عودة المواجهات بين القمصان الصفراء والحمراء اقرب السيناريوهات رغم إجراء الانتخابات التشريعية في تايلاند كمخرج للأزمة السياسية التي تعيشها منذ ثلاثة أشهر، وذلك على خلفية مطالبة المعارضة لرئيسة الوزراء ينجلوك شيناوترا تقديم استقالتها ووقف نفوذ شقيقها ثاكسين رئيس الحكومة السابق الذي أطاح به انقلاب عسكري في 2006 ، إلا أن البيئة التي جرت فيها الانتخابات تؤكد بأن الأزمة مستمرة وسوف تشهد سيناريوهات عديدة ، خاصة بعد فرض حالة الطوارئ في البلاد. وتعيد تطورات الأحداث الجارية الأذهان إلى الأزمة المعروفة باسم "أزمة القمصان الحمر" التي اندلعت في مارس 2010 ، كما تعيد الأذهان إلى المواجهات التي نشبت بين العسكريين والمتظاهرين في مايو 1992 ، وأسفرت عن مقتل أكثر من 50 مدنيا أثناء احتجاجاتهم على الانقلاب على الدولة في عام 1991 ، وتطرح هذه التطورات الكثير من التساؤلات عن أسباب الأزمة وتداعياتها والسيناريوهات المستقبلية للمشهد السياسي في بانكوك. قانون العفو يشعل الشرارة الأولي بداية يمكن القول أن الشرارة الأولى للأزمة الراهنة اندلعت في أكتوبر 2013 بسبب مشروع قانون العفو الذي كانت تريد الحكومة التايلاندية المصادقة عليه ، مما قد يسمح بعودة ثاكسين مرة أخرى ، وعلى الرغم من رفض مجلس الشيوخ للمشروع ، تصاعد غضب المتظاهرين . مطالبين بالإطاحة ب"نجلوك" ، متهمين إياها بالفشل في إدارة البلاد وبأن شقيقها هو الذي يدير البلاد من وراء الستار ، كما دعا المتظاهرون إلى إنهاء "نظام ثاكسين" الذي يعتبرونه نظاما فاسدا ، وتشكيل "مجلس من الشعب" غير منتخب ، ليشرف على إصلاحات غير واضحة المعالم ضد الفساد. ومنذ بداية الأزمة راهنت الحكومة على إستراتيجية تجنب المواجهات بين الشرطة والمتظاهرين تفادياً لتكرار سيناريو 2010 عندما أرسلت الحكومة الديمقراطية الجيش لقمع "الحمر" ما أسفر عن سقوط تسعين قتيلا ، كما أسفرت الأزمة الحالية عن سقوط عشرة قتلى على الأقل صراعات بين القمصان الحمراء والصفراء وتنحصر الأزمة الراهنة بين تيارين أساسيين يطلق عليهما ، الأول أصحاب القمصان الحمر" ، والثاني أصحاب "القمصان الصفراء" ، والتيار الأول "الحمر" هم أنصار ثاكسين وحزب "بويا ثاي" ، الذي حقق فوزاً ساحقاً في الانتخابات البرلمانية التايلاندية في يوليو 2011 وحصل على 263 مقعداً من أصل 500 مقعد بينما حصل الحزب الديمقراطي الذي كان حاكماً آنذاك على 161 مقعدا ، إضافة إلى الجماهير الفقيرة في الأرياف والمدن بشمال شرق البلاد ، وقد ظلت هذه الجماهير حتى الآن متحفظة خلال هذه الأزمة. أما التيار الثاني، "القمصان الصفر" هم من الموالين للنظام الملكي وكانوا عنصرا أساسيا في انقلاب 2006 الذي أطاح برئيسي وزراء موالين لثاكسين في 2008 ، وقد فقد هذا التيار كثيرا من نفوذه ، لكن عناصر من قدماء "القمصان الصفر" يشاركون في الحركة الحالية المتكونة من متطرفين موالين للنظام الملكي ونخب بانكوك وسكان جنوب البلاد وأنصار الحزب الديمقراطي تعذر إجراء الانتخابات التشريعية كسيناريو أول ثمة عدة سيناريوهات مستقبلية تنتظر الأزمة التايلاندية ، السيناريو الأول: أنه في ظل حالة الانسداد السياسي ورغم إجراء الانتخابات التشريعية ، إلا أنه من الممكن تعذر انتخاب برلمان جديد لعدة أشهر بسبب الاضطرابات المستمرة ، وقد لا تستطيع اللجنة الانتخابية تقديم النتائج ، وحتى لو تمكنت فإن البرلمان لن يتمكن من عقد جمعية عامة ب95% من النواب نظرا لغياب مرشحين في عدة دوائر انتخابية ، وقد يتعين على الحكومة الحالية الاستمرار في تصريف الأعمال. إلغاء المحكمة الدستورية للانتخابات محتمل أخر ومن الممكن أن تعلن المحكمة الدستورية إلغاء نتائج الانتخابات كما فعلت في أبريل 2006 التي قاطعها الديمقراطيون ، خاصة في ظل وجود تهديدات واتهامات لعدة نواب من حزب "بويا ثاي" بمنعهم من ممارسة السياسة لمدة خمس سنوات بسبب محاولة تعديل الدستور ، فضلاً عن أن "ينحلوك" مستهدفة بتحقيق من لجنة مكافحة الفساد حول برنامج مثير للجدل لمساعدة مزارعين من منتجي الأرز. حدوث انقلابا قضائيا سيناريو مطروح حدوث "انقلاب قضائي" كما حصل في نهاية 2008 عندما قرر القضاء إرغام رئيس الوزراء "ساماك سوندارافيج" الموالي لثاكسين على الاستقالة وحل حزبه الحاكم في البلاد آنذاك ، وهو "حزب سلطة الشعب" بعد أن أتهمته بارتكاب تزوير في انتخابات سابقة ، الأمر الذي أدى إلى تولي الديمقراطيين الحكم ، وتم تعيين "أبهيسيت فيجاجيفا" رئيساً للوزراء أو انقلاب عسكري مع إمكانية حصول انقلاب عسكري كما وقع في 2006 ، حينما أطاح المجلس العسكري بالحكومة المنتخبة وفقاً لانتخابات عام 2005 والتي كانت برئاسة تاكسين شيناواترا ، واستولى المجلس العسكري على السلطة في البلاد وألغى العمل بالدستور وحل البرلمان والمحكمة الدستورية. واعتقل عدداً من أعضاء الحكومة وأعلن قيام الأحكام العرفية ، وعين المجلس العسكري أحد مستشاري الملك رئيساً للوزراء وتبقى الإشارة إلى أن انشغال القوى الكبرى بمصالحهم الإستراتيجية سيدعم أمد الأزمة ، وفي هذا السياق فإن السيناريو الأخير قد يكون مطروحاً بقوة وليس مستغرباً في بلد شهد 18 انقلاباً منذ 1932، الأمر الذي قد يدفع مجددا ب"القمصان الحمر" إلى الخروج للشوارع لمناصرة "ينجلوك" وحزب "بويا ثاي.".