عندما أعلن عن ترشحه للرئاسة عن الحزب الديموقراطي لم يكن حوله الا 15 الفا من مواطني دائرته الانتخابية في مدينة شيكاغو. ضحك كثيرون وظنوه مفرطا في طموحه. فهو لا يزال في السادسة والأربعين من عمره. وهو سناتور جديد في مجلس الشيوخ. وهو اسود من اصل افريقي. وهو مسلم من جهة الأب الذي جاء من كينيا. وهو فقير والحملة الانتخابية تحتاج الى ملايين الدولارات. وهو يواجه كلنتون. ليس السناتور هيلاري كلنتون بمفردها بل وزوجها الرئيس السابق الذي ما زال يتمتع بشعبية كبيرة بسبب الرخاء الاقتصادي الذي عم اميركا اثناء رئاسته. يوم السبت الماضي فاز السناتور باراك اوباما في الانتخابات الأولية في أربع ولايات ولم تفز هيلاري كلنتون في واحدة منها. هذه الولايات الأربع ليس فيها ناخبون سود. والولايات موزعة جغرافيا في أنحاء الولاياتالمتحدة، من اقصى الشمال الى اقصى الجنوب الى الوسط. وهذا الأسبوع ايضا كشفت الأرقام عن ان اوباما جمع في يوم واحد 3 ملايين دولار من التبرعات، بينما ارغمت السناتور كلنتون على اقراض حملتها الانتخابية 5 ملايين دولارمن اموالها الخاصة. في البداية كان الأميركيون السود يؤيدون هيلاري كلنتون وليس اوباما الأسود. ثم يوما بعد يوم تحول 80 في المائة منهم نحو اوباما وبقي 20 في المائة منهم مع كلنتون. السبب وراء هذا التحول هو ان الأميركيين السود شهدوا البيض يصوتون لرجل اسود، فكيف لا يصوتون هم انفسهم لواحد منهم. في البداية ظن السود ان اوباما لن يفوز، وبالتالي قرروا ان يصوتوا لمرشح يمكنه الفوز بالرئاسة. لكن اوباما ظل يقترب خطوة خطوة من هيلاري كلنتون في عدد الأصوات حتى وصل الى حد التعادل معها. وفضلا عن شعورهم بالعار لأنهم لم يؤيدوه في البداية ادرك السود أن اوباما يمكنه الفوز. لكن السود في اميركا لا يشكلون سوى 18 في المائة فقط من عدد السكان. وبلوغ اوباما حد التعادل مع كلنتون في الحزب الديموقراطي لا يمكن ان يكون قد تحقق بفضل أصوات السود فقط. بل لابد ان اعدادا كبيرة من البيض يصوتون له. فمن هم هؤلاء الذين يصوتون لصالح اوباما. التحليلات لنتائج الانتخابات الأولية حتى الآن توضح ان الشباب يؤيدون اوباما وكبار السن يؤيدون هيلاري كلنتون. السود يؤيدون اوباما، واللاتينيون (هؤلاء الذين جاءوا من اميركا الجنوبية) يؤيدون هيلاري كلنتون. المتعلمون يؤيدون اوباما، وغير المتعلمين او انصاف المتعلمين يؤيدون كلنتون. النساء ينقسمن بين اوباما وكلنتون. الشابات وطالبات الجامعات يؤيدن اوباما بينما ربات البيوت والنساء الأكبر سنا يؤيدون كلينتون. البيض من كبار السن يؤيدون كلينتون بنسبة 62 في المائة واوباما بنسبة 38 في المائة. بينما تتركز المنافسة في الحزب الديموقراطي على اوباما وكلينتون بعد انسحاب بقية المرشحين، تخلو الساحة في الحزب الجمهوري الا من السناتور المخضرم جون ماكين بعد انسحاب خصمه الرئيسي ميت رومني. لكن ماكين لا يزال يواجه منافسة ضعيفة من المرشح مايك هاكابي الذي لن يتمكن في كل الأحوال من اللحاق بالسناتور ماكين. والسبب في استمرار وجود هاكابي في المعركة الانتخابية بين الجمهوريين هو التأييد القوي الذي يتمتع به من اليمين المسيحي المحافظ. هاكابي قس سابق. فمن الذي يؤيد ماكين ومن يعطيه حد التفوق بين الجمهوريين. ومن هو الديموقراطي الأقوى الذي يمكنه الحاق الهزيمة بالسناتور ماكين؟ اوباما ام كلنتون؟ سنبحث هذه الأسئلة.