جولة رايس في الوقت الضائع! د. محمد ناجي عمايره تأتي كوندوليزا رايس وزيرة الخارجية الاميركية مجددا الى المنطقة، وهي ستذهب كما جاءت، دون ان يتحقق شيء جديد او تقدم لنا اية حلول لمشكلات المنطقة سواء في فلسطين او العراق او لبنان او حتى للملف النووي الايراني او للوضع السوداني. هذا الجزم ليس مناكفة ولا ضربا بالغيب، ولا فحصا للودع! بل هو استنتاج طبيعي لما كانت عليه نتائج الجولات المكوكية السابقة للوزيرة الاميركية السمراء التي تودع مثل رئيسها منصبها الدبلوماسي المؤثر قبل نهاية العام الحالي بعد الانتخابات الرئاسية الاميركية. ما قالته رايس في تصريحاتها الصحفية او خلال لقاءاتها بالمسؤولين الاسرائيليين والفلسطينيين يعطي مؤشرا واضحا لما ستسفر عنه مباحثاتها في دول المنطقة وبالذات مع اولمرت وحكومته، وعباس ومساعديه، فهي لا تجد في الاستيطان عقبة امام حل القضايا العالقة في المفاوضات الاسرائيلية الفلسطينية، ولكنها تنتقد التوسع في الاستيطان لانه لا يخدم نجاح المفاوضات ، ولا ترى ابعد من ذلك. ومن هنا اتسعت الفجوة بين تصريحاتها المتفائلة بايجاد حل قبل نهاية العام الحالي 2008 وبين خيبة الأمل التي احدثتها لدى الجانب الفلسطيني ومن ثم العربي (المعتدل) بخصوص الاستيطان وتأثيره الذي تعتقد انه (محدود). لم نكن ننتظر من الوزيرة الاميركية ان تدين الاستيطان او تطالب بوقفه، مثلما لم ننتظر (من قبل) ان ترفض القبول بالقدس عاصمة موحدة لاسرائيل، وهي التي تذهب اليها في كل زيارة للقاء رئيس الوزراء الاسرائيلي واعضاء حكومته، كما اننا لا ننتظر منها ان تميز بين ما يسمى ب(حدود 1967) والاراضي التي احتلتها القوات الاسرائيلية بعد ذلك. وهذا ما لم تفعله ابدا من قبل. كما ان جولة رايس الحالية لا تختلف عن جولاتها السابقة في كونها تأتي لتجدد التزام الولاياتالمتحدة بدعم اسرائيل وتأكيد حقها في الأمن والاستقرار في مواجهة الارهاب الفلسطيني وربما العربي!!. وفي الوقت الذي لامست رايس موضوع الاستيطان الجديد بخفة فقد لاحظت انها يجب الا تؤثر على الوضع النهائي للمفاوضات. وهذا رد ضعيف جدا على تأكيدات حكومة اولمرت بان القدس الموحدة عاصمة اسرائيل الابدية وان التكتلات الاستيطانية الكبرى ستبقى تحت سيطرتها في اطار اي اتفاق للسلام. ورايس تدرك، كما يدرك المسؤولون الاميركيون جميعهم ، ان السلام لن يتحقق مع استمرار الاستيطان والتوسع فيه وان القرارات الدولية كافة تدين الاستيطان وترفض التوسع الاسرائيلي وتطالب اسرائيل باعادة كامل الاراضي الفلسطينية والعربية المحتلة منذ عام 1967. ومع هذا فإن جولات المسؤولين الاميركيين بما في ذلك زيارات الرئيس بوش لم تكن مفيدة أبدا في الكشف عن هذا التناقض الاخلاقي في اعتماد سياسة المعايير المزدوجة، والانحياز الدائم لاسرائيل. فما الذي يمكن ان ننتظره من جولة رايس التي تأتي في الوقت الضائع!. عن صحيفة الوطن العمانية 17/6/2008