محافظ مطروح يعتمد المرحلة الثانية لتنسيق القبول بمدارس التعليم الثانوي العام    وكالة فيتش تخفض التصنيف الائتماني لفنلندا إلى أدنى مستوى في 10 سنوات    سعر الخضراوات اليوم في سوق العبور 26 يوليو 2025    وزير الزراعة اللبناني: حرب إسرائيل على لبنان كبدت المزارعين خسائر ب 800 مليون دولار    سعر الخضار والفواكه اليوم السبت 26-7-2025 بالمنوفية.. البصل يبدأ من 10 جنيهات    "الضرائب" توجه بإصدار إيصالات ضريبية إلكترونية على بيئة التشغيل الفعلي عن الخدمات    الاستقالة الطوعية تطيح ب3870 موظفًا في ناسا ضمن خطة لتقليص العاملين الفيدراليين    المكتب الإعلامي الحكومي في غزة يحذر من خطر وفاة 100 ألف طفل خلال أيام    "المصري الديمقراطي": نرفض تحميل مصر مسئولية جرائم الاحتلال    "لوفيجارو": مأساة غزة تختبر إنسانية الغرب وعجزه السياسي    كمبوديا تغلق المجال الجوي فوق مناطق الاشتباك مع تايلاند    لوموند: قمة بكين تكشف ضعف أوروبا الكبير في مواجهة الصين    لمزاملة بنزيما.. المدير الرياضي لاتحاد جدة يريد فينيسيوس    منتخب سيدات السلة يواجه كوت ديفوار في أولى مبارياته ببطولة الأفروباسكت    سيراميكا يواجه دكرنس غداً فى رابع ودياته استعداداً للموسم الجديد    إنتر ميامي يتعاقد مع صديق ميسي    معسكر دولي لمنتخب الطائرة في سلوفينيا استعدادًا لبطولة العالم    فيديو.. الأرصاد: اليوم ذروة الموجة شديدة الحرارة.. والعظمى على القاهرة تتجاوز 43    النيابة العامة بالمنيا ترسل لجنة تحقيق إلى بني سويف للتحري عن والدة أطفال دلجا ال6 المتوفيين    الإعدام والمؤبد ل4 متهمين في قضية ثأر بالصف استمرت 8 سنوات    زوجة راغب علامة تحسم الجدل بشأن شائعة انفصالهما بصورة وتعليق.. ماذا قالت؟    يوم الخالات والعمات.. أبراج تقدم الدعم والحب غير المشروط لأبناء أشقائها    جورج خباز ينعي زياد الرحباني بكلمات مؤثرة    إعلام فلسطينى: الاحتلال يستهدف منزلا غرب مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة    سميرة عبد العزيز في ضيافة المهرجان القومي للمسرح اليوم.. وتوقيع كتاب يوثق رحلتها المسرحية    الصحة: مصر تستعرض تجربتها في مبادرة «العناية بصحة الأم والجنين» خلال مؤتمر إفريقيا للقضاء على الإيدز والتهاب الكبد B والزهري    الصحة: دعم المنظومة الصحية في محافظة البحيرة بجهازي قسطرة قلبية بقيمة 46 مليون جنيه    تحتوي على مكونات مفيدة تحفز الطاقة والمناعة.. تعرف على أفضل المشروبات الصحية الصيفية    غينيا تتجاوز 300 إصابة مؤكدة بجدري القرود وسط حالة طوارئ صحية عامة    انخفاض أسعار الدواجن اليوم السبت بالأسواق (موقع رسمي)    أعرف التفاصيل .. فرص عمل بالأردن بمرتبات تصل إلى 35 ألف جنيه    "تأقلمت سريعًا".. صفقة الأهلي الجديدة يتحدث عن فوائد معسكر تونس    "قصص متفوتكش".. محمد صلاح يتسوق في هونج كونج.. نداء عاجل لأفشة.. ورسالة إمام عاشور لزوجته    ليلة أسطورية..عمرو دياب يشعل حفل الرياض بأغاني ألبومه الجديد (صور)    من رصاصة فى القلب ل"أهل الكهف".. توفيق الحكيم يُثرى السينما المصرية بكتاباته    أسامة قابيل: من يُحلل الحشيش يُخادع الناس.. فهل يرضى أن يشربه أولاده وأحفاده؟    