رئيس البرلمان العربي يحذر من تداعيات تصعيد إسرائيل لحرب الإبادة بغزة    الشيبي يغيب عن بيراميدز في مواجهة الأهلي    بالصور.. أول ظهور لأنغام بعد عودتها لمصر    موقع واللا العبري: الحوثيون فرضوا نظام استنزاف على إسرائيل    ننشر السيرة الذاتية للدكتور إسلام عزام رئيسا للبورصة المصرية ومحمد صبري نائبه    رئيس جامعة سوهاج: لا خسائر بشرية أو مادية جراء حريق بسطح مبنى مجمع المدرجات بالمقر القديم    القبض على بائعة وصديقتها وراء سرقة سوبر ماركت في العجوزة    ترامب: أخطط لزيارة الصين قريبا تلبية لرغبة رئيسها    بدرية طلبة تسخر على شائعات شطب عضويتها من نقابة الممثلين: اللي أعرفه إن الحي هو اللي بيزيل    في أحدث ظهور.. مايا دياب تخطف الانظار على خلفية البحر والصخور    رعايتك في بيتك.. الصحة تستعرض تفاصيل أول مشروع للرعاية الصحية المنزلية    مبنى جديد بمطار القاهرة |زيادة الطاقة الاستيعابية ل 60 مليون راكب.. ومواقف سيارات بالألواح الشمسية    مدير «تعليم القليوبية» يتابع الاستعدادات النهائية لافتتاح معرض المدرسة المنتجة    ترامب: تسوية وشيكة للوضع في غزة خلال أسابيع    أحمد موسى يوجه رسالة للزمالك بعد بيان الإسكان بشأن أزمة أرض النادي    عليّ دين نسيه صاحبه فهل يجوز إخراجه لشخص آخر فقير؟.. أمين الفتوى يرد    بمشاركة الآلاف من داخل وخارج مصر.. الأزهر يعقد جلسة لسرد القرآن كاملا في 24 ساعة    عصام كامل: الصحافة لا تعيش إلا في مناخ من الحرية وإتاحة المعلومات (فيديو)    إلهام شاهين تكشف حقيقة مطالبتها بتدريس مسيرتها الفنية في مناهج التعليم (فيديو)    أحمد موسى يطالب الزمالك بإصدار بيان للرد على وزارة الإسكان بشأن أرض أكتوبر    أهدرنا 7 فرص | خوسيه ريبيرو يكشف سبب تعادل الأهلي أمام غزل المحلة    كاراجر: إيزاك «كابوس» نيوكاسل يونايتد    فستان أبيض صيفي.. درة تخطف الأنظار من أحدث ظهور في الساحل    رئيس الوزراء يناقش زيادة الاعتمادات المالية المخصصة لصيانة المنشآت الحكومية    «يصل اليوم».. الزمالك يضم محترفًا جديدًا    ما هي سنن الصلاة وهل نحاسب عليها؟.. عضو بمركز الأزهر تجيب    «الزواج يسجن حريتهم».. 3 أبراج تفضل العزوبية والاستمتاع بالحياة دون قيود    «آكلة للحوم وتضع بيضها في الجروح».. ما هو داء «الدودة الحلزونية» بعد تأكيد أول إصابة به    انتخابات الشيوخ 2025 | بدء الاقتراع بالسفارات والقنصليات المصرية بأمريكا الشمالية والجنوبية | صور    مقتل 3 عناصر إجرامية شديدة الخطورة وضبط 50 كيلو حشيش وأسلحة فى الشرقية    جلسة تصوير جديدة لدينا الشربيني بالأبيض والأسود على أنغام أغنية «بابا» لعمرو دياب    بوتين يطلع نظيره الإيراني على نتائج قمة ألاسكا    رئيس الوزراء الإثيوبي ينشر صورًا حديثة لسد النهضة    مفتى الجمهورية يلتقي نخبة من علماء تايلاند في أقدم مسجد سنى بالمملكة    بمشاركة 7 آلاف متسابق.. انطلاق اختبارات مسابقة "الأزهر - بنك فيصل" للقرآن الكريم بالجامع الأزهر    وزير التموين يتابع مع شركات المضارب توفير الأرز فى المنافذ    وكيل تعليم الغربية يجتمع بمديرى المدارس الرسمية لبحث الاستعداد للعام الجديد    فحص 1362 مواطنًا خلال قافلة طبية مجانية بسيدي سالم في كفر الشيخ    مدير وحدة المعلومات الصحية الفلسطينية: الاحتلال يتعمد قصف القطاع الطبى بغزة    استعلم الآن.. نتيجة الشهادة الإعدادية الدور الثاني 2025 في القليوبية بالإسم ورقم الجلوس    رسميًا الآن.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الاثنين 25-8-2025 في البنوك    «الأرصاد» تزف بشرى سارة للمواطنين: انخفاض درجات الحرارة وعودتها للمعدلات الطبيعية    العلاج الحر بالبحيرة يغلق 30 منشأة طبية مخالفة خلال أسبوع    جيش الاحتلال يتوغل في منطقة بيت جن بريف دمشق    25 أغسطس 2025.. أسعار الأسماك بسوق العبور للجملة اليوم    إصابة 7 أشخاص في حادث تصادم سيارتين بالبحيرة    مستوطنون إسرائيليون يقتحمون باحات المسجد الأقصى    لأول مرة.. عضوات النيابة الإدارية يشاركن فى الإشراف على انتخابات النقابات والأندية    ما حكم شراء حلوى مولد النبى فى ذكرى المولد الشريف؟. الأزهر للفتوى يجيب    انطلاق المرحلة الأولى من برنامج بناء قدرات 1000 كادر طبي في الصحة النفسية    ننشر أسماء مصابي حريق جامعة قناة السويس بالإسماعيلية    الرقابة الصحية تستعد لإطلاق معايير المنشآت الصحية الصديقة للأم والطفل    إيران تدرس خفض تخصيب اليورانيوم لتفادي العقوبات والضربات العسكرية    الوداد ليلا كورة: المترجي وقع على عقود انضمامه إلى الفريق لمدة موسمين    نهاية ديلر بنها.. سقوط «شعوذة» في قبضة أمن القليوبية    ميلود حمدي: أهدى نقاط المباراة للجماهير.. وهذا ما أتمناه ضد غزل المحلة    أسامة عرابي: فتوح قصر في حق نفسه.. وتعجبت من رحيل هذا اللاعب عن الأهلي    سماع دوي انفجار ضخم في العاصمة السورية دمشق    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تقرير المصير لا يحتمل الخفة / محمود الريماوي
نشر في محيط يوم 23 - 06 - 2008


