أكد الدكتور عادل عدوى وزير الصحة والسكان التزام مصر الاستثمار في مجال حقوق الإنسان وبناء القدرات الفردية والكرامة عبر قطاعات متعددة وطوال دورة الحياة باعتباره أساس التنمية المستدامة، مشيرا إلى أن معالجة قضايا السكان في مصر لابد وأن تكون في إطار التنمية الشاملة، وخاصة التنمية البشرية. وقال العدوي إن هذا سيأتي عن طريق الارتقاء بالخصائص السكانية ومراعاة التوزيع الجغرافي المتوازن للسكان، دون إغفال ضبط النمو السكاني بما يتناسب مع معدلات النمو الاقتصادي التي تحققها الدولة. جاء ذلك خلال كلمته الافتتاحية لمؤتمر أولويات السكان والتنمية في مصر ما بعد 2014، بحضور عدد من الوزراء و المسئولين. وأضاف انه لتعظيم العائد من العلاقة الوثيقة بين السكان والتنمية يجب وضع إطار عام لسياسة متكاملة للقضية السكانية بأبعادها الثلاثة المتعارف عليها, يشارك في رسمها الأجهزة الحكومية والقطاع الخاص والمجتمع المدني معا، من أجل التأكيد على تبنيهم لهذا الإطار وتعزيز التزام كافة مؤسسات الدولة وأطياف المجتمعية. وقال انه يجب إلا يفوتنا التأكيد على مبدأ اللامركزية في التعامل مع القضية السكانية بما يتناسب معا للظروف المحلية لكل منطقة, وكذا أهمية دور الإعلام في مجال التوعية المجتمعية. إضافة إلى التوظيف الفعال لأهم النتائج الصادرة عن البحوث والدراسات في ذلك المجال حتى يتسنى إعادة النظر في ترتيب الأولويات ذات الصلة. وأشار لدور مصر الرائد في هذا المجال منذ عقود عديدة على الصعيد الإقليمي والدولي، حيث قامت باستضافة المؤتمر الدولي للسكان والتنمية عام 1994 في القاهرة، هذا المؤتمر الذي صدر عنه برنامج عمل يشمل كافة القضايا ذات الصلة الوثيقة بالسكان. وعلى سبيل المثال تضمن البرنامج فصول حول العلاقة بين السكان ومعدلات النمو الاقتصادي والتنمية المستدامة والنوع الاجتماعي والصحة الإنجابية والتعليم، بالإضافة إلي موضوعات أخري كثيرة تم تناولها من منظور حقوقي يتسم بالشمولية والتكامل. وأضاف انه قد مر عشرون عاماً علي هذا المؤتمر، وتقوم منظمة الأممالمتحدة بعمل مراجعات إجرائية علي كافة المستويات الوطنية والإقليمية والدولية للوقوف على مدي التزام الدول الأعضاء بتنفيذ برنامج العمل الصادر عن المؤتمر وفي هذا الإطار، قام المجلس القومي للسكان في مصر بالاشتراك مع صندوق الأممالمتحدة للسكان بتنفيذ مسح يهدف إلى مراجعة ما تم انجازه منذ عام 1994 في مجالات متعددة من أهمها علاقة القضية السكانية بمعدلات النمو الاقتصادي وموضوعات أخرى مثل تلبية احتياجات المراهقين والشباب وكبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة. إضافة إلي قضية المساواة بين الجنسين وتمكين المرأة وخدمات التعليم والصحة وقد أثبتت نتائج هذا المسح الهام أن مصر قد أحرزت تقدماً ملحوظاً في معظم هذه المجالات ذات الطابع الحقوقي والتنموي. ولفت إلى أن دستور مصر الجديد لعام 2014 قد جاء ليؤكد على العلاقة بين السكان و التنمية من خلال مواد تغطي وبشكل مباشر جميع تلك القضايا وعلي رأسها المادة رقم 41 التي تنص علي الآتي : "تلتزم الدولة بتنفيذ برنامج سكاني يهدف إلي تحقيق التوازن بين معدلات النمو السكاني والموارد المتاحة وتعظيم الاستثمار في الطاقة البشرية وتحسين خصائصها، وذلك في إطار تحقيق التنمية المستدامة ". وتمثل تلك المادة الركيزة الأساسية لكافة المواد المتعلقة بالسكان، كما يتضمن أيضا الدستور الجديد مواد مستقلة حول تمكين المرأة والضمان الاجتماعي والحق في الصحة والتعليم, هذا بالإضافة إلي مواد حول حقوق الطفل وذوي الاحتياجات الخاصة ورعاية الشباب وتمكينهم وحقوق المسنين، إلي أخره من القضايا الاجتماعية والبيئية ذات الصلة. هذا ويمثل دستور مصر لعام 2014 نقلة نوعية في مجالات السكان من منظور متكامل يضمن كافة الحقوق لجميع المواطنين دون تمييز. وفي إطار نفس المراجعات الإجرائية لما تم تنفيذه من برنامج عمل مؤتمر عام 1994 ، استضافت مصر في يونيو 2013 المؤتمر الإقليمي حول السكان والتنمية في الدول العربية لمناقشة الاحتياجات و الفرص المتاحة ما بعد 2014. كما كان لمصر إسهامات قوية في المؤتمر الإقليمي للقارة الأفريقية و الذي عقد بنفس الأهداف بأديس أبابا في أكتوبر الماضي. وتعزيزا لدور مصر الرائد على المستوي الإقليمي و الدولي و استعداداً لمشاركتها في اجتماع لجنة السكان والتنمية التابعة للأمم المتحدة في إبريل القادم، قام المجلس القومي للسكان بعقد ملتقي للخبراء وقادة الرأي المعنيين بالقضية السكانية علي المستوى الوطني، لمناقشة البيان الرسمي الذي سوف تشارك به مصر في هذا الاجتماع.