60 عاما على نكبة فلسطين خميس بن عبيد القطيطي تبقى فلسطين قلب الأمة النابض ومهبط الرسالات وارض الأنبياء القابعة تحت نير الاحتلال الصهيوني وبمرور 60 عاما على تلك النكبة والاحتلال الغاشم الذي جاء بعد الانتداب الاستعماري البريطاني الذي مهد له الطريق ليمارس انتهاكاته من تهويد للارض وطرد أهلها وارتكاب المجازر تدفعه بروتوكولات إرهابية مزعومة. تأتي الذكرى الستون للنكبة العربية وما تحمله من مواقف وذكريات أليمة مرت على الشعب الفلسطيني منذ ذلك التاريخ الحزين (الخامس عشر من مايو عام 1948م) فقد تجرع خلاله هذا الشعب ويلات الاسر والتهجير والتعذيب والقتل والقصف المستمر والدمار الذي لحق بالبنية التحتية والبيئة للارض الفلسطينية من قبل جنرالات الحرب الصهاينة وجنود وحماة الهيكل المزعوم، والاغتيالات المبرمجة والحصار والتجويع واغلاق المنافذ واقتلاع الاشجار، وجميع مظاهر الفساد والافساد الهمجية، وصولا الى تهويد مدينة السلام وزهرة المدائن القدس الشريف، والكثير من مفردات البغي والجبروت الاسرائيلية التي لم ترحم طفلا او شيخا مسنا او مريضا، فحاق بشعب فلسطين الويلات والدمار والحروب المستمرة وأشد أنواع البلاء بل تجرع السم الزعاف ظلما وعدوانا بغير الحق .. كل ذلك يحدث أمام العالم المتحضر الذي يعيش في ظل النظام العالمي المسود بالخوف والقهر وظلم الشعوب، من منطلق مفهوم الغالب والمغلوب والغالب هنا بلا شك هي تلك القوى الدولية التي أسست لهذا النظام وفقا لرغباتها الشيطانية التي لم تراع فيه الحقوق الانسانية ولم تتوخ فيه الامانة السماوية الموسومة بخلافة الارض، لذلك أقامت نظامها منظما للقهر الاجتماعي والظلم العالمي ولم تراع فيه حقوق الانسان لأنه أصلا لم يندرج تحت إطار شرائعي ولا حتى اطار وضعي نزيه، فأدى الى نتايج وخيمة كارثية على الانسانية والارض برمتها من فقر وأمراض وحروب واستعمار واستغلال ثروات الشعوب وكوارث فادحة ما لها من قرار. ونكبة فلسطين هي بلا شك إحدى افرازات ذلك النظام وإحدى تلك الازمات والكوارث التي تسجل للتاريخ ظلم الانسان للانسان بفعل واقع القوة والهيمنة والسيطرة الآثمة لذلك النظام، وهي كذلك تسجل سابقة خطيرة للنظام الدولي العالمي واختراقاً فاضحاً لمفهوم النظام نفسه، والذي أعطى من لا وطن لهم أرضا مسكونة من قبل شعب آخر طوال التاريخ فأضفى عليها شرعية ناقصة منقوصة لا تستند الى أية حقوق أو وثائق تاريخية أو أعراف دولية متعارف عليها بتاتا، وذلك مساندة قوى شريرة أسست لنظام ظالم للسيطرة على العالم بأسره. وما يبعث على الأسى أيضا هو ذلك الوضع الراهن الذي تعيشه الامة العربية والاسلامية في عالم اليوم الذي تسوده التكتلات الدولية ويقوم على الاقتصاد المتلازم مع ما وصل اليه العلم من نتائج متقدمة تشكل عوامل النهوض لدى الامم، في وقت نتخلف فيه نحن العرب والمسلمين عن ركب الحضارات بعدما أنشأنا الاساس لقيام الكثير من الحضارات البشرية السالفة والذي قامت عليه الحضارة الغربية المعاصرة. ان العرب والمسلمين اليوم ومع دخول ألفية ميلادية ثالثة بحاجة ماسة الى استشعار تلك الدروس والعبر التي لابد ان تجمعهم على كلمة سواء في ميادين العلم والسياسة والاقتصاد مع وجود ماض عريق وتاريخ زاهر من الحضارة الاسلامية الرائدة والتي ألقتها أخلاقا جوهرية سامية نشرت السلام والوئام والعدل ونالت شرف الرسالة السماوية الخالدة والتي أوجدت الاساس المتين القويم لعمارة الارض وخلافتها لنستلهم مميزات تلك الحضارة الاسلامية البيضاء والتي لن تقوم أمة أو حضارة نافذة على وجه الارض دونها ودون استشفاف نمطها الفريد وذلك لصون الكرامة الانسانية وتحقيق تلك المفاهيم الرحبة والمآرب الخلاقة لشمولية نظام كوني جديد تسوده مفردات انسانية اخلاقية سمحاء ولتحقيق العدالة الكونية للانسانية جمعاء. عن صحيفة الوطن العمانية 15/5/2008