كتب وليام باور في صحيفة النيويورك تايمز مقالاً عن كتاب نومان بيرلستاين "ليس للنشر، الصحافة والحكومة والحرب على المصادر السرية"، يقول فيه: في العودة إلى صيف عام 2005م ليس ممتعاً أن تكون نورمان بيرلستاين، رئيس تحرير مجلة التايم، لأنه كان يخوض حرباً مع المدعي الخاص باتريك جي. فيتزجيرالد، الذي يحقق في قضية فاليري ويلسون. أرسل فيتزجيرالد مذكرات استدعاء للمحكمة لعدد من صحفيي واشنطن، وكان من بينهم الصحفي في مجلة التايم ماثيو كوبر، لسؤالهم عن اتصالاتهم مع موظفي الحكومة الذين قد يكونون متورطين في كشف شخصية السيدة ويلسون كعميلة سرية تعمل تحت غطاء. يوضح باور أن السيد بيرلستاين استنفد كل الحلول القانونية برفع القضية إلى المحكمة العليا، التي كانت قد رفضت سابقاً النظر فيها. فكان عليه أن يقبل بأحد خيارين كلاهما مر، الاستمرار بمقاومة الضغوط، ما يعني السجن للصحفي كوبر والغرامة الباهظة لمجلة التايم، أو رفع الراية البيضاء. وفي قرار وصف بيرلستاين في ذلك الوقت بأنه "أصعب قرار أتخده خلال عملي في عالم الصحافة لأكثر من 36سنة". ويؤكد باور أن استسلام بيرلستاين واعطاءه مذكرات كوبر (بدون رغبته) وملفات أخرى للسيد فيتزجيرالد قد أحدث صدمة في الوسط الصحفي. فالعديد من الصحفيين شعر بأن بيرلستاين باع واحداً من أهم قيم المهنة التي لا يجوز مسها: "حماية مصدرك مهما كانت الأسباب". والبعض أدان بيرلستاين علناً ووصفه بالجبان، مثل المؤلف المرموق والمحرر السابق في صحيفة النيويورك تايمز الذي وصف قراره ب (المقلق جداً). حتى أن مجلة التايم نشرت مقالات تنتقد بيرلستاين. دافع عن بيرلستاين عدد قليل، فالصحفي الداهية الذي كان أحد أقطاب الصحافة الأمريكية، الذي شغل بعض المناصب الرفيعة أصبح منبوذاً. ذكر باور أن بيرلستاين كرس كتابه "ليس للنشر" للدفاع عن خياره. ولم يكن ذلك سهلاً، لأن الوسط الإعلامي لم يكن متعاطفاً معه. وبالرغم من الأضرار المهنية والاجتماعية التي لحقت به، فقد اتضح فعلاً بأنه اختار الحل السهل موفراً على نفسه وعلى شركته الكثير من المتاعب والمصاريف. وأن بيرلستاين يجادل بأن الفلوس والضغوط لم تكن سبباً وراء إذعانه. ولكنه اتخذ قراره بناء على مبدأ قانوني. حيث درس بطريقة منهجية التاريخ القضائي للمصادر السرية، وهي مرحلة تعليم مؤثرة أمدته بالوضوح وقوة الحجة. فمع مرور الأسابيع والأشهر التي قضاها في معركته مع السيد فيتزجيرالد غير السيد بيرلستاين رأيه بعد أن درس السوابق القانونية وطبقها على هذه القضية الغريبة. وبالرغم من وعد السيد كوبر بحماية مصادره، كارل رووف وآي. لويس ليبي الصغير، يعتقد السيد بيرلستاين بأنهما ليسا مؤهلين ليكونا مصادر سرية حقيقية. ويوضح باور أن السيد بيرلستاين في كتابه "ليس للنشر" يرسم خطاً رفيعاً بين عدم معرفة الاسم والسرية الحقيقية. ويجادل بأن الأخيرة التزام خطير لحماية المصدر والتي لم يلتزم بها السيد كوبر للسيد رووف. وبالرغم من أن السيد بيرلستاين ناقش هذا الاختلاف الدقيق كما لو كان معرفة شائعة في الوسط الإعلامي. إلا أن تلك المعلومة جديدة بالنسبة لي، وأعتقد أنها كذلك للعديد من الصحفيين الآخرين، وهي إحدى نقاط الضعف في الكتاب. وهناك نقطة أخرى مثل انشغاله بنقاط تسوية القضية، وملاحقته بشكل متكرر لكل من انتقد تصرفه بشكل واضح. والجدلية المركزية في كتاب بيرلستاين شيقة خصوصاً زعمه بأن تسريب الأخبار وصدامه مع التعديل الأول في الدستور وصولاً إلى المحكمة العليا، واستمرار مقاومته وتحديه لكل النظام القضائي، خيار يجب الحفاظ عليه إذا كانت هناك أسباب حقيقية غير عادية، وكتب بيرلستاين: "لا أحد فوق القانون وهذا يشمل الناشرين". ** منشور بجريدة الرياض بتاريخ 21 / 7 / 2007