لبنان أمام 3 سيناريوهات سعد محيو لماذا يبدو لبنان هذه الأيام كأنه ينزلق خطوة بخطوة نحو الهاوية؟ لأنه، ببساطة، يفعل ذلك. ولماذا يحدث هذا، برغم أن كل الأطراف اللبنانية المعنية، من حزب الله الى حزب الحريري ومن جنبلاط الى عون، تكرر آناء الليل وأطراف النهار أنها لا تريد ولا تنوي الاندفاع الى القعر مجدداً؟ لأن الأمور، ببساطة أكثر، قد تخرج في أي وقت عن نطاق السيطرة. هذا أوشك أن يحدث خلال ما حصل مؤخراً بين الجيش ومتظاهرين من الضاحية، وهو يمكن أن يحدث الآن في أي وقت بفعل الحوادث الأمنية التي باتت متنقلة بشكل شبه يومي بين مختلف المناطق اللبنانية. لا بل أكثر: الوضع مرشح لمزيد من الغليان او التصعيد مع كل شهر سيمر من الآن وحتى تحوّل الرئيس الأمريكي بوش من “بطة عرجاء" الى “بطة ميتة" مع مطالع الصيف المقبل، اذ حينذاك، كما قالت مصادر سياسية عليا في كل من لبنان وسوريا لكاتب هذه السطور مؤخراً، القرار الأمريكي سيكون مشلولاً، مما قد يسمح بحسم الصراع في لبنان لمصلحة أحد الطرفين السوري - الإيراني أو الأمريكي- “العربي المعتدل". حسم الصراع.. ماذا يعني ذلك؟ الاجتهادات تتعدد هنا بتعدد وجهات النظر: البعض لا يستبعد أن يكون الحل الأمني أو حتى العسكري وارداً، خصوصاً أن الأطراف المحلية والإقليمية المتصارعة تعتبر ما يجري “مسألة حياة او موت" لها، كما قال باتريك سيل قبل أيام. أو بأن “الفرصة التي ستطل برأسها في الصيف، قد لا تتكرر لسنوات عدة مقبلة. هذا الحل يمكن أن يتخذ شكل انقلاب عسكري مدعوم من تحالف نصر الله - عون، تليه مباشرة حرب أهلية قصيرة المدى تؤسس لقيام نظام سياسي لبناني جديد. البعض الآخر يرى أن الأمور ستحسم في النهاية بأقلام الاقتراع لا بسيوف العسكر، عبر انتخابات نيابية مبكرة تعيد رسم موازين القوى بين قوى 8 و14 آذار/مارس. ثم هناك طرف ثالث يستبعد هذين الخيارين معاً، ويرى أن الوضع اللبناني سيواصل مسيرته “التآكلية" الراهنة، جنباً الى جنب مع بعض الاغتيالات والخضات الأمنية الكبيرة ولكن المحدودة، الى حين وصول القوى الإقليمية والدولية الى صفقة ما حول مصير لبنان. أي من هذه السيناريوهات الثلاثة الأقرب الى التحقق؟ لكل منها نقاط قوته. وهذا لسبب مقنع: داخل كل طرف من أطراف الصراع، هناك صقور وحمائم يضغطون لتنفيذ سيناريوهاتهم الخاصة بهم. الجنرال عون، مثلاً، يحبذ من زمان اجتياح السراي الحكومي والبرلمان في اطار ثورة صفراء - برتقالية (اعلام حزب الله والتيار الحر). وسمير جعجع لا يمانع في امتشاق السلاح لوقف اجتياح عون لمعاقله المسيحية. وكذا الأمر بالنسبة للمحافظين الجدد الأمريكيين وبعض الرؤوس الحامية في دول إقليمية، الذين يرون مصلحتهم في تمديد نظرية “الفوضى الخلاقة" الى لبنان. في المقابل، ثمة أطراف لبنانية وإقليمية ترى، وعن حق، أن انفجار الوضع اللبناني سيصب مباشرة لمصلحة الخطط الامريكية - اليهودية العالمية الهادفة إلى تقسيم المنطقة مذهبياً وطائفياً وقبلياً، في إطار حريق لن تسلم منه هذه المرة أي دولة عربية. ولذا، فهي تدعو الى الحلول السلمية الديمقراطية. قد يبدو، في هذا الإطار، أن أصحاب السيناريو الثالث (التآكل) هم الأكثر منطقية وقوة. لكن هذا ليس مؤكداً البتة. فهم ليسوا اللاعبين الوحيدين في لبنان. وإذا ما انهار الوضع اللبناني بفعل استمرار الشلل الراهن، قد يكونون هم أنفسهم مضطرين لدفع أثمان باهظة للقوى الدولية نفسها التي يريدون إبرام الصفقات معها. أثمان ربما تعصف بكل مواقعهم الجيو- استراتيجية في الشرق العربي. ماذا اذاً؟ الى أين من هنا؟ إلى المزيد، على الأرجح، من ألعاب الخطوة خطوة نحو التصعيد، أو التآكل، أو المقامرات والرهانات الخطرة، التي تقود كلها الى الهاوية، أو على الأقل الى شفيرها. هل نسمع هنا تصفيقاً “إسرائيلياً"؟ عن صحيفة الخليج الاماراتية 6/2/2008