تقرير المصير لا يحتمل الخفة
محمود الريماوي
المباحثات الجارية بين الحكومة العراقية والإدارة الأمريكية، بشأن مستقبل الوجود الأمريكي في بلاد الرافدين، تشكل حدثاً سياسياً بالغ الأهمية وبعيد الأثر. واشنطن تريد تقنين وجود قواتها لأمد طويل، مع امتيازات هائلة تفوق تلك التي تتمتع بها القوات الأمريكية في بلدان مثل الفلبين وألمانيا. فيما ترغب الحكومة العراقية بالإفادة من القوة الأمريكية إلى حين اكتمال قدرات أمنية ودفاعية ذاتية، وابتعاد شبح “القاعدة" ومن يدور في فلكها، لكن من دون المساس بصورة السيادة. بهذا ترغب بغداد في إجراء مباحثات سياسية من موقع التكافؤ، فيما واشنطن تسعى لاستغلال الضعف الذاتي لقدرات الحكومة من أجل التوصل إلى اتفاقية أو معاهدة، يكون فيها للقرار الأمريكي اليد الطولى أو العليا.

تستثمر واشنطن أيضاً أن قواتها اجتاحت بلد النخيل وأسقطت النظام فيه، بطلب وإلحاح من القوى السياسية العراقية، التي تصدرت المشهد السياسي طيلة خمس سنوات. ترغب واشنطن بذلك أن تتلقى مكافأة سخية، تتيح لها تواجداً عسكرياً واستخبارياً مع تسهيلات لوجستية. وبأكثر من النفوذ الذي تمتعت به لدى تدبير انقلابات في أمريكا الجنوبية مثلاً.

الحكومة العراقية تبدو صامدة حتى الآن، في التمسك بمواقفها. غير أن أمر المعاهدة لن يقتصر على تحديد خطوط عريضة، بل سوف يشمل حُكماً تفاصيل دقيقة ذات جوانب فنية وقانونية ملزمة. ولئن كان مشروع المعاهدة سوف يعرض على مجلس النواب لتقرير الموقف منها، غير أن السجال حولها يبدأ قبل ذلك، في ضمان أن تكون القوات الأمريكية موجودة كقوات أجنبية، وأن يكون أمر إنهاء وجودها بيد الحكومة العراقية.

ومع ملاحظة أن هناك قدراً من التلاقي بين المكونات السياسية حول المواقف مع قدر من الاختلاف، فهناك من يرغب بخروج هذه القوات على الفور من دون قيد أو شرط. إلا أن هذه المناسبة السياسية الشديدة الأهمية، توفر فرصة لإدارة حوار وطني شامل حول راهن العراق ومستقبله، لا حول مستقبل النفوذ الأمريكي فحسب. وهذه الفرصة لا سابق لها من قبل. وذلك لما تتضمنه من بلورة خيارات وطنية كبيرة، وليس التداول حول تشكيل حكومة. وتخطىء حكومة المالكي خطأ فادحاً، إذا أدارت المفاوضات بصورة منفردة بعيداً عن تمثيل قوى سياسية في لجنة التفاوض.

