إلى أي هوة قد سقطت يا أخلاق.. وإلى أي أرض قد ذهبت يا عفة؟!!. وقائع يندى لها الجبين، ويقشعر منها البدن.. تلك التي نتجرع الحسرة والأسى ونحن نقرأ فصولها الرديئة بين الفينة والأخرى، سيما وأن أبطالها هم من وكلهم المجتمع على القيام بأعباء نشر الفضيلة، والخلق الرفيع، والتربية الراقية، فحين يخون المربى والمعلم تلك الأمانة الثقيلة فكأنما خان المجتمع بأسره، وتحدى قيمه ومثله العليا، وبارزه علانية ودون حياء بالفاحشة المنكرة، وهنا يستعصى على العقل أن يضع توصيفاً دقيقاً لهذه الجريمة الشنعاء التي تصيب العقل والفكر بالشلل التام.
أي معلم هذا الذي أؤتمن على تلميذات مراهقات، ثم حولته نفسه الدنيئة من حارس لهن، ومرب لهن، وقدوة لهن، إلى ذئب ينهش لحومهن وأعراضهن، بل ويكرر فعلته اللعينة دون أن تنتبه له عفة، أو يستيقظ له ضمير، حيث زين له شيطانه ونفسه المريضة سوء عمله، فراح يتفاخر بين أقرانه بما قدمت يداه عبر لقطات سجلها دون علم القاصرات، في إصرار غريب على كشف من ستره الله عن عيون الناس.. بالله عليكم أي معلم هذا؟!.
ومهما كانت الدوافع والمبررات فهي مردودة في نحر من نطق بها، فلا الزمان ولا المكان ولا المناسبة تحتمل أن نلتمس عذراً واحداً للذي أساء إلى حرمه المكان الذي يعمل فيه، وإلى جلال المهنة التي يؤديها، فإذا كان يتحجج بضيق ذات اليد، وعدم القدرة على الزواج فلنا في ديننا المخرج والمتنفس، حيث قال من لا ينطق عن الهوى- صلى الله عليه وسلم - " يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء"، ولكن لأن طريق المعصية سهل ويسير فلماذا لا يمضى فيه ضعاف النفوس وفاقدو الضمير؟!!.
أعزائي القراء: إن القلم ليهتز بين أناملي خجلاً، ويأبى أن يكتب المزيد عن تلك الواقعة المخزية والتي سبقتها وقائع من نفس الجنس، ولكن حسبي أن أذكر لكم قصة تجسد معنى الخوف من معصية الله تعالى.. القصة وقعت في عهد خليفة رسول عمر بن الخطاب.. هذه القصة تعلن بوضوح عن الفرق الذي بيننا وبين الذين تمسكوا بدينهم، وراقبوا الله في السر والعلن.....
كان بالمدينة شاب غض الإرهاب أرهفه الزهد, يلازم المسجد ليسمع الحديث غضاً طرياً من أفواه الصحابة رضوان الله عليهم, أعجب به عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وكان له أباً شيخاً كبيرا, فإذا صلى العشاء انصرف إليه، وكان طريقه على باب امرأة, افتتنت به, فمر عليها ذات يوم فما زالت تغويه حتى تبعها, فلما همَّ أن يدخل البيت خلفها, تذكر قول الله سبحانه وتعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَواْ إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُواْ فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ) فخر مغشياً عليه, فحُمل إلى أبيه.
ظل الشاب مغشياً عليه حتى ذهب ثلث الليل ولما أفاق سأله أبوه عما حدث فأخبره, فقال له أبوه: يا بني وأي آية قرأت؟ فقرأ الشاب الآية فخر مغشياً عليه وعندما اجتمع أهله وجيرانه يحركونه وجدوه ميتاً فغسلوه ودفنوه ليلاً، وفي الصباح رُفع الأمر إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه, فجاء إلى أبيه فعزاه ثم أتى قبر الشاب وصاح قائلاً : يا فلان ( ولمن خاف مقام ربه جنتان ) فأجابه صوت الفتى من القبر: يا عمر قد أعطانيهما ربي.. يا عمر قد أعطانيهما ربي....
بقيت كلمة... ويل للمجتمع إذا انحرف مثقفوه ومعلموه....!!