بيروت: افتتح الروائي اللبناني الياس خوري مؤتمر "الحريات الثقافية والإعلامية في المشرق العربي" الذي نظّمته مؤسسة سمير قصير وذلك بالتزامن مع إطلاق مركزها الإعلامي "سكايز". واستهل روبير مينار الأمين العام لمنظمة "مراسلين بلا حدود" قائلا أن الدفاع عن الحريات وعن الصحافيين ليس عملاً سهلاً، راصدً الانتهاكات والتعديات عليهم. واعتبر مينار أن مهمة هذا المركز المستقلّ، بمثابة ثورة تحتاج إليها المنطقة العربية التي تنتمي معظم مؤسساتها الإعلامية الى أطراف سياسيين مشاركين بالحكم أو متنازعين في ما بينهم، وبالتالي يفتقدون الصدقية والدقة. ووفقا لجريدة "الحياة" اللندنية تدارس المجتمعون أشكال القمع والرقابة ووسائل مقاومتها. فكيف يطالب الصحافي المسمّر على الكرسي في مكتبه، أو الكاتب المستلقي على أرصفة المقاهي، بحرية التعبير ويطوّر وسائلها ويشكو من انتهاكاتها؟ أليست الحرية صناعة يدفع ثمنها كل من يريدها؟ وتناول المؤتمرون الرقابة في العالم العربي وأشكالها واختلاف طرق تطبيقها بين بلد وآخر. ولكن لا شيء يفي خطورة أو ظلم القصص الإبداعية في ممارسة الرقابة والقمع، سوى الحديث المباشر لصاحب الشأن عن تجربته وتفاصيلها. لمح الأديب المصري ابراهيم صنع الله الى الانفصام المصابة به السلطات المصرية التي أذاقته وأمثاله طعم الدم، ثم تعود لتمنحهم جوائز، عارضا لتجربته الشخصية في موضوع المصادرة، ومؤكدا أنه تعلّم خلال 40 سنة من النشر والكتابة، كيف يتحايل على الرقابة، منتقداً توسّع رقعة المساحة القمعية التي تُعطى للأجهزة مثل الأزهر والجيش ووزارة الدفاع ومجلس الشعب وغيرها. واعتبر الشاعر السوري فرج بيرقدار أن الخيال هو أحد أبرز عناصر العملية الإبداعية العصي على الأسر. بالنسبة إليه "السجن حيّز مغلق ومضاد، والحرية فضاء حميم ومفتوح"، لكن السجن بالنسبة إليه كان فيه مساحة حرية أكبر من خارجه في بلده الأم سورية، فأن "تطرح أسئلتك ومسائلك بحرية وإبداع في بلد مثل سورية، يعني أولاً أن تكون حرّاً أو سجيناً". أما روجيه عساف فتطرّق الى خطورة الرقابة الذاتية، متسائلا أين نحن اليوم من الجدلية بين الحرية والتعبير عنها؟ بين الديموقراطية وممارستها؟ بين مشروع المواطنية وتطبيق مبادئها؟. وعرض لوضع "الغربال" الرقابي في لبنان الذي يتقلّب ويتحوّل ويتبدّل مع الظروف ومع المواقع مثل تلوين الحرباء وسط تغيرات البيئة المحيطة بها، فيصير الحق هنا باطلاً هناك، والمباح هناك محرّماً هنالك. وفي جلسة حول المدوّنات التي استنفرت أجهزة الاستخبارات في سورية ومصر والأردن، كل طاقاتها لقمعها، انقسم المجتمعون بين مؤيّد لاعتبارها بديلاً عن وسائل الإعلام التقليدية، ورافض لاعتبارها مساحة هامشية لا تقدّم ولا تؤخر، خصوصاً مع استخدام المدوّنين لغة رخصية أحياناً، أو لغة تجمع بين فن الخط أو الحرف اللاتيني واللغة العربية. من جهة أخري اعتبر الباحث والصحافي الفلسطيني صقر أبو فخر أن الحريات الإعلامية تقلصت الى درجة الانعدام، في قطاع غزة مع الانفصال الجغرافي الذي قامت به حركة حماس. وذكر أن العام 2007 من أسوأ الأعوام التي مرت على الإعلام الفلسطيني منذ اتفاق أوسلو ، فقد شهد هذا العام أكثر من 250 انتهاكاً للحريات الإعلامية، أكثر من نصفها وقع على أيدٍ فلسطينية. وللمرة الأولى يحل الاحتلال الإسرائيلي في المرتبة الثانية كمصدر للقتل أو للاعتداء على الصحافيين الفلسطينيين. وتساءل الشاعر والصحافي اللبناني عباس بيضون ماذا تفعل الصحافة حين يستوعب الصراع الأهلي كل شاردة وواردة ويستغرق كل شيء؟ هل يمكن أن تبقى الصحافة للخبر والإعلام أم تتحول الى سلاح للرأي والموقف وأداة تحريض أهلي؟ وتوصل بيضون الى أن الجمهورية والديموقراطية صمدتا أمام الاجتياحات بتنوعاتها وادعاءاتها ملكية البديل. عرض الناشط في الدفاع عن الحريات الصحافية التونسي كمال عبيدي حال حرية التعبير والصحافة بعد 3 سنوات من اغتيال سمير قصير. وشدد على أهمية تعاضد الصحافيين في ما بينهم لوضع خطة مدنية من أجل حمايتهم من كل انتهاك معنوي وجسدي ومادي.