خصصت مجلة "آفاق أفريقية" الفصلية التي تصدرها الهيئة العامة للاستعلامات عددها الأخير لتستعرض مناقشات خبراء القانون الدولي ونزاعات الأنهار عن قضية مياه نهر النيل خلال مؤتمر" اتفاقيات حوض النيل في ضوء أحكام القانون الدولي" الذي نظمه مركز الدراسات والبحوث القضائية بمجلس الدولة. وفي هذا السياق، أكد السفير صلاح الدين عبد الصادق، رئيس الهيئة العامة للاستعلامات، أهمية البعد الأفريقي في مجالات عمل "الهيئة " في المرحلة المقبلة، في ظل ما أفرزته ثورة 30 يونيو من إعادة بناء هياكل مؤسسات الدولة المصرية،حيث تواصل "الهيئة" رسالتها الإعلامية والتنموية في هذا الخصوص عبر إصداراتها العلمية المختلفة وفي مقدمتها دورية "آفاق أفريقية" بجانب تفعيل دور مكاتب الهيئة في القارة الأفريقية، بما يواكب تحديات وطموحات هذه المرحلة. ونوه السفير عبد الصادق إلى أن "الهيئة"- وفي إطار دورها الوطني - تحاول أن تضع قضايا مصر الإستراتيجية، وفي القلب منها قضية مياه النيل،في المكانة اللائقة من الناحية الإعلامية والعلمية، عبر استشراف الرؤية المستقبلية لتلك القضايا، سواء من خلال مجهودات الهيئة على الصعيدين الداخلي أو الخارجي، أو من خلال التعاون مع مؤسسات الدولة، وهو ما يجسده العدد "39" من دورية "آفاق أفريقية" حيث يعد ثمرة تعاون علمي بين "الهيئة" و"مركز الدراسات والبحوث القضائية" التابع لمجلس الدولة، في محاولة علمية لبناء نموذج للتكامل والتعاون بين مؤسسات الدولة المصرية. وقال رمضان قرني مدير تحرير "آفاق أفريقية" إن خبراء القانون الدولي ونزاعات مياه الأنهار الدولية أكدوا – من خلال أبحاثهم خلال المؤتمر- حق مصر الطبيعي في الحفاظ على حقوقها التاريخية والمكتسبة في مياه النيل،ولفتوا إلى أن هذا الحق يستند إلى اتفاقيات سابقة سواء أبرمتها دول الاستعمار أو الدول الوطنية التي ورثت هذه الاتفاقيات وصارت ملزمة،علاوة على الاتفاقيات والمعاهدات الدولية المعنية بالاستخدامات غير الملاحية للأنهار الدولية. وفي افتتاحية مجلة "آفاق أفريقية"استعراض المستشار الدكتور سمير عبد الملاك منصور نائب رئيس مجلس الدولة ومدير مركز الدراسات والبحوث القضائية الاتفاقيات والمعاهدات المبرمة بين دول حوض النيل إبان عهد الاستعمار وبعد الاستقلال ،وجميعها يتمتع بقوة القانون وصفة الإلزام ،ونبه إلى أننا –مع هذه المعطيات والظروف الحالية- إلى أننا مقبلون على صراع طويل سوف يستغرق وقتا وجهدا،ويحتاج إلى حشد طاقات الدولة وراء أهداف محددة تنطلق من رؤية إستراتيجية واضحة بما في ذلك الإدوات والوسائل المناسبة لتنفيذ هذه الرؤية. وأكد د. أحمد أبو الوفا أستاذ القانون الدولي العام بكلية الحقوق بجامعة القاهرة، في بحثة عن القيمة القانونية لاتفاقات نهر النيل، أن موقف مصر من مياه النيل يجب يستند إلى أمرين أساسيين ،الأول التمسك الذي لا يتزحزح بالاتفاقيات الدولية الخاصة بنهر النيل التي تدعم الحقوق التاريخية والمكتسبة لمصر في مياهه،ذلك أن أي موافقة على تغيير تلك الاتفاقيات ستكون له آثاره السلبية المدمرة على حياة المصريين،والثاني إن كان ثمة تغيير بخصوص إيراد النيل فإنه يكون بالنسبة للموارد الجديدة التي تشمل زيادة موارده عن طريق منع هدر مياهه،أو القيام بإصلاحات أو مشروعات تزيد من موارده مع الأخذ في الاعتبار القواعد القانونية الدولية واجبة الإتباع في تحديد حص الدول الواقعة على مجرى النيل. ويرى د.