ينطلق اليوم الأربعاء في المملكة العربية السعودية، المهرجان الوطني للتراث والثقافة "جنادرية 29" برعاية الملك عبدالله بن عبدالعزيز، ويعد المهرجان الذي ينظمه سنويا الحرس الوطني السعودي مناسبة يمتزج فيه عبق التاريخ مع الحاضر. ويُعد المهرجان الوطني للتراث والثقافة تظاهرة ثقافية وفنية بارزة، وقد تمَّ اختيار دولة الإمارات لتكون ضيف شرف مهرجان هذا العام، لتعميق العلاقات الوديَّة والثقافيَّة بين البلدين. كما يستضيف المهرجان عدد من الشخصيات البارزة من عدة دول، ما بين سياسيين ومثقفين وأدباء وشعراء وكُتَاب ومفكرين وفنانين وإعلاميين، يتجاوز عددهم 500 شخص من داخل المملكة و300 ضيف من خارجها، ومنهم 50 ضيفاً من مصر وحدها. كوكب الأرض وتبدأ فعاليات المهرجان بحفل الافتتاح الرئيسي، وبعدها تتنوع الفعاليات المقامة، ومن أبرزها مسابقات الشعر الشعبي، والفنون والألعاب الشعبية، وسباق الهجن، وسباق الفروسية والتحمل، والأزياء الشعبية، والعروض التراثية للمناطق، ومعرضاً للكتاب، وسوقاً شعبياً، ومسابقات القرآن الكريم، ومركزاً للوثائق، وبرامج صحية، وبرامج لذوي الاحتياجات الخاصة. كما تضم فعاليات افتتاح المهرجان أوبريت غنائي، بعنوان "كوكب الأرض"، كَتَبَهُ الشاعر عبدالله أبو راس، ومن ألحان ناصر الصالح، ويشارك في الأوبريت، فنان العرب محمد عبده، وراشد الماجد، وعبدالمجيد عبدالله، وماجد المهندس، ويتكون من 12 لوحة تعبيرية غنائية. وخصصت اللجنة المنظمة للمهرجان الأسبوع الأول من المهرجان للرجال ابتداء من غد الخميس حتى الخميس الحادي والعشرين من ربيع الآخر فيما حددت زيارات العوائل ابتداء من الاثنين 17 ربيع الآخر حتى 28 ربيع الآخر الجاري من الرابعة مساءً إلى الساعة الثانية عشرة منتصف الليل. حرف تراثية ويقدر عدد الحرف المشاركة لهذا العام بنحو 300 حرفة يقدمها حوالي 250 حرفياً يمثلون مختلف الحرف من كافة مناطق المملكة ودول مجلس التعاون الخليجي التي ستشارك بفعاليات تراثية وحرف يدوية. في هذا العام تم استحداث فكرة البناء العمراني الذي يختلف بناؤه من منطقة لأخرى مما يعكس قوة وتنوع التراث العمراني في المملكة بشكل عام، وتم اخذ نماذج لمنطقة نجران وكذلك التراث النجدي كبداية وانطلاق للتعريف بالأدوات المستخدمة وطريقة البناء والشرفيات التي تمثل كل منطقة. كما استحدث لأول مرة هذا العام فكرة جديدة تحاكي المزارع التقليدية في المملكة من خلال محاكاة المزرعة التقليدية التي تضم العديد من الأنشطة التراثية الزراعية القديمة وما يصاحبها من أهازيج وطرق زراعية والتي سيتم عرضها امام الجمهور يوميا وستكون على النحو التالي صناعة القش – سقاية – عمل مدرجات – حصاد – عادات تقليدية اخرى. وتقام مناشط الفنون البصرية هذا العام في عدد من المواقع ضمن فعاليات المهرجان، حيث سيقام المعرض الفني في المتحف الوطني في المربع، وتقام فعاليات الورش الفنية في صالة الفنون البصرية على أرض المهرجان، وتعنى ب: (الخط العربي - التصوير التشكيلي - النحت - الفن الواقعي - الفن الرقمي - التصوير الضوئي الفوتغرافي- الكاريكاتير - ومرسم الطفل )، تقدم لزوار المهرجان الكرام، وكذلك يفتح المجال للزوار بالمشاركة. جنادرية المرأة باتت مشاركة المرأة أحد أهم سمات المهرجان، حيث أضحت تلك المشاركة تجسيداً لقرارات خادم الحرمين الشريفين من خلال حرصه على تفعيل هذه المشاركة لإعطاء المرأة السعودية حقها وتسليط الضوء على ما تقوم به لخدمة مجتمعها وتأكيداً على ما يمكن أن تمنحه من عطاء فكري وأدبي وعلمي وثقافي. ويُعد المهرجان فرصة سنوية من أجل مشاركة نسائية فاعلة وقوية مما يساهم في الارتقاء بدور المرأة داخل المملكة، وهو الأمر الذي تطور بشكل ملحوظ خلال السنوات الأخيرة للمهرجان حيث لم يقتصر الأمر على مشاركة المرأة التراثية والفلكلورية خلال المهرجان، بل تطور دورها حتى أصبح لها نشاطاً ثقافياً تشرف عليه وتعده اللجنة الثقافية في المهرجان يشمل الندوات والمحاضرات المختلفة. وتشارك المرأة السعودية في الكثير من الأنشطة والفاعليات وبات لها حضوراً بارزاً في النشاط الثقافي الممثل في العديد من الندوات الثقافية والفكرية والمحاضرات والأمسيات الفنية، وفعاليات تستهدف الحرف اليدوية والأسر المنتجة واستقطاب الموهوبات في فن الزخرفة والرسم وكذلك مشاركة وزارة الشئون الاجتماعية وفعاليات خاصة بذوي الاحتياجات الخاصة ومساعدتهم وتدريبهم على الحرف اليدوية، مما يفسح المجال للمرأة للمشاركة والإسهام في نشاطاته الثقافية المتعددة والمتنوعة. حاضر وماضي وجدير بالذكرأن قرية الجنادرية ولدت عام 1985 بعد أن كانت مجرد فكرة لدى الملك عبدالله بن عبد العزيز منذ أن كان ولياً للعهد، بهدف الحفاظ على المعالم التراثية عبر تنظيم احتفالية ثقافية كبرى يشارك فيها كبار المثقفين والمفكرين العرب. يقام مهرجان الجنادرية سنوياً على مساحة ستة كيلومترات، وفي وسط الجنادرية أقيمت قرية تراثية استمدت اسمها من روضة كانت تسمى روضة سويس. والجنادرية في اللغة من جندر الثوب ونحوه أي أعاد رونقه بعد ذهابه، وجندر الشيء أي صقله بالجندرة وهي آلة خشبية تتخذ لصقل الملابس وبسطها. وقد انبثقت فكرة المهرجان الذي يضم قرية متكاملة للتراث والحلي القديمة والأدوات التي كان يستخدمها الإنسان السعودي في بيئته قبل أكثر من خمسين عاما ومعارض للفنون التشكيلية من الرغبة السامية في تطوير سباق الهجن السنوي الذي اكتسب ذيوعا على المستوى الوطني والإقليمي. ومن أولويات الجانب التراثي بالمهرجان إبراز أوجه التراث الشعبي المختلفة متمثلة في الصناعات اليدوية والحرف التقليدية بهدف ربطها بواقع حاضرنا المعاصر والمحافظة عليها كهدف من أهداف المهرجان الأساسية وإبرازها لما تمثله من إبداع إنساني تراثي عريق لأبناء هذا الوطن على مدار أجيال سابقة إضافة إلى أنها تعتبر عنصر جذب جماهيري للزائرين. ويبرز المهرجان الذي ينظمه الحرس الوطني في الجنادرية تنامي رسالة الحرس الوطني الحضارية في خدمة المجتمع السعودي التي تواكب رسالته العسكرية في الدفاع عن هذا الوطن وعقيدته وأمنه واستقراره.