القضاء الأمريكى يوقف قيود ترامب على منح الجنسية بالولادة    تنسيق الجامعات 2025.. تسجيل الرغبات بموقع التنسيق الإلكتروني مجانا    وزير الري يتابع مشروع مكافحة الحشائش المائية في البحيرات العظمى    بالأرقام.. الحكومة تضخ 742.5 مليار جنيه لدعم المواطن في موازنة 25/26    تشغيل قطارات جديدة على خط مطروح    تعرف على موعد عرض أولى حلقات مسلسل « قهوة 2» ل أحمد فهمي    بعد ظهور نتيجة الثانوية 2025.. وزارة التعليم: لا يوجد تحسين مجموع للناجحين    «موعد أذان المغرب».. مواقيت الصلاة اليوم السبت 26 يوليو 2025 في القاهرة والمحافظات    دعاء الفجر.. اللهم إنا نسألك فى فجر هذا اليوم أن تيسر لنا أمورنا وتشرح صدورنا    "الحشيش حرام" الأوقاف والإفتاء تحسمان الجدل بعد موجة لغط على السوشيال ميديا    الدفاع الألمانية تستعين بأسراب «صراصير» للتجسس والإستطلاع    غزة.. وفاة جديدة لرضيعة فى مستشفى ناصر في خان يونس بسبب الجوع    إصابة شاب في مشاجرة وتسمم مزارع بحوادث متفرقة في سوهاج    أجندة البورصة بنهاية يوليو.. عمومية ل"دايس" لسداد 135 مليون جنيه لناجى توما    بالأسماء.. مصرع طفلة وإصابة 23 شخصًا في انقلاب ميكروباص بطريق "قفط – القصير"    موعد إجازة المولد النبوي 2025 الرسمية في مصر.. كم يومًا إجازة للموظفين؟    وزير الأوقاف يحيل مجموعة من المخالفات إلى التحقيق العاجل    موعد مباراة ليفربول وميلان الودية اليوم والقنوات الناقلة    الأوقاف تعقد 27 ندوة بعنوان "ما عال من اقتصد.. ترشيد الطاقة نموذجًا" الأحد    «الداخلية» تنفي «فيديو الإخوان» بشأن احتجاز ضابط.. وتؤكد: «مفبرك» والوثائق لا تمت بصلة للواقع    بعد «أزمة الحشيش».. 4 تصريحات ل سعاد صالح أثارت الجدل منها «رؤية المخطوبة»    «لو شوكة السمك وقفت في حلقك».. جرب الحيلة رقم 3 للتخلص منها فورًا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اغتيال العسكريين لكسر وحدة اللبنانيين
نشر في محيط يوم 15 - 12 - 2007


اغتيال العسكريين لكسر وحدة اللبنانيين
د. عصام نعمان
اللبنانيون ليسوا شعباً. إنهم أبناء طوائف ومذاهب ورعايا “دولة" لم تتأسس بعد. فما نشاهده ونلمسه، أحياناً، في لبنان ليس دولة بالمعنى المتعارف عليه، بل نظام بمعنى آلية لتقاسم السلطة والمصالح والمغانم بين متزعمي طوائف، ورجال أعمال وأموال، وآمري أجهزة أمن واستخبارات. هؤلاء جميعا تضمهم طبقة سياسية قابضة حكمت اللبنانيين وتحكمت بهم، وما زالت، منذ الاستقلال في العام 1943.
للنظام السياسي عمود فقري هو الجيش انه الظاهرة اللبنانية الوحيدة الباقية في الاجتماع السياسي التعددي الراهن. ذلك أن معظم اللبنانيين، مسؤولين ومواطنين، يجاهرون بالانتماء إلى طائفة تحديدا من طوائفه الثماني عشرة إلا العسكريين الذين يفخرون بأنهم ينتمون، وطنياً ومسلكياً، إلى مؤسسة تذوب فيها بشكلٍ مُرضٍ أو تكاد جميع الطوائف والمذاهب والمشارب. فتربية الجيش لمجنديه وجنوده وضباطه تنأى بهم عن السلوكية الطوائفية التي تطبع غالباً انتماء الموظفين إلى الإدارات والمؤسسات الرسمية في “الدولة". من هنا يستقيم القول إن الجيش، بتركيبته المختلطة وقيادته الوطنية المستنيرة، هو أساس وحدة البلد وضمانة تماسكه.
