بوش في السعودية عاطف عبد الجواد كثير من الأميركيين يفكرون في السعودية على انها شيئان: ارض ابن لادن، والمكان الذي يأتي منه البنزين لسيارات الأميركيين. زيارة الرئيس بوش للمملكة العربية السعودية هذا الأسبوع تأتي تتويجا لجهود استهدفت تحسين العلاقات بين البلدين وصورة كل بلد لدى مواطني البلد الآخر. ولكن هذه الزيارة قد تحمل معها ايضا بذور خلافات جديدة. جهود تحسين العلاقات شهدت طفرة في ابريل 2005 عندما زار الملك عبدالله بن عبد العزيز الرئيس بوش في ضيعته في ولاية تكساس. وفي مؤشر على التحسن عادت اعداد الطلبة السعوديين في اميركا الى مستوياتها قبل احداث سبتمبر 2001. لكن العالم تغير كثيرا منذ زيارة تكساس. فقط قفزت اسعار النفط الى مائة برميل مما بات يهدد بانكماش اقتصادي في الولاياتالمتحدة. ورغم ان السعودية تقول ان اسعار النفط هي نتيجة طبيعية لحركة السوق فإن الرئيس بوش يتوقع من ضيوفه عملا للمساعدة في تخفيف وطأة ارتفاع الأسعار. هذا واحد من مجالات الخلافات المحتملة بين الطرفين. عندما جاء الرئيس بوش الى البيت الأبيض كان سعر جالون البنزين 99 سنتا فقط. اليوم تجاوز الثلاثة دولارات. ربما خرج الرئيس بوش من البيت الأبيض تاركا خلفه بوادر انكماش اقتصادي وهو ما حدث مع والده جورج بوش الأب في عام 1992. هل يزيد السعوديون انتاجهم من النفط؟ هذا الإنتاج الذي كان اكبر بخمسة في المائة اثناء زيارة تكساس عما هو عليه اليوم. وهل تستجيب السعودية لطلب الرئيس الأميركي وهو يأتي معه هذه المرة بموقف جديد من القضية الفلسطينية؟ فأثناء زيارته لإسرائيل والضفة الغربية طالب الرئيس بوش ربما لأول مرة بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي الذي قال انه بدأ عام 1967. واثناء زيارة بوش للسعودية سوف ينظر الكونجرس في صفقة اسلحة متقدمة للسعودية مقدارها عشرون مليار دولار. تزامن الزيارة مع طلب التصديق على الصفقة يوحي بأن الكونجرس سوف يوافق عليها. ولكن الديموقراطيين في الكونجرس يهيمنون على القرار التشريعي وهم يعارضون الرئيس الجمهوري في كل شيء ، وهذا يعني ان تصديقهم على الصفقة لن يكون تلقائيا. هذا مجال آخر محتمل للخلافات بين الطرفين. والبعض يرى ان صفقة الأسلحة ضرورية لخدمة السياسة الأميركية التي تستهدف احتواء ما تسميه واشنطن تهديدا ايرانيا في المنطقة. وهنا تبرز بعض الخلافات المحتملة في الموقفين الأميركي والسعودي ازاء طهران. فالرياض تقول انها تريد الحفاظ على علاقات طيبة مع ايران برغم ما تسعى اليه واشنطن من عقوبات وتكتل اقليمي ضد طهران. وهنا تبرز حقيقتان. الأولى هي ان خمس عشرة وكالة استخباراتية اميركية خلصت في الشهر الماضي الى ان ايران اوقفت في عام 2003 سعيها الى انتاج سلاح نووي. والحقيقة الثانية هي ان البحرية الأميركية تقول الآن إن حادث المواجهة البحرية بين الأميركيين والزوارق الإيرانية في مضيق هرموز لم يشكل تهديدا للسفن الأميركية على الرغم من ان الرئيس بوش وصف الحادث بأنه استفزاز خطير. ولكن الرئيس بوش قد يسمع نصيحة مهمة من السعوديين والعرب فيما يتعلق بسياسته ازاء ايران. إذن قد لا يجد الرئيس بوش آذانا مصغية مائة في المائة فيما يتعلق بعدد من القضايا على اجندته في السعودية. ربما توصل الرئيس والسعوديون الى وسيلة لإقناع حماس بالمشاركة في عملية السلام. وهنا يحتاج الرئيس بوش الى السعودية التي لها نفوذ مالي وسياسي وديني على حماس في غزة. وحتى في العراق هناك احتمال خلافات بين الأميركيين والسعوديين. الأميركيون يقولون ان زيادة القوات الأميركية هي التي خفضت من معدلات العنف في العراق. الحقيقة هي ان السعوديين اقنعوا، ماليا وسياسيا، القبائل العراقية بالتعاون ضد القاعدة في العراق. وهبطت معدلات العنف بسبب عوامل اقليمية ومحلية عراقية، فضلا عن جهود القوات الأميركية. الخلاصة هي ان زيارة بوش للمنطقة سوف يكون لها اثر كبير على رسم وتنفيذ السياسة الخارجية الأميركية في السنة الأخيرة للرئيس بوش في البيت الأبيض. ولكن الرئيس الأميركي لن يتوفر له ما يكفي من الوقت لإحداث تغييرات جوهرية تحسن من سمعة اميركا في العالم العربي والإسلامي وتحسن سمعة العرب والمسلمين في اميركا. عن صحيفة الوطن العمانية 15/1/2008