إبراهيم محمد العناني أستاذ القانون الدولي العام والعميد الأسبق لكلية الحقوق بجامعة عين شمس، في بحثه بعنوان "تسوية نزاعات استخدامات الأنهار الدولية"- استخدامات نهر النيل نموذجا إلى العمل الحثيث على مختلف المستويات السياسية والاقتصادية لمواجهة أي أزمات أو نزاعات ومنع حدوثها بين دول حوض النيل،وإقامة هيئة مخصصة للإشراف والرقابة والتنسيق في مجالات استخدامات مياه نهر النيل بما يحقق المنفعة المتبادلة بالتشاور مع الدول الأخرى في حوض النيل ،وعدم الإضرار بغيرها وعدم التعسف في استخدام الحق كما نصت على ذلك قواعد هلسنكي وأقرتها اتفاقية الأممالمتحدة الإطارية للإستخدامات غير الملاحية للمجاري المائية الدولية لعام 1997. ودعا د.محمد شوقي عبد العال أستاذ العلوم السياسية بكلية العلوم السياسية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة في بحثه بعنوان "الانتفاع المنصف بمياه الأنهار الدولية "- إلى ضرورة وضع جدول زمني محدد لانتهاء عمل اللجنة الدولية للخبراء المعنية بتقييم الآثار السلبية المحتملة لبناء سد النهضة في أثيوبيا، ومنع الانجرار وراء محاولات إثيوبيا تمديد عمل اللجنة،وضرورة التنسيق مع السودان لتوحيد الموقف القانوني المصري في مواجهة الإدعاءات الأثيوبية ،وضرورة قيام مصر بتوثيق التعاون مع أثيوبيا في كافة المجالات وتقوية الوجود المصري في اثيوبيا،وتفعيل دور المنظمات غير الحكومية خاصة المعنية بحماية البيئة وحقوق الإنسان لتلعب دورا في الضغط على أثيوبيا لإجراء دراسات عن الأثر البيئي الضار لسد النهضة،وفي حال فشل هذه الجهود يتم الاستعانة بدور المنظمات الدولية لوقف بناء السد. وشدد د. هشام حمزة عبد الحميد الخبير في القانون الدولي للمياه- في بحثة بعنوان"دراسة لمفهوم النهر الدولي في القانون الدولي وتطبيقاته في اتفاقيات حوض النيل"- على أهمية قيام الحكومة المصرية ببذل جهود الاعتماد على تفعيل الأطر المؤسسية داخل حوض القائمة على جوانب فنية فحسب،والتي عادة تقرن باتفاقات في صورة مبسطة تعالج الجوانب المؤسسية للتعاون الفني مع دول حوض النيل،حيث لم يعد الوقت مناسبا لإبرام أي اتفاقات قانونية في ظل حالة عدم الثقة المتبادلة التي تكتنف العلاقة بين مصر وبعض دول المنبع. وأكد د. ايمن السيد عبد الوهاب خبير الشئون الأفريقية وحوض النيل بمركز الدراسات السياسية والإستراتيجية بمؤسسة الأهرام- في بحثة بعنوان" التعاون المائي في حوض النيل بين الإدراك السلبي ومسئولية الأبعاد السياسية"- إلى النظر في آليات مصرية من شأنها أن تساعد على إعادة بناء العلاقات مع دول الحوض على أسس وإعتبارات براجماتية قائمة على المصالح المتبادلة وعدم الاكتفاء بالنشاط الدبلوماسي الذي يتسم بالضعف ،مع ضرورة تكامل أدوات السياسة المصرية تجاه دول حوض النيل.