ليس أدل على صحة هذا التحليل من ان أصحاب القرار الداخليين والخارجيين لجأوا إلى الجيش عندما تعذّر على السياسيين المحترفين من أركان الطبقة القابضة التوصل إلى تسويات مقبولة لصراعاتهم المزمنة. حدث ذلك بنجاح في العام 1958 بعد انتفاضة شعبية أحبطت مشروع رئيس الجمهورية كميل شمعون لتمديد ولايته، فانتخب مجلس النواب، نتيجة تفاهمٍ بين حكومة مصر الناصرية وإدارة أمريكا الجمهورية، قائد الجيش اللبناني اللواء فؤاد شهاب رئيساً للجمهورية.
في العام ،1988 تعذّر على مجلس النواب انتخاب رئيس للجمهورية بديلا من الرئيس أمين الجميل المنتهية ولايته، فما وجد هذا الأخير طريقةً للقفز فوق صراعات ومنافسات المرشحين من المسيحيين الموارنة للمنصب الرفيع إلا بتعيين قائد الجيش آنذاك العماد ميشال عون رئيسا لحكومة انتقالية عسكرية تضطلع بصلاحيات رئيس الجمهورية ريثما يتمّ التوافق على انتخاب رئيس أصيل.
غير ان التوفيق جافى الجميل لسببين: الأول، لوجود الدكتور سليم الحص على رأس حكومة وطنية تحظى باحترام اللبنانيين. الثاني، لقيام قائد ميليشيا “القوات اللبنانية" الدكتور سمير جعجع بمنافسة العماد عون على زعامة المسيحيين وتحدّيه له، ما أدى لاحقاً إلى نشوب صراعٍ دموي حادّ بينهما انتهى إلى اندحار جعجع، لكن ليس قبل أن أدى الصراع إلى إضعاف المركز التفاوضي للمسيحيين الموارنة في تركيبة النظام السيّاسي وعلاقتهم مع سائر زعماء الطوائف.
في العام ،1998 تجددت المنافسة الساخنة على رئاسة الجمهورية بعد انتهاء ولاية الرئيس الياس الهراوي، فكان أن انتخب مجلس النواب، نتيجة تفاهم المسؤولين السوريين مع حلفائهم من السياسيين اللبنانيين، قائد الجيش العماد اميل لحود رئيساً للجمهورية، وهو المعروف بنزعته الوطنية ومسلكيته غير الطائفية ونجاحه في إعادة بناء الجيش ورفده بعقيدة قتالية جديدة تعتبر “إسرائيل"، وليس غيرها، عدوا قومياً للبنان، والمقاومة قوةً وطنية رادعة ورديفة للجيش في الدفاع عن الأرض والحرية والسيادة.
في الأزمة الراهنة، وحيال تعذّر اتفاق قوى 14 آذار الموالية وقوى المعارضة على مرشح توافقي لخلافة لحود في رئاسة الجمهورية، اتفق طرفا الصراع أو كادا على قائد الجيش العماد ميشال سليمان لملء سدة الرئاسة الشاغرة، نظراً لما يتصف به من وطنية واستقلالية وكفاءة لافتة في قيادة الجيش والمحافظة على أمن البلد في وجه الاعتداءات “الإسرائيلية" على لبنان والمقاومة من جهة وفي مؤازرة قوى الأمن الداخلي لفرض الأمن والنظام في وجه الإرهاب والإرهابيين، خصوصا مقاتلي منظمة “فتح الإسلام" في مخيم نهر البارد من جهة أخرى.
أجل، الجيش هو كل ما تبقّى للبنانيين من مؤسسات لها طابع وطني عام لا طائفي ولا حزبي ولا فئوي. لذا فإن اغتيال مدير العمليات في الجيش العميد الركن فرنسوا الحاج هو ضربة موجهة إلى البلد ككل، والى الجيش بما هو العمود الفقري للبلد، والى قائد الجيش العماد ميشال سليمان بما هو المرشح التوافقي لرئاسة الجمهورية.
هل هذا كل ما في الأمر؟
ليس بالتأكيد. ذلك ان ثمة دلائل عدّة تشير إلى ان اغتيال “قلب الجيش"، كما نعت كثيرون الضابط الشهيد، إنما يهدف الى تحقيق جملة أغراض:
* أولها، إفقاد الجيش احد كبار قادته الحريصين على دوره الوطني الجامع واضطلاعه بحماية المقاومة، ذلك ان العميد الحاج كان سيحل محل العماد سليمان في قيادة الجيش في حال انتخاب الأخير رئيساً للجمهورية.
