صدر حديثا كتاب "الدين والإبداع" للكاتب طلعت رضوان، عن دار "النسيم" للنشر والتوزيع بالقاهرة، يضم الكتاب ثمانية فصول، الأول عن "أولاد حارتنا" بين الإبداع الأدبى والنص الدينى، والثانى عن يوسف إدريس والوعى بمكونات الشخصية المصرية، والثالث عن الإبداع وإعادة تشكيل الواقع فى "تصاوير من التراب والماء والشمس" ليحيى الطاهر عبد الله. والرابع عن "أيام الإنسان السبعة" والبُعد الروحى فى الشخصية المصرية لعبد الحكيم قاسم، والخامس عن "عزازيل" وإعادة صياغة التعصب الدينى بالإبداع ليوسف زيدان، والسادس عن "أمونه تخاوى الجان" ومزج الأسطورة بالواقع لبيمى قنديل، والسابع عن اللبنانية رشا الأمير وروايتها البديعة "يوم الدين"، والثامن عن جدل العلاقة بين الحياة والموت فى "حجر الضحك" للبنانية هدى بركات. ويؤكد الكاتب فى بداية دراسته المهمة على حقيقتين شهد بهما تاريخ الكتب المصادرة: الأولى أنّ الكتب المصادرة هى التى تُخاطب العقل، رافضة تملق عواطفه، معتمدة على العلم منهجًا للبحث، باختصار هى الكتب التى تحترم عقل الإنسان. الحقيقة الثانية أنّ المؤسسات الدينية كانت دائمًا وراء المصادرة - لا فرق بين مؤسسات رسمية أو شعبية، سلفية أو معاصرة- فعل الأزهر ذلك عام 1925 مع كتاب "الإسلام وأصول الحكم" الذى كتبه القاضى الشرعى على عبد الرازق لمجرد أنه ذكر أنّ "النبى محمد عندما حكم فى المدينة، حكم كملك، حكومة تقوم على ذات الأساس الذى كان موجودًا لدى القبائل العربية فى عهد ما قبل الإسلام"، ولكن ما أغضب الأزهر عليه أكثر قوله "إنّ القضاء ووظائف الحكم ومراكز الدولة عبارة عن خطط سياسية صرفة، لا شأن للدين بها.. وأنّ النص الدينى لم يعرفها ولم ينكرها ولا أقر بها ولا نهى عنها، وإنما تركها لنا لنرجع فيها إلى أحكام العقل وتجارب الأمم وقواعد السياسة. تكرر موقف الأزهر المعادى للعقل الحر عام 1926 مع كتاب "فى الشعر الجاهلى" لطه حسين، وإذا قفزنا إلى الثمانينات من القرن العشرين فإنّ موقف الأزهر لم يتغير، فبتأشيرة صغيرة من الشيخ "عبد المهيمن الفقى" صودر كتاب "مقدمة فى فقه اللغة العربية" للمفكر لويس عوض، لمجرد أنّ الكتاب به مناقشة علمية رصينة (بغض النظر عن الاتفاق أو الاختلاف مع مؤلفه عن "جذر" اللغة العربية). الكتاب يعيد فتح قضايا شائكة بجرأة شديدة، ويستحق قراءة متانية لما اختاره من نماذج أدبية لأسماء كبيرة أعاد قراءتها برؤية جديدة.