هل يحمل أوباما معه الدولة الفلسطينية؟! عبد الله عواد لسنوات طويلة وبوش يقول ب (الدولة الفلسطينية) التي وعد بأنها ستقوم في العام 2005 وها هو يذهب دون دولة ولا هم يحزنون، ومرة ثانية وعد بأن الحل سيكون حتى نهاية العام 2008، وأقيم مهرجان أنابوليس الاحتفالي للانطلاق نحو الدولة، وها هو العام ومعه بوش يخرجان من التاريخ، ولا شيء غير الاستيطان الذي أجهز على الارض التي يفترض بها ان تشكل الإقليم للدولة التي تذهب سريعاً نحو المجهول المعلوم. ان "الغريق" من طبعه أن يتعلق بقشة، ولا غرابة في ان تخرج ما شاء من الروايات عن أوباما صاحب مدرسة التغيير، الاسود الافريقي وأصوله الإسلامية، التي تقول انه سيكون غير بوش في التعاطي مع الموضوع الفلسطيني الذي يعرفه جيداً من علاقاته مع بعض الفلسطينيين على مدار سني حياته، وربما يذهب كثيرون لمخاطبته بالأخ أوباما او الصديق أوباما. ومهما يقال فالجديد ان