بدأ الاحتفال بمظاهرات الورد واختتم بانتهاكات ضد المرأة ساهمت الأمريكيات في دفع دول أوروبا إلى تخصيص يوم للمرأة زينة ودهب وفتيات الاسكندرية.. قضايا انتهاك لحقوق المرأة مظاهرات الخبز والورود بداية تشكل حركة نسوية متحمسة منذ أن أطلق قاسم أمين صرخته الأولى لتحرير المرأة، واندمجت المرأة في المجتمع ضاربة أفضل مثال للمشاركة الفاعلة في المجتمع، ما جعلها تستحق وبجدارة تخصيص يوم عالمي لها، تحتفل فيه بإنجازاتها وتطرح أفكارها ومطالباتها وتعبر عن رأيها فيما يشهده العالم من أحداث. يحتفل العالم في الثامن من شهر مارس من كل عام باليوم العالمي للمرأة، وفيه يحتفل عالميًا بالإنجازات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية للنساء، وفي بعض الدول كفلسطين منذ 8 مارس 2011، والصين وروسيا وكوبا تحصل النساء على أجازة في هذا اليوم باعتباره عيدا لهن. مُظاهرات الخبز والورود في 1856 خرج آلاف النساء للاحتجاج في شوارع مدينة نيويورك على الظروف اللا إنسانية التي كن يجبرن على العمل تحتها، ورغم أن الشرطة تدخلت بطريقة وحشية لتفريق المتظاهرات؛ إلا أن المسيرة نجحت في دفع المسئولين عن السياسيين إلى طرح مشكلة المرأة العاملة على جداول الأعمال اليومية. وفي 8 مارس 1908م عادت الآلاف من عاملات النسيج للتظاهر من جديد في شوارع مدينة نيويورك لكنهن حملن هذه المرة قطعا من الخبز اليابس وباقات من الورود في خطوة رمزية لها دلالتها، واخترن لحركتهن الاحتجاجية تلك شعار "خبز وورود". طالبت المسيرة هذه المرة بتخفيض ساعات العمل ووقف تشغيل الأطفال ومنح النساء حق الاقتراع. شكلت مُظاهرات الخبز والورود بداية تشكل حركة نسوية متحمسة داخل الولاياتالمتحدة خصوصا بعد انضمام نساء من الطبقة المتوسطة إلى موجة المطالبة بالمساواة والإنصاف. رفعن شعارات تطالب بالحقوق السياسية وعلى رأسها الحق في الانتخاب، وبدأ الاحتفال بالثامن من مارس كيوم المرأة الأمريكية تخليدا لخروج مظاهرات نيويورك سنة 1909. وقد ساهمت النساء الأمريكيات في دفع الدول الأوربية إلى تخصيص الثامن من مارس كيوم للمرأة وقد تبنى اقتراح الوفد الأمريكي بتخصيص يوم واحد في السنة للاحتفال بالمرأة على الصعيد العالمي بعد نجاح التجربة داخل الولاياتالمتحدة. الاعتراف بيوم المرأة الواقع أن تخصيص يوم الثامن من مارس كعيد عالمي للمرأة، لم يتم إلا بعد سنوات طويلة، لأن منظمة الأممالمتحدة لم توافق على تبني تلك المناسبة سوى سنة 1977 عندما أصدرت المنظمة الدولية قرارا يدعو دول العالم إلى اعتماد أي يوم من السنة يختارونه للاحتفال بالمرأة فقررت غالبية الدول اختيار الثامن من مارس. ومنذ ذلك الحين تحول اليوم إلى رمز لنضال المرأة تخرج فيه النساء عبر العالم في مظاهرات للمطالبة بحقوقهن ومطالبهن. يشكل الثامن مارس من كل عام محطة سنوية للوقوف على حصيلة المكتسبات على امتدادا سنة كاملة من الحضور الفاعل والنضال المتواصل للمرأة داخل المنابر المجتمعية للشعوب عبر أنحاء العالم، حيث