من زاوية عملية فإن من مصلحة الحكومة العراقية القائمة إشراك أوسع التيارات السياسية، في رسم وصياغة مستقبل الوطن والدولة، وحتى لا تتحمل هذه الحكومة منفردة وزر أية أخطاء أو مطبات قد تتضمنها المعاهدة. وحتى لا تقترن معاهدة غير مقبولة ومجحفة باسم رئيس الحكومة.

للأسف فإنه لا يرشح في الأنباء ما يفيد أن المعاهدة المزمعة، محل حوار يضم ممثلين للحكومة مع رموز الحياة السياسية والدينية والاجتماعية، ما يفتح الباب أمام الانفراد وتالياً أمام تجديد الانشقاق السياسي متعدد المستويات. فالمشهد الآن يرتسم على النحو التالي: إما أن تمثل المعاهدة (إذا كان لا مفر من توقيعها) فرصة للتواصل وتبادل الآراء ومناسبة للتلاقي بما يمكن من صياغة اتفاقية تحفظ الحقوق الوطنية والسيادية، بما لذلك من تداعيات إيجابية على الصعيد الداخلي، أو أن ينفرد طرف أو ائتلاف سياسي بالقيام بهذه المهمة التي تحف بها المحاذير من كل جانب، مع ما لذلك من انعكاسات سلبية تفاقم الأزمة المركبة التي ما انفك العراقيون ينوءون تحت وطأتها ويدفعون لقاء ذلك أفدح الأثمان.

هناك فسحة من الوقت لتدارك حالة الانفراد والانفتاح على الشركاء في الوطن. واشنطن حددت نهاية يوليو/ تموز المقبل موعداً لإنجاز الاتفاق، ليس هناك ما يلزم الطرف العراقي بهذا الموعد القريب. وإن كان الأمر لا يحتمل بالطبع موعداً مفتوحاً. فتفويض مجلس الأمن للقوات الأمريكية ينتهي مع نهاية العام الجاري. وفي جميع الأحوال فواشنطن بحاجة للمعاهدة لا تقل إن لم تزد على حاجة الطرف العراقي. وذلك من أجل انتهاء ولاية بوش بمعاهدة تتوج تدخلها في العراق وتقيد الرئيس المقبل، وتحقق غايات استراتيجية بعيدة المدى.

وإلى جانب الأهمية الفائقة للمعاهدة داخليا، فمن الواضح أن دول المنطقة سوف تتأثر بمفاعيل الاتفاقية المرتقبة. لقد تحرك المالكي باتجاه طهران وعمان في الأسبوعين الأخيرين، وهو ما يملي استكمال دائرة تحركه لتشمل دول الخليج العربية وسوريا وتركيا. وكان الأجدى وما زال، أن يتأسس التحرك نحو دول الجوار، بعد إرساء توافق وطني داخلي حول محددات المعاهدة. ولا يحسب المرء أن التطور المنتظر بإبرام المعاهدة، هو محض شأن داخلي عراقي. فالمسألة تتعلق بوجود عسكري واستخباراتي كبير للدولة العظمى على مقربة من حدود عدة دول. كما أن هذا التطور المرتقب، يأتي في وقت لم تغادر فيه إدارة المحافظين لا موقعها فحسب، بل كذلك سياستها القائمة على عسكرة السياسة الخارجية، والضغوط المختلفة على دول المنطقة لحملها على التناغم مع هذه السياسة الرعناء.

لقد وقعت الحرب قبل خمس سنوات بعيداً عن قناعة غالبية دول المنطقة ورفضها للخيار العسكري، وعانت هذه الدول من آثار هذه الحرب مما دبجته آلاف التقارير والمقالات التي نشرت عشية الحرب وإلى اندلاعها ومع استمرارها.

يفترق في المفصل الجديد المتعلق بمستقبل السطوة الأمريكية في العراق، أن يكون هناك توافق إقليمي يتأسس على توافق وطني داخلي لرسم صورة المرحلة المقبلة بما يكفل أولا حقوق ومصالح العراقيين وازدهار علاقات العراق العربية وسلامة هذه العلاقة مع العمق الإقليمي.

الخشية أن تكون هذه الارتسامات حول مستقبل العراق والمنطقة بعيدة عن أذهان الساسة الحاكمين في بغداد، وأن يكون المستقبل رهينة سياسة تجريبية.
عن صحيفة الخليج الاماراتية
23/6/2008


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.