مفاوضات القدس..والعودة إلي المربع الأول! د. أحمد يوسف القرعي بدأ بالأمس الأربعاء استئناف المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية حول قضايا الوضع النهائي( وفي مقدمتها قضية القدس) بعد توقف دام سبع سنوات عجاف استباحت فيها إسرائيل ارتكاب كل جرائم الحرب المحظورة وقام شارون بقلب مائدة المفاوضات رأسا علي عقب. وأيا تكن ملابسات مفاوضات اليوم الأول بالأمس فإنه من الأهمية أن يتقدم ملف القدس أجندة المفاوضات باعتبارها القضية الأم لكل القضايا منذ صدور قرار مجلس الأمن242 في يوليو عام1967, والعودة إلي حيثيات أول محاولة لتنفيذ هذا القرار علي أرض الواقع حيث قدم اللورد كارادون( الذي صاغ القرار) تفسيرا عندما طرح مجموعة أسئلة وأجوبة في أغسطس1979 وذهب إلي أنه( يجب أن تكون هناك قدس عربية وقدس إسرائيلية لكل منهما سيادة علي منطقتها ضمن حدودها( أي إسرائيل ودولة فلسطين) ولكن بلا حواجز فيما بينهما وبلا معوقات لحرية الحركة بينهما. لقد تساءل كارادون: هل احتلت القدسالشرقية من قبل إسرائيل في حرب1967 ؟ وأجاب: بالطبع إنها احتلت هل قصد بقرار مجلس الأمن242 أن ينطبق علي القدسالشرقية؟ بالطبع كان كذلك وليس موضوع القدس موضوعا أكاديميا جافا وغريبا وغير حقيقي,, إنه جذري وأساسي وملح وحاسم. وبموجب مشروع اللورد كارادون هذا ستكون لكل دولة سيادتها علي منطقتها من القدس( ويقرر ذلك تحت إشراف الأممالمتحدة). وزيادة علي ذلك يقترح اللورد كارادون أن الظروف ربما تقتضي من الأمين العام للأمم المتحدة أن يعين ممثلا ليقيم في المدينة ليس لإدارتها التي ستكون من مهام العرب والإسرائيليين كل من جانبه ولكن ليبذل كل جهده من أجل تطبيق هذا الحل خاصة في الحفاظ علي الأماكن المقدسة وتأمين سلامة الوصول اليها. وبذلك سيكون لكل من جزئي المدينة عبارة عن مقاطعة ضمن إطار دولته. أما فيما يتعلق بالعلاقات الدينية ما بين الطوائف, بالإضافة إلي نظم الطوائف فستكون متميزة عن سيادة الدولتين وستعمل داخل القدس وخارجها, وذلك بتنظيم تقره هيئة دولية تحت إشراف المجموعة الدولية. ولقد جاء اقتراح الفقيد المقدسي الراحل فيصل الحسيني' مسئول ملف القدس' منسجما مع أفكار مستر كارادون وتأكيد فيصل الحسيني السيادة الفلسطينية الكاملة علي القدسالشرقية برمتها, ولقد طرح الحسيني اقتراحه في أول ديسمبر1997 بالنص التالي( إن إيجاد صيغة خاصة للأماكن المقدسة يمكن أن يسهل من إيجاد حل لمدينة القدس علي سبيل المثال إذا اعتبرنا أن العاصمة الفلسطينية هي في الجزء الشرقي حسب حدود1967 واعتبرنا أن الجزء الغربي هو العاصمة الإسرائيلية ثم أخذنا كنيسة النوتردام والتي كانت تقع في المنطقة المحايدة مابين الجهتين في عام1967 واعتبرناها مركزا لدائرة نصف قطرها قد يكون600 أو700 أو حتي كيلومتر واحد عندها من الممكن أن تكون الأماكن المقدسة في الجهة الشرقية وبعض الأماكن المقدسة في الجهة الغربية واقعة ضمن هذه الدائرة وبالرغم من أن هذه الدائرة جزء منها فسيكون ضمن العاصمة الإسرائيلية وجزء ضمن العاصمة الفلسطينية ولكن هذه المنطقة لا تقام فيها لا شرقا ولا غربا مراكز حكومية ذات طبيعة سيادية ممكن أن تكون هذه المنطقة فيها نوع من الرعاية المشتركة ولا نستبعد وجودا دوليا بمفهوم ما. وفضلا عن القرار242 فان قضية القدس تحكمها عدة قرارات مرجعية مهمة من قبل مجلس الأمن منها علي سبيل المثال: (1) قرار مجلس الأمن بشأن القدس رقم252 الصادر في21 مايو1968 وجاء به أن المجلس يعتبر أن جميع الإجراءات الإدارية والتشريعية وجميع الأعمال التي قامت بها إسرائيل بما في ذلك مصادرة الأراضي والأملاك التي من شأنها أن تؤدي إلي تغيير في الوضع القانوني للقدس هي إجراءات باطلة ولا يمكن أن تغير في وضع القدس. (2) قرار مجلس الأمن رقم478 الصادر في20 أغسطس1980 بعدم الاعتراف بالقانون الأساسي الذي أصدره الكنيست الإسرائيلي بشأن توحيد القدسالشرقيةوالغربية وجعلها عاصمة موحدة وأبدية لإسرائيل ودعوة مجلس الأمن للدول التي أقامت بعثات دبلوماسية في القدس إلي سحب هذه البعثات من المدينة المقدسة. وأكد المجلس في قراره أن قانون الكنيست يشكل انتهاكا للقانون الدولي ولايؤثر في استمرار انطباق اتفاقية جنيف الرابعة( أغسطس1949) والمتعلقة بحماية المدنيين وقت الحرب علي الأراضي الفلسطينية وغيرها من الأراضي العربية التي تحتلها إسرائيل منذ عام1967 بما في ذلك القدس. (3) قرار مجلس الأمن رقم672 في13 أكتوبر1990 ويعرب المجلس فيه عن جزعه لأعمال العنف التي وقعت في8 أكتوبر في الحرم الشريف وفي الأماكن المقدسة الأخري بمدينة القدس ويطلب إلي إسرائيل الوفاء بدقة بالتزاماتها ومسئولياتها القانونية المقررة بموجب اتفاقية. وأكثر من هذه القرارات فهناك قرارات المنظمات الدولية الأخري وفي مقدمتها اليونسكو بدعوة إسرائيل إلي المحافظة علي الممتلكات الثقافية خصوصا في القدس القديمة, وأن تمتنع إسرائيل عن أية عملية من عمليات تغيير الطبيعة التاريخية للمدينة. *** وأخيرا فإن مثل تلك المرجعيات هي التي تعطي للمفاوضات الجديدة مصداقيتها إذا خلصت نوايا إسرائيل وحليفتها الأمريكية. عن صحيفة الاهرام المصرية 13/12/2007