ترتفع الحناجر النسائية إما بالتنديد ضد القرارات الحكومية أو بالتأييد للتقدم اللائي أحرزنه في المجالات الحقوقية. ويعد اليوم العالمي للمرأة مناسبة لإسماع صوت النساء وفرصة لتوحيد كلمتهن وإبراز مواطن القوة التي تحركهن للمطالبة بحقوقهن السياسية، الاقتصادية، الاجتماعية والإنسانية عموما، خاصة وأن فئات واسعة من النساء على امتداد مساحة الكرة الأرضية تعشن تحت سياط العنف والضرب والاغتصاب والتشويه والاعتداءات المختلفة الأشكال والأنواع النفسي منها والجسدي. أما طقوس الاحتفال وأجواءه تختلف من بلد لآخر، حسب الاحترام الذي يكنه أفراد كل مجتمع لنسائه. احتفالات بانتهاكات! تأتي ذكرى الاحتفال باليوم العالمي للمرأة في ظل الانتهاكات التي تتعرض لها المرأة المصرية منذ اندلاع ثورة يناير وحتى الثلاثين من يونيو، وقد سجل التاريخ حالات متزايدة من جرائم التحرش والاغتصاب والاعتقال لسيدات وفتيات مصريات. أبرز قضايا انتهاك حقوق المرأة وصلت لزروتها بعد الثورة المصرية مع قضية الطفلة "زينة"، التي أثارت قضيتها غضب الجميع، حيث اغتصبها شابين في عمر الطفولة، وانتهت القضية بالحبس للمتهمين 15 عاما فقط لأنهم أحداث!. ولم تنسى أذهاننا مشهد سحل الفتيات داخل ميادين مصر إبان حكم المجلس العسكري، وأشهرها سحل فتاة في محيط مجلس الوزراء ما أدى لكشف عورتها وجسدها. ونتذكر أيضا حادثة ولادة الطفلة "حرية" داخل مستشفى المطرية، ووالدتها "دهب" ذات ال 18 عاما مكبلة بالحديد أثناء الولادة، ضحية تعسف وبطش قوات الأمن التي طبقت القانون عليها دون مراعاة لحالتها الصحية وحرمة الوضع، كما طبقت عليها قوانين لن تنطبق على الرؤساء وناهبي أموال الشعب ذاتهم!، في مشهد بات مثار جدل واسع في عدم مراعاة الإنسانية بتعاملهم مع معارضيهم . ومثال آخر، فتيات حركة " 7 الصبح " بالإسكندرية، اللاتي ضاعت ملامحهن وراء قضبان الحبس، وعددهم 21 فتاة بتهم إعاقة حركة المرور، وتدمير مدخل مبنى، والتعدي على موظفين أثناء تأدية عملهم، والانتماء إلى جماعة محظورة، والإخلال بالنظام العام بعد مشاركتهن في مظاهرة مؤيدة للرئيس المعزول محمد مرسي في مدينة الإسكندرية 31 أكتوبر الماضي، وحكم على أكثر من 14 فتاة بالسجن 11 عاما، وإيداع 7 فتيات قصر في دار للرعايا الاجتماعية ، وبعد تدخل منظمة العفو الدولية ومطالبين السلطات المصرية بالإفراج الفوري وغير المشروط عنهم ، أصدر الرئيس المؤقت عدلي منصور عفوا رئاسيا شاملا عن الفتيات. وغير ذلك الكثير والكثير مما يثبت وبقوة انتهاك حقوق المرأة في جميع مراحل عمرها، واستهدافها بالتحرش والاعتداء اللفظي، وعدم مراعاة حريتها في ممارسة حياتها كمواطنة. وما بقي، أن نؤكد على أن المرأة العربية التي قادت أمم سابقة، وتقلدت مناصب فاعلة في المجتمع، وأبرزت قدرتها على إدراج اسمها في دفاتر المخترعين والأدباء والمثقفين، تستحق مكانة أفضل مما تجده الآن من انتهاكات، وسننتظر الأيام القادمة لتبين لنا كيف سيكون يوم المرأة في مصر، احتجاجات أم احتفالات؟.