* ثانيها، توجيه رسالة واضحة الى العماد سليمان مفادها عدم جواز استمراره، كما استمرار الجيش، في الاضطلاع بالدور الوطني الجامع الذي حافظ عليه مذّ تسلّم العماد لحود قيادته في مطلع التسعينات.
* ثالثها، إقحام الجيش في المعمعة السياسية أو إقحام السياسة في مسلكية الجيش بغية اضعاف دوره، إن لم يكن تفكيك بنيته كعمود فقري للبلد. والمقول إن مباشرة خطة لاغتيال بعض كبار الضباط الملتزمين عقيدة التوجّه الوطني الحالي للجيش قد يُرهب الآخرين، أو بعضهم على الأقل، ويحملهم على انتهاج خط مغاير في مسلكيتهم الوطنية والعسكرية.
* رابعها، إن تغييب العميد الحاج يعطي حلفاء أمريكا في صفوف الطبقة السياسية القابضة فرصة لإعادة تشكيل قيادة الجيش من ضباط موالين لا يمانعون بل ربما يسهّلون عملية اعادة النظر بعقيدته القتالية، فلا تبقى “إسرائيل" عدواً قومياً للبنان ولجيشه.
* خامسها، اشعال نار الاضطراب الأمني في لبنان، كما في العراق، من اجل تعميم حال “الفوضى الخلاقة" بما هي البديل من السيطرة الأمريكية المتعذرة على لبنان، سياسياً وامنياً، الأمر الذي يستدرج المقاومة إلى التورط بأنشطة أمنية داخلية بعيداً من مهمتها الرئيسة كقوة رادعة ل"إسرائيل" وعدوانيتها الفاجرة.
على الصعيد السياسي، تشعر قوى المعارضة بأنها الخاسر الأول بتغييب العميد الحاج كقائد عسكري وطني لاطائفي، وكخليفة للعماد سليمان في قيادة الجيش. ثم هي تشعر أيضا بأن أحد مقاصد تغييبه ربما يكون الضغط عليها للإسراع بانتخاب العماد سليمان رئيسا للجمهورية من دون مفاوضة قوى 14 آذار مسبقاً على السلة المتكاملة من القضايا والمطالب والخطط المراد اعتمادها في العهد الجديد، وفي مقدمها اسم رئيس الحكومة الجديدة وأسماء أعضائها، وبيانها الوزاري، وما يجدر بها القيام به او عدم القيام به من أمور. الى ذلك كله، فإن المعارضة تخشى ان تقوم حكومة فؤاد السنيورة، التي تعتبرها غير دستورية وغير شرعية، بتعيين بديل من العميد الحاج في منصب مدير غرفة العمليات بحيث يكون هو، لا غيره من الضباط الوطنين الملتزمين العقيدة القتالية الحالية للجيش، المرشح المعتمد لخلافة العماد سليمان بعد انتخابه رئيساً.
كما تخشى المعارضة ان تتصلب قوى 14 آذار بإصرارها على ان يكون سعد الحريري أو السنيورة أو من هو على طرازه رئيساً للحكومة الجديدة، حتى إذا رفضت قوى المعارضة ذلك انقضى شهر كانون الأول/ ديسمبر، وهو الأخير من أشهر دورة مجلس النواب العادية، فلا يعود ممكناً تعديل الدستور لانتخاب العماد سليمان رئيسا إلاّ ابتداءً من منتصف شهر آذار/ مارس المقبل أي مع بدء دورة عادية أخرى لمجلس النواب. وفي هذه الحالة، فإن حكومة السنيورة ستبقى في السلطة وسيكون في وسع قوى 14 آذار إدارة الأزمة كما يحلو لها، مع كل ما يمكن ان تنطوي عليه إدارتها السيئة من أخطار وتحديات.
اخيراً وليس آخراً، فإن موقف قوى 14 آذار من معظم القضايا والإشكالات المار ذكرها سيعكس بالضرورة مواقف حلفائها الدوليين والإقليميين، وفي مقدمهم أمريكا وفرنسا من جهة، والسعودية ومصر من جهة اخرى. إذ ذاك سيكون في وسع قوى المعارضة، كما حلفائها الإقليميين، ان تدرك حقيقة سياسة إدارة بوش وأغراضها في لبنان وربما في فلسطين والعراق وحتى في سوريا وإيران بعد مؤتمر انابولس.
من يجرؤ على التكهن بما يدور في ذهن بوش ولاهوته الإيديولوجي والسياسي؟
عن صحيفة الخليج الاماراتية
15/12/2007


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.