قال أحمد التوفيق وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية المغربي، أن العلاقات المصرية المغربية ممتدة عبر الزمن، وتحتاج إلى الكثير من الاستقصاء والتعبير الأدبي لسبر أغوار أبعادها الثقافية. جاء ذلك خلال ندوة نظمت، مساء الثلاثاء، بالمكتبة الوطنية للمملكة المغربية بالرباط حول "العلاقات المغربية المصرية". نظمت الندوة السفارة المصرية ومركزها الثقافي بالمغرب، بمشاركة أحمد التوفيق، الأديب ووزير الأوقاف والشؤون الإسلامية المغربي، والكاتب والروائي المصري جمال الغيطاني، فيما تغيب عنها عباس الجراري، مستشار الملك محمد السادس، وفقا لما ذكرته وكالة أنباء الأناضول. وأضاف التوفيق أن "العلاقات المغربية المصرية أكثر من العلاقة بين بلدين، تحددها طبيعة البلدين الزراعية حول النيل، وأنهار المغرب، وتشابه في مرجع الوعي واللاوعي الأدبي، بل تجمعهما وقائع تاريخية وأحداث ساهمت في توطيد الأواصر والأوشاج بين البلدين". وأشار التوفيق إلى أن إلى هذه العلاقات والوشائج تبدو بارزة كالشمس، ولكن "النظر إليها يعود بصاحبه في بعض الأحيان حسيرا". ودعا إلى الرقي بالعلاقات المغربية المصرية إلى مستوى التبادل الحقيقي، المبني على التشارك في العطاء، والكف من اعتبار المغرب بلدا مستهلكا للثقافة، ومصر منتجة له. وأوضح التوفيق أن المغاربة ساهموا في بناء مصر الحديثة، وكان لعلماء المغرب وفقهائها تأثير كبير عليها، مشيرا إلى أن شيخ الأزهر الحالي أحمد الطيب الحساني مغربي الأصل، وبعض مشايخ الأزهر من أصول مغربية. وأكد التوفيق أن علاقة البلدين بدأت قبل كليوباترا، المعاصرة للسيد المسيح، وأن المغرب كان له حضور ثقافي وروحي ومعماري في دلتا النيل منذ العصور القديمة، كما كان لمصر دور كبير في مناهضة الاستعمار، وفي نقل الإسلام إلى المغرب، وفي حماية المولى إدريس الأول. وفي الجانب الصوفي والروحي، الذي يعد التوفيق أحد متخصصيه في المغرب، استعرض التوفيق مجموعة من الأسماء الصوفية المغربية التي كان لها تأثير بالع على المصريين، وعلى رأسهم أبو الحسن الشاذلي، شيخ المتصوفين وأبرز القادة الروحيين، الذين أسهموا إسهاما كبيرا في الوقوف أمام هجوم الصليبيين على مصر أثناء الحملة الصليبية السابعة بقيادة لويس التاسع ملك فرنسا. والشيخ أحمد البدوي أعظم أساتذة التصوف الإسلامي، الذي نشر الدعوة والطريقة الأحمدية في أنحاء مصر والعالم العربي، وانبثقت عنها أكثر من عشرين طريقة في مصر عيرها من البلدان العربية، وهو الشيخ الذي ذكر الملك الراحل الحسن الثاني أهل طنطا به، لما كان في زيارة لها رفقة الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، حسب الوزير أحمد التوفيق. ومن جهته تحدث الكاتب والروائي المصري جمال الغيطاني عن المغرب من زاويته الشخصية، وهن علاقته بهذا البلد الذي تعرف عليه عن بعد، قبل أن تطأ قدماه أرضه، عام 1978، بدعوة من اتحاد كتاب المغرب للمشاركة في ملتقى الرواية العربية، الذي نظم وقتها بمدينة فاس. وقال الغيطاني إنه تعرف على المغاربة من خلال ركب الحجاج الذين كانوا يفدون على قريته جهينة بصعيد مصر، في طريقهم إلى الحج، ويمكثون بها لمدة ثلاثة أيام، وهو الأمر الذي توقف بعد ثورة الفاتح بليبيا عام 1969، حيث أصبح عبور ليبيا صعبا بالنسبة للحجاج المغاربة. وأشار الغيطاني إلى أن صورة المغربي بلباسه الأنيق، ودليل الخيرات في يده، لم تفارقه أبدا، معتبرا أن للمغرب حضورا كبيرا في الثقافة المصرية، فالمغاربة هم الذين بنوا القاهرة في العهد الفاطمي، بحيث مازالت العديد من الشوارع بمصر تحمل أسماء قبائل مغربية (زويلة، كتامة، الباطنية، البرقية...). وأوضح الغيطاني أن المغاربة ليس لهم حضور فقط في القاهرة، بل تأثير عليها، لأنهم ساهموا في التدريس بالأزهر، ونشر ثقافة التصوف والرحلة، وغيرها من العلوم والمعارف، كما ساعدوا مصر في حربها مع نابوليون بونابارت، وفي حرب أكتوبر، منوها بشراستهم في القتال، وصبرهم الكبير. وخلص الغيطاني إلى أن العلاقة بين المغرب ومصر "أقوى مما نتصور، فمصر محمية بالمغاربة"، في إلى إشارة إلى السادة والأولياء المغاربة الموجودين في كل مناطقها، وعلى رأسهم الشيخ أحمد البدوي، منوها بالعديد من المدن المغربية التي زارها وبالعمارة المغربية الأندلسية في فاس، وشفشاون، واعتبر أن مسجد الحسن الثاني بالدار البيضاء يعد "مجمع البحرين"، لأنه يضم جميع فنون العمار.