اغتيال مغنية يفتح ملفات مغلقة د. أنور بن ماجد عشقي لا أحد ينكر عبقرية عماد مغنية في التستر علي العمليات الإرهابية وادارتها وهو ما يقوله اليوم الكولونيل( تيم جبراغي) قائد قوات المارينز عام1983, لقد نجح عماد مغنية في التخفي من ملاحقة الأمريكيين له طوال ربع قرن, فكان الأساس في تكوين حزب الله فيما بعد. شكل عماد ومصطفي بدرالدين زوج شقيقته فريقا قتاليا كان الأول يخطط, وبدرالدين خبير المتفجرات يعد السيارات المفخخة, فكانا أول من خاض هذه التجربة, لقد كانا وراء الشاحنة التي انفجرت عام1983 بمبني قوات المارينز في بيروت, المكون من أربعة طوابق وقتلا فيها241 فردا من هذه القوات, لم ينج منهم إلا الحارس. كانت الشحنة عبارة عن شاحنة محملة بما يوازي12 ألف رطل من المتفجرات, واعتبر وقتها أضخم انفجار تقليدي منذ الحرب العالمية الثانية, لكن الاستخبارات الأمريكية ربطت الانفجار وقتها بعماد مغنية. يقول معهد بروكينجر للدراسات الاستراتيجية علي لسان( بلال صعب) الخبير في شئون حزب الله بمركز سابان بالمعهد, كان عماد مغنية أول من ابتدع الإرهاب الانتحاري قبل فترة طويلة من تكوين القاعدة عام1991, وهو الذي درب الفلسطينيين الذين اخرجتهم إسرائيل من ديارهم في لبنان علي العمليات الانتحارية, أما بدرالدين فقد قبض عليه في الكويت, وحكم عليه بالإعدام لمسئوليته عن سلسلة من التفجيرات من بينها تفجير السفارتين الأمريكية والفرنسية في مدينة الكويت, ورفضت أمريكا المساومة عليه, فخطف عماد مغنية3 رهائن أمريكيين عام1986 لاطلاق سراح بدرالدين, لكن إيران اقنعته بإطلاق الرهائن مقابل أسلحة حصلت عليها من الأمريكيين, فعاد عماد الي خطف ثلاثة آخرين, لكن الأزمة انتهت بعد غزو العراق للكويت عام1991, وخرج بدرالدين عندما فتحت السجون الكويتية, وسمح له بالعودة الي لبنان. لقد دفعت إيران الي مغنية لقاء افراجه عن باقي الرهائن بعض التعويضات, لكنه أدخل في قائمة مكتب التحقيقات الفيدرالية كأكثر الإرهابيين المطلوبين خطورة بسبب اختطافه طائرة تابعة لشركةTWA عام1985, وأخذه للغواص في البحرية الأمريكية( رين ستيثان) الي باب الطائرة وارغامه علي الركوع, واطلاق النار علي رأسه, وإلقاء جثته علي أرض المطار, واحتجاز الركاب وطاقم الطائرة لمدة أسبوعين قبل الافراج عنهم. بعدها تبنته قوات الحرس الثوري في إيران, ودربته, وجعلت منه همزة وصل بين حزب الله وطهران, فكان فعالا في تشكيل وحدات الحزب العسكرية في جنوب لبنان قبل الحرب مع إسرائيل عام2006, كما نجح في اقناع إيران باستئناف إمداد الحركة الشيعية في لبنان بصواريخ طويلة المدي, وهذا ما صرحت به الاستخبارات الأمريكية التي قالت بأنه شارك في نسف أبراج الخبر عام1996 بالمملكة العربية السعودية التي راح ضحيتها(19) جنديا أمريكيا. أما( معد فياض) المراسل الصحفي للشرق الأوسط من لندن, فقد ذكر في الصحيفة في عدد الجمعة2008/2/15 أن عماد مغنية كان علي علاقة وثيقة بالتيار الصدري في العراق, وهو الذي أشرف علي تدريب الجماعات من جيش المهدي في معسكر إيراني يقع قرب الحدود العراقية في منطقة ديزفول, كما التقي بقيادات في جيش المهدي جنوب لبنان وتحت اشراف حزب الله اللبناني الذي يرتبط بعلاقات وثيقة مع التيار الصدري, وقيادات جيش المهدي. لقد شيع جثمان عماد مغنية في لبنان يوم الخميس2008/2/14 واتهمت إسرائيل باغتياله في دمشق ليلة الثلاثاء2008/2/11 بسبب دوره في تفجير مركز الرابطة اليهودية في الأرجنتين عام1994, وانه المخطط لخطف الجنديين الإسرائيليين عام2006, تلك القضية التي فجرت الحرب بين لبنان وإسرائيل, حيث تمكن حزب الله من ضرب العمق الإسرائيلي بالصواريخ, كما استطاع أن يدمر دبابات مركافا التي كانت إسرائيل تقول عنها أنها لا تقهر. لقد كانت حربا عنيفة بين الطرفين, فبينما يري حزب الله أن العنف عمل جهادي لتحرير الأراضي المحتلة, نجد إسرائيل وأمريكا تمارسان الإرهاب نفسه, وتقولان بأنه دفاع عن النفس وحرب علي الإرهاب, انها حرب قذرة يذهب ضحيتها الأبرياء, لكن عماد مغنية لم يثبت انه قتل كثيرا من الأبرياء أما القاعدة التي جاءت من بعده فقد استهدفت الأبرياء لتحقيق أغراض سياسية. لقد كشفت عملية الاغتيال ملفات عديدة, إذ بينت أن حزب الله لا علاقة له بالقاعدة, وأن له تنظيما اجتماعيا يرفع من شأن المجتمع الذي كان يعيش في جنوب لبنان وضواحي بيروت. كما كشفت عملية الاغتيال أن التحالف بين حزب الله وايران وسوريا يشكل جبهة واحدة, لكنه بين أن الأمن السوري مخترق, وأن حزب الله ليس معصوما من الاختراق, فلماذا لم يقتل مغنية داخل لبنان مع أن لبنان أكثر استباحة؟ ولماذا جاءت عملية الاغتيال في توقيت حرج بعد تقرير فينوجراد, ومتزامنة مع الاحتفال بالذكري الرابعة لاغتيال الحريري, وذكري تدمير مبني المارينز؟ واقتراب مؤتمر القمة العربية في دمشق, هل كانت رسالة تهديد لسوريا, والي قيادة حماس التي تعيش في دمشق, أم أن إسرائيل أرادت أن تحرج الحكومة السورية, وتحطم كبرياءها أمام شعبها, وأمام العالم العربي؟ فلو كانت عملية الاغتيال تواطؤا مع سوريا لكان لسوريا أن تقوم بتصفية مغنية داخل لبنان, وبدون ضجيج, فذلك أيسر لها وأبعد عن التهمة. كيف استطاعت إسرائيل أن تصل إليه, وقد غير هويته ومعالم وجهه عدة مرات, وأصبح يعرف بالحاج رضوان, انها رسالة الي حزب الله تقول بأنهم قد اخترقوا الحزب الي حد لا يمكن تصوره, حتي كانت سوريا تجهل أن مغنية هو الحاج رضوان, بدليل أنها لم تصرح بذلك في اليوم الأول والثاني حتي اكتشفت حقيقة الأمر؟ أم أنها كانت تدرس توابع الإعلان عنه؟ وسؤال أخير, لماذا اعترفت سوريا وحزب الله بمقتل عماد مغنية, ولم يعلنوا أن القتيل هو الحاج رضوان؟ أسئلة تبحث عن إجابة, لكنها تنذر بمخاطر سوف تعيشها المنطقة, مما قد يؤكد أن الذين يخططون للأزمات يريدون للمشكلات أن تزحف بعيدا عن منابع النفط. عن صحيفة الاهرام المصرية 23/2/2008