بعد 50 عاماً. ذهبت إلى "عم رمضان" في ميدان التحرير – يتابع ثروت – وجدته يرفع ثلاث صور فقط لرؤساء مصر، غافلاً صورة محمد نجيب باعتباره رئيساً لمصر، حينها طلبت من صلاح الدين حافظ إعداد موضوع عن محمد نجيب وهو ما تحمس له جداً، وطلب مني البحث في الأرشيف والتواصل مع أحد أفراد عائلته. تواصلت حينها مع اللواء حسن سالم رئيس هيئة البحوث العسكرية، ابن اخت الرئيس محمد نجيب، وكان يقطن في منيل الروضة في بيت محمد نجيب القديم، الذي كان مجاوراً لبيت جيهان السادات حين كانت طفلة. يواصل: طلب مني اللواء حسن سالم حينها ألا أعتمد على تصريحات أفراد عائلته فقط، وأوصلني بالسفير رياض سامي مدير مكتب محمد نجيب حينها، وقد لازمته منذ عام 2000 وحتى رحيله منذ عامين، وأبلغني أن الرئيس عبدالناصر في أزمة مارس 54 خيرني بين أن أكون سفيراً خارج مصر، أو أن أذهب للسجن. تواصلت مع مدير مكتب محمد نجيب الذي أوصلني بباقي المقربين من محمد نجيب. سألناه عن الطبعة الأولى من الكتاب فقال.. أن الطبعة الأولى من الكتاب صدرت عن جريدة الجمهورية عام 2007، لكنه لم يحظ بمستوى الانتشار أو الطباعة اللائق. فالجمهورية تعامل مع الكتاب باعتباره جريدة على حد قول المؤلف. الكتاب ملئ بالوثائق..سأله "محيط" عن أبرزها فقال: أهم وثيقة هي أن الكتاب يكشف عن وجود تنظيمين للضباط الأحرار، الأول كان عام 1936 بقيادة القائمقام / عقيد رشاد مهنى، الذي جعله عبدالناصر فيما بعد واصياً على عرش الملك من أجل الإطاحة به. هذا التنظيم الأول انضم له كبار الشخصيات في الجيش حينئذ، وقد كان رشاد مهنى يتمتع بشخصية قوية حتى ان البوليس السياسي كان يخشى من اعتقاله نظراً لما يتمتع به من شعبية. سألناه عن كيفية معالجته لأزمة مارس الشهيرة عام 1954 بين محمد نجيب وعبدالناصر، فأوضح أن الأزمة برأيه كانت صراعاً بين جيلين، وقد كنت محايدا في السرد، فأرى أن عبد الناصر وفريقه لم يكن مخطئاً فالثورة يجب ان تستمر ولها تبعات، وهكذا فريق محمد نجيب انتصروا للسن والخبرة، لذلك هي أزمة بين جيلين. وعن الإقامة الجبرية لمحمد نجيب اول رئيس لمصر وكيف عالج هذا في كتابه..قال:ظل الرئيس محمد نجيب 29 عاماً في منفى بالمرج، دون أن يلتفت إليه أحد، لولا أن صحفي لبناني كتب أن رئيس مصر محتجز في منفى بين القطط والكلاب، حينها تدخل عز الدين مختار رئيس ديوان الرئيس السادات، وطلب منه الإفراج عن محمد نجيب لأن سمعة مصر على المحك كما قال، واستجاب الرئيس السادات وأفرج عن محمد نجيب، لكنه لم يكرمه، والوحيد الذي نقله لفيلا القبة هو الرئيس الأسبق حسني مبارك كما حضر جنازته، وأهدى محمد نجيب إليه كتابه "كلمتي للتاريخ" الذي أوصاه فيه بالسودان خيراً. وعبر "محيط" طالب الكاتب محمد ثروت الدولة بإخراج وثائق لجنة كتابة تاريخ ثورة 23 يوليو، فقد كان هناك لجنتان للكتابة كما قال، الرئيسية برئاسة النائب حسني مبارك وقتها عام 1975، واللجنة الفرعية العسكرية برئاسة اللواء مصطفى ماهر؛ ولديها وثائق خطيرة، مضيفاً: استطعت الحصول على بعض وثائقها من الضباط أنفسهم، متمنياً ان تخرج نتائج هذه اللجنة للإطلاع على نتائجها، قائلاً: "الرئيس السادات حين قراءته للنتائج ظل يضحك فقد كان مستمتعاً بقراءة سب زملائه لبعضهم!". مأساة نجيب وأسرته في حفل التوقيع، أكد الناشر عماد عاشور صاحب دار "الحياة" أنه وافق على نشر الكتاب قبل قراءته، فاطلاعي على الصور والوثائق كان كافياً لموافقتي على النشر، وقد طُرح على المعرض ولقى احتفاء إعلامي به، في مصر والدول العربية. من جانبه قال الكاتب محمد ثروت في كلمته بالحفل، أن الخادمة "فتحية" هي سر محمد النجيب حتى أنه كان يطلق عليها "الصول فتحية" لأنها لم تؤت شيئاً من الجمال، وقد تولى نجيب رعايتها من منذ صغرها قبل أن يصبح رئيساً. وتعرض لأسرته والمأساة التي عاشها بفقدهم، فقد قُتل ابنه "علي" في ألمانيا لأنه كان مناهضاً للصهاينة، ومعروف ان اللوبي اليهودي كبير في ألمانيا. وابنه "فاروق" تشاجر مع المخبر الذي كان يحدد إقامة والده في الفيلا، فاعتقله المخبر وأصيب "فاروق" بمرض القلب ورحل متأثراً بإصابته بالمرض. ابنه الأخير "يوسف" عمل سائقاً للتاكسي وتكفل به رجل الأعمال الشهير عثمان أحمد عثمان وعينه عنده، لكن نتيجة الضغوط التي مورست عليه فصله من عمله!، وتوفيت زوجة محمد نجيب متأثرة بمرضها ولم تجد العلاج اللزم لها، وعندما رحلت أخته لم يستطع توديعها لمثواها الأخير. وأكد ثروت أن الضباط الأحرار الذين بلغ عددهم 90 ضابطاً، كل منهم تقريباً كتب مذكراته التي حملت روايات متناقضة ومتعددة عن الواقعة الواحدة، لذلك آثر أن يعتمد في كتابه على الوثائق الخاصة بالرئيس محمد نجيب. ولفت إلى أنه في أزمة مارس 1954 انحاز كل مؤرخ إلى طرف من الأطراف، لذلك كان من المهم الخروج بكتاب يكشف الحقائق في حياة محمد نجيب. تلاسن هيكل ونجيب يؤكد الكاتب محمد ثروت أن الكاتب والصحفي الكبير محمد حسنين هيكل حاول تشويه صورة محمد نجيب وقال أنه سوداني، ونريد رئيساً مصرياً خالصاً، وهو ما ينفيه الكتاب فوالدة محمد نجيب ليست سودانية، هي فقط ولدت في السودان لأب مصري كان يعمل ضابطاً هناك. وتحدث "ثروت" عن الأزمة بين هيكل ونجيب حينها، فقد اتهم "نجيب" "هيكل" بانه على اتصال بأمريكا، وحينها رد "هيكل" أن محمد نجيب دوره هامشي في الثورة حتى انهم "صحوه من النوم وأبلغوه بحدوث الثورة"!. حاول "نجيب" ان يرد في الأهرام فلم تنشر في البداية رده، ثم سخرية منه نشرت الرد في صفحة الوفيات!. يواصل: لجأ نجيب إلى القضاء لحسم الأزمة، وحينها خشي "هيكل" من التصعيد وتطور الصراع، واعتذر هيكل في مقال جاء فيه انه لا يمكن إنكار دور محمد نجيب في الثورة باعتباره أباً روحياً للضباط الأحرار. العلاقة مع الإخوان عن علاقة محمد نجيب بالإخوان المسلمين، يقول المؤلف أن الإخوان استثمروا الصراع بين عبدالناصر ومحمد نجيب، وخرج أحد قادة الإخوان حينها عبدالقادر عودة وهتف بحياة محمد نجيب، وحينها ظن عبدالناصر أن الإخوان سيساندون نجيب في الأزمة. لكن هذا لم يحدث كما يؤكد المؤلف، فموقف الإخوان كان ملتبساً من الأزمة، فبعدما رأوا أن كفة عبدالناصر أرجح في الصراع تهربوا من مساندة محمد نجيب، لكنهم لم ينحازوا لعبدالناصر. ونفى المؤلف أن يكون لمحمد نجيب أي توجهات إخوانية، فقد كان ليبرالياً ولم تكن له توجهات إسلامية على الإطلاق، والدته وزوجته وإخوته البنات لم يكنّ محجبات. وفي كتاب محمد نجيب "مصير مصر" الذي كتبه بالإنجليزية تحدث بصراحة عن توجهه الليبرالي، والكتاب خُرق وصودرت كل نسخة ما عدا واحدة كانت في السودان!. وتعليقاً على أزمة مارس 1954 أكد المؤلف محمد ثروت أن الأزمة كانت صراع بين جيلين، فمثلاً الشباب في مجلس قيادة الثورة مثل صلاح وجمال سالم، كانوا يرفضون تماماً أفكار محمد نجيب بل ويريدون تحطيم هذا التمثال للأب الكبير، فكان مثلاً صلاح سالم بحكم موقعه يمنع إذاعة خطبه رغم كونه رئيساً للجمهورية. كان صلاح وجمال سالم بهم نزق الشباب كما يؤكد الكاتب، والدليل على ذلك كما يشير أن الأميرة فايقة شقيقة الملك فاروق اشتكت جمال سالم إلى محمد نجيب، حيث حاول التحرش بها ومضايقتها، فالتصرفات غير الأخلاقية كانت موجودة داخل مجلس قيادة الثورة على حد تعبير المؤلف. يتابع ثروت: تحمل نجيب الكثير من جمال وصلاح سالم، فحين كان نجيب يودع الملك السعودي عام 54 وهو يغادر القاهرة، أظهر له حفاوة بالغة حتى أنه خالف القواعد الدبلوماسية وارتقى معه بعض درجات سلم الطائرة، حينها جذبه جمال سالم ليعيده معه؛ فقد ظن أن نجيب سيهرب مع ملك السعودية الأمر الذي يضر مصر. والمثير في الأمر كما يشير الكتاب أن الأخوين جمال وصلاح سالم، كانا من أكثر المحرضين ضد محمد نجيب بعد ذلك، حتى أن جمال سالم قدم اقتراحاً غريباً أثناء اشتعال الخلاف بين عبدالناصر ونجيب يقضي باغتيال محمد نجيب!. كذلك يورد المؤلف ما قاله رئيس لجنة مصادرة أملاك أسرة محمد علي د.محمود الجوهري الذي أكد في كتابه أن هناك أشياء كثيرة نهبت وبيعت في أوروبا!. وعتب المؤلف على محمد نجيب لكونه "طيب القلب" فلم يكن يريد إراقة دماء رغم أن الجيش كان يقف معه، فقد جاءه قائد الحرس الجمهوري محمد أحمد رياض وأبلغه أن مجلس قيادة الثورة في اجتماع الآن، وطلب منه السماح باعتقالهم جميعاً، لكن نجيب رفض فقد كان على درجة كبيرة من الطيبة وينقصه الحسم على حد تعبير المؤلف. ويعبر ثورت عن اندهاشه من عدم حسم محمد نجيب رغم كونه رئيساً للجمهورية، ورئيساً للوزراء، ورئيساً لمجلس قيادة الثورة، والحاكم العسكري، والقائد العام للقوات المسلحة. قفد أظهر تردداً كبيراً في مواقف تحتاج إلى الحسم، رغم وجود انحياز شعبي كبير له، فقد كانت صوره الشخصية توزع على الأطفال، كما كان على علاقة بالمثقفين والكتاب، كما تغنى الفنانين بكلماته وغنى له إسماعيل ياسين مونولوج شهير له!. إلا انه لم يستغل هذه الدفعة الشعبية لصناعة أسطورته. يواصل: يحكي خالد محيي الدين في مذكراته، كيف ان بناته طلبوا منه أن يعيد محمد نجيب إلى الحكم بعد الإطاحة به!. وأكد أن التاريخ لن يغفر له ذلك فقد تخاذل عن نصرة من وقف معه، لذلك تم تهميشه في التاريخ والفن، فإما يتم تجاهله في الأعمال السينمائية، أو يتم تصويره باعتباره شخصاً ضعيفاً. نجيب وعلاقاته الدولية عدد المؤلف مزايا الرئيس محمد نجيب، قائلاً أنه أول من حضر قداس الصباح داخل الكنائس، وليس كما قيل الرئيس عدلي منصور هو أول من فعل ذلك، كذلك كان يزور المعابد اليهودية ويزور الطائفة اليهودية، فقد كان يجيد خمس لغات من بينهم العبرية، فقد كان رئيساً مثقفاً. يتابع: عام 1943 وضع كتاباً بعنوان "ماذا يجري في السودان" تنبأ فيها بانفصال السودان، لافتاً إلى أن علاقاته الدولية كانت جيدة، فلا يزال أكبر شوارع الخرطوم بالسودان تحمل اسم "اللواء محمد نجيب"، وأرسل له الرئيس الأمريكي إيزنهاور مسدسه الشخصي تعظيماً له. كما وضعت مجلة "التايم" صورته على الغلاف، وقبّل رأسه الملك السعودي احتراماً له ولسنه، فقد كان يحظى بتقدير رؤساء الخليج. ولفت "ثروت" إلى أنه بالرغم من كل ذلك فقد كان نجيب محكوماً في زياراته برقباء عليه، يفسدون له الزيارة فمثلاً صلاح سالم كان يدبر مظاهرات تهتف ضد الرئيس محمد نجيب حين زار السودان! فقد كان محمد نجيب عليه رقابة صارمة من مجلس قيادة الثورة. وأكد المؤلف أن محمد نجيب مظلوماً حياً وميتاً، ولا أحد يرد له اعتباره حتى أنه في المناهج الدراسية المساحة التي يشغلها ضئيلة جدا. ويروي الكتاب شهادة اللواء حسن سالم قائلاً: "رغم كل هذه المآسي وسنوات الحرمان والمنفى رحل محمد نجيب، ولم يأخذ معه شيئاً من متاع الدنيا وكان رصيده في البنك قيمته 624 جنيهاً فقط لا غير، أوصى بجزء منه يعادل 90 جنيهاً لخادمته "فتحية" التي لا تملك من حطام الدنيا أي شئ وتعيش مريضة في حجرة بمنزل أقارب زوجته المرحومة عائشة لبيب، والباقي لأحفاده".