قال خبراء إن الحكومة التونسية الجديدة برئاسة مهدي جمعة، أمامها مهام صعبة تحتاج تجاوزها خلال فترة قصيرة لتهدئة مطالب الشارع التونسي، أهمها تهيئة الوضع الأمني، واستعادة ثقة المستثمرين الأجانب والمحليين، وزيادة فرص العمل والسيطرة على ارتفاع الأسعار ووضع موازنة تكميلية للعام الجاري. وتسلمت الحكومة الجديدة مهامها نهاية يناير الماضي، بعد أن نالت ثقة نواب البرلمان التونسي بأغلبية 149 صوت، وتحفظ 24 صوتا، بينما عارضها 20 نائبا. ويرى مراقبون للشأن الاقتصادي التونسي، أن اقرار الدستور، سيؤثر إيجابا على الوضع السياسي في البلاد، وسيمنح حكومة جمعة فرصة للعمل ومحاولة معالجة بعض المشاكل العالقة التي يعاني منها القطاع الاقتصادي في تونس. ويضع رئيس الحكومة الجديدة على أولوياته، وفقا لتصريحات سابقة له، السير بالبلاد نحو انتخابات عامة حرة نزيهة شفافة، وهو ما يتطلب توفير "دعامتين" تتمثلان في تهيئة الوضع الأمني، وإنعاش الاقتصاد الوطني. وقال الخبير الاقتصادي التونسي محجوب عزام، إن أهم مبدأ يجب أن تسعى حكومة جمعة إلى تطويره ودعمه داخل المجتمع التونسي هو قيمة العمل، لرفع الإنتاج وتحسين القدرة الشرائية لدى المستهلك. وأضاف عزام في تصريحات لمراسل "الأناضول" أن التحديات الاقتصادية التي تواجه تونس كبيرة تتمثل في عجز الموازنة العامة، وعجز الميزان التجاري، وارتفاع الأسعار، والبطالة، بالإضافة إلى مواجهة عمليات التهريب. وراهنت تونس في وقت سابق على تقليص الدعم بنحو 22% لتتراجع بذلك تكلفته إلى 4.29 مليار دينار (2.7 مليار دولار) خلال العام الجاري، مقابل 5.51 مليار دينار (3.5 مليار دولار) بالعام الماضي. وحذر عزام الحكومة من انتهاج سياسات تقشفية، وقال إن "الدول التي انتهجت تلك السياسات، زادت بها الأزمة الاقتصادية". وفي المقابل، شدد عزام على ضرورة ترشيد الإنفاق العمومي، وتوجيهه نحو التنمية في مشاريع استثمارية، خاصة في المناطق المهمشة التي انطلقت منها شرارة الثورة. ودعا الخبير التونسي حكومة جمعة، إلى السعي العاجل لمحاولة استرجاع ثقة المستثمر في الداخل والخارج، وذلك بهدف توفير فرص عمل. وتراجعت الاستثمارات الأجنبية في تونس خلال العام الماضي 2013 بنسبة 24.3%، ووصلت إلى 1.95 مليار دينار (1.2 مليار دولار) مقابل 2.58 مليار دينار (1.6 مليار دولار) نهاية عام 2012. ويرى صالح الذهيبي خبير الاقتصاد الدولي، أن التحديات الاقتصادية أمام حكومة جمعة كثيرة، وأهمها وضع ميزانية تكميلية عاجلة، وتقليص معدلات البطالة بالتشجيع على الاستثمار في تونس. ووفق تقديرات رسمية، بلغ عدد العاطلين عن العمل خلال الربع الثالث من عام 2013 في تونس، بنحو 15.7 بالمائة خلال الربع الثالث من العام الماضي. وأشار صالح الذهيبي في تصريحه لوكالة الأناضول إلى أن معالجة مشكلة البطالة تتطلب تظافر كل الجهود لخلق فرص عمل جديدة، من قبل القطاع الخاص. ولفت صالح الذهيبي إلى أن حكومة جمعة رغم ضيق المدة التي ستتولى خلالها إدارة شؤون البلاد، فهي مطالبة بوضع كل تركيزها على الأمن ودعم الاستثمار. ودعا الذهيبي، إلى ضرورة مراجعة نقص ميزانية الدولة لعام 2014، وذلك بوضع ميزانية تكميلية، وضغط المصاريف العمومية "الأجور" والنفقات الإدارية وغيرها من النفقات التي لا تدر ربحا". وخلال العام الماضي، أقر البرلمان المؤقت على موازنة تكميلية بلغت قيمتها 418 مليون دولار، لترتفع موازنة 2012 إلى 27.481 مليار دينار (17.4 مليار دولار)، استهدفت تلك الأموال تمويل ثلاثة بنوك حكومية تواجه صعوبات في مواصلة نشاطها. في المقابل دعا الذهيبي إلى ضرورة دعم وتشجيع المصاريف العمومية الموجهة للتنمية، والتي من شأنها أن تخلق وظائف ذات قيمة مضافة. و يقدر حجم موازنة العام الحالي بنحو 28.1 مليار دينار تونسي (17.8 مليار دولار)، بزيادة 2.3% عن النتائج المحتملة لموازنة العام الماضي. وتُشير الوثيقة، التفصيلية لميزانية الدولة والتي أعدتها لجنة التخطيط والمالية بالمجلس التأسيسي، إلى أن الإيرادات العامة ستغطي 72% من الإنفاق بالميزانية الجديدة، فيما تعتمد الحكومة على الاقتراض والمنح في تغطية 28% من الإنفاق. و تستهدف الدولة التونسية تحقيق معدل نمو بنحو 4%، من إجمالي الناتج المحلي وفقا لموازنة 2014، وقدرت ارتفاع الدين العام إلى نحو 49.1% بنهاية العام. وبحسب المعهد الوطني للإحصاء، حقق الاقتصاد التونسي معدل نمو بنهاية 2013 بنحو 2.6 %، مقابل 3.6 % خلال عام 2012. وتستحوذ الأجور على نحو 37.5% من حجم الميزانية، حيث يخصص لها نحو 10.55 مليار دينار (6.67 مليار دولار) من القيمة الإجمالية للميزانية، بزيادة 7.9% عن مخصصات الأجور للعام الماضي. وتوجه الحكومة نحو 5.6 مليار دينار (3.5 مليار دولار) للمشروعات التنموية، بارتفاع 16% عن مخصصات التنمية في العام 2010.