هنا موتي يحلمون بالحياة ..وأحياءيتاجرون بالموت عندما يكون الموت غاية الحياة حدثني عن سكان المقابر "ترب الأغنياء" .. " فنادق الغلابة " دولة داخل دولة , حياة أخري وموت بطيء لم يختره أصحابه , وعود تلتها وعود , جميعها أخلفتها حكومات وبرلمانات متعاقبة استفادت وتعاملت مع آدميتهم كأصوات انتخابية فقط , ثم تركتهم يزاحمون الموتى في قبوهم لسنوات وسنوات . مليونا مواطن - بحسب آخر تقرير صدر عن الجهاز المركزي للمحاسبات - يسكنون المقابر أوضاعهم المأساوية وحقهم في الحياة الكريمة أجبرت فريق تحرير "محيط " على النزول إلى هذا العالم والعيش وسط هؤلاء " الغلابة " لعل صرخاتهم تسمع حكومة " المليون وحدة سكنية " فتمنحهم حقهم في الحياة بأولوية الحصول على تلك الوحدات . - في البداية إن أردت العيش داخل هذا العالم فعليك أن تتحمل نتيجة مخاطرتك تلك .. الحياة ليست سهلة على الإطلاق حالات الاختطاف والاغتصاب و الإدمان و البلطجة يومية , أعتادها السكان كما اعتاد أصحاب الشقق والفلل الفارهة قراءة إحدى الجرائد مع كوب الشاي قبل الإفطار . أحلام مرعبة يعشيها أطفال في عمر الزهور, ينامون على أصوات صراخ وعويل ويرسمون آخر مشاهد الحلم عل أكفان بيضاء لموتي ربما كانوا سادة في أقوامهم ولم يفرق الموت بينهم وبين هؤلاء البسطاء الذين يقطنون بجوارهم في حجرة تشبهالمقبرة ، مكانهافوقالأرض, سقفها عبارة عن ألواح خشبية مرصوصة لا تغني ولا تحمي من سيول وأمطار شتاء قارص البرودة , بها سرير ومرتبة وبوتاجاز وتليفزيون. وسلك مسحوب من أحد أعمدة الإنارة ينير ظلمة هذا القبر بالإضافة ل "جردل" يتم تفريغ محتواه يوميا علي مسافة قريبة من أماكن الدفن . مقابر الأغنياء ربما تكون مختلفة بعض الشيء عن مقابر الفقراء فتجد اختلافا يبدأ من مستوي البناء للحجرة وطريقة فرشها واحتمالية وجود كان لقضاء الحاجة " حمام " وانتهاء بتدرج المستويات التعليمية والاجتماعية لساكنيها . في حين إن أهم ما يميز مقابر الغلابة انتشار القمامة والكلاب الضالة والذباب والروائح الكريهة كما أن اغلب سكانها لم ينالوا أي قسط من التعليم ويعلمون في وظائف دنيا كما تزداد نسب ومعدلات الجريمة وسط هؤلاء السكان بمعدلات متضاعفة مقارنة بسكان مقابر الأغنياء الذين قد تجد منهم حملة مؤهلات فوق المتوسطة وعليا وقد تجد أيضا خريجي كليات قمة " طب وصيدلة " . الجميع اعتاد العيش والتكيف مع طبيعة المكان فتجد حفلات العرس " أغاني و أنوار" البهجة بجوار سرادق العزاء و"فناجين القهوة وآيات الذكر الحكيم , قطعة جاتوه بجوار " شطيرة الرحمة " , , ليلة دخلة بجوار حفلات اغتصاب جماعي , أناس يدعون لذويهم بالمغفرة ويبكون عظة وخشية من الموت على الجانب الآخر تجد تجار المخدرات ومحترفي السرقة بالإكراه ونجد أيضا تجار الموت الذين يتاجرون بالمقابر بيعاً وشراء. أصوات الرصاص وتبادل إطلاق النار أصبحت طقسا يوميا معتادا لدي السكان الذين أكدوا أن ذلك كله يحدث تحت مرأى ومسمع قوات الشرطة التي فقدت قدرتها على التعامل مع هؤلاء البلطجية الذين اتخذوا من المقابر مأوي وملاذ آمن لترويج انشطتهم والاختباء بعيدا عن صخب الأحياء المزدحمة . معاناة يومية يعيشها السكان في رحلة البحث عن مياه شرب نظيفة حيث يتأهبون كل صباح لحمل أوعيتهم والمشي بها لمسافات طويلة جدا خارج المقابر لملأها والعودة من جديد لحجرة المقبرة وذلك يحدث يوميا . أحواش ستجدها مغلقة بإحكام وأغلب القاطنين بها قرروا بناء أسواراً بعد أن كثرت الجرائم والسرقات كما حاولوا وضع أسلاك إنارة للتقليل من حجم الجريمة هناك بينما اعتبرتها الأحياء مخالفة وحررت لأصحابها محاضر بذلك . في جولتنا التي اكتشفنا فيها هذا العالم لاحظنا أيضا أن جزءا كبيرا من هؤلاء يمتهنون مهن الموت فستجد "التُربية" وقد تجد منهم من يدير أعمالاً للمقاولات أو البناء.. وستجد المغسلاتية .. والفقي .. والندابة وغيرهم .. ومنهم من اتخذ من حراسة الأموات مهنة وحاول صنع حياته منها.. ففتح الورش "مثل صناعة الجلود أو البلاستيك" اقرأ فى هذا الملف * المقابر توحد المسلمين والاقباط في الصعيد الجواني * أصدقاء ما بعد الموت * مدافن الأقباط .. "طافوس" الرهبان * مقابر ملوك ورؤساء مصر ** بداية الملف