الوحدة اليمنية في عامها التاسع عشر: سفينة تمخر عباب 'المجهول'! * الخضر الحسني
كانت حلماً راود الجميعَ ..فهل نقولُ: تحققَ الحُلمُ على أرض الواقع، وصرنا نعيشهُ- لحظة بلحظة- ؟ قد تختلفُ الاجابة، على هذا التساؤل، من شخص ٍإلى آخر، تبعاً لاختلاف درجة المعاناة، هنا أو هناك، عند هذا المواطن.. أوذاك!
الوحدة اليمنية ..في محطتها ال19 :
يمكنُ لي، تشبيهها على وجه التقريب- بسفينة تحملُ على ظهرها، ركاباً هم خليط فسيفسائي من البشر، يتطلعون للوصول، إلى برِّ الامان، دون خسائر تذكر! .. ويحذوهم الامل، في رحلة خالية، من متاعب السفر، ومن تقلبات الطقس، المسببة لهيجان المحيط!..
يحاولُ ربانها -قدر الامكان- أن يسيطر، على دفتها ..يُوفقُ أحياناً، وتخونهُ قدرته وحنكته أحايين أخرى، في مسايرة إتجاه الرياح..فتجنح ذات اليمين.. وذات اليسار
لا تزال السفينة، تمخرُ عبابَ المجهول .. أنهكتها أعطابُها ومشاكلها الفنية الناجمة، عن أخطاء، في تقدير الحالة الفنية، قبل الابحار!
ها هي تقتربُ، من صخور جبلية بارزة للعيان، علت سطح المحيط، وباتت تشكلُ تهديداً محدقاً .. وتحدياً ملفتا، لمدى قدرتها وقدرة ربانها في تفادي الارتطام، بتلك الصخور الراسية !
ويبدو أن حالة من دوار البحر، قد أصابت بعض ركابها، فوجدوا أنفسهم، مطالبين الرُّبان بتحديد المسار، دونما أخطار أو خسائر وأضرار، قد تلحقُ بالسفينة، إن إستمرَ الابحار في ذات الاتجاه .. وذات المسار!
19عاما مضت، منذ بدء عملية الابحار ..والسفينة، لا تزال، تواصلُ المشوار ..وهذا لا يعني، أنها وخلال الفترة الماضية، لم تجنح يمنا أو يسارا!..فقد حدث، أن مرَّت بعاصفة وإعصار .. كاد أن يضعَ نهاية مأساوية لها ..ولركابها الاخيار منهم والاشرار!
ولكن بفضل، من الله، العلي القدير، العادل الجبار، ومن ثم بفضل أصحاب التجارب السابقة، في ركوب البحر والاحاطة، بكلِّ ما يكتنفه، من الغاز وأسرار..تخطت السفينة، مرحلة الانزلاق الاول نحو تلك العثرة المُقدرة..
واليوم.. يسألونك : أين موقع السفينة، من ربانها وركابها.. وما تبقى من مشوار حتى الوصول، إلى بر الامان؟! لعل الاجابة، على السؤال- الذي يفرضُ نفسه بقوة- قد تسترت، خلف السطور .. أو ما وراء البراري والبوادي والغفار.. وأعالي البحار!
ويظلُّ الدعاء، إلى الله- ما بقينا على ظهر السفينة، تقودنا الاقدار، الى مستقبل غير معلوم في ظلِّ تخبط الاراء وتشعب وتعدد الافكار- بأن يمنح - الله- ربانها، القدرة على فكِّ طلاسم الاسرار، ويهدينا جميعا، سراط اليقين، آمين يا رب العالمين. الخلاصة: يبدو المشهد قاتما والرؤية ضبابيَّة!..فرغم محاولات هنا.. وأخرى هناك.. لتلافي الانزلاق، في خطر التشطير اللعين، إلا أنَّ ربان السفينة، لا يزال- للاسف الشديد- معتمداً على نفس الوجوه، ونفس الشخوص الذين يصعبُ القول معهم، أنهم قد يضمنوا نهاية سليمة لمسار السفينة؟
الفترة الممتدة الى الذكرى العشرينية لميلاد يوم 22 ايار مايو 1990..لا شك محفوفة بمخاطر جمَّة، طالما والرؤية ضبابية! .. والوجوه نفس الوجوه والشخوص نفس الشخوص؟
نسأل الله السلامة لركاب السفينة جميعا ..دون إستثناء وبالله التوفيق.
* كاتب صحافي يمني من الجنوب جريدة القدس العربي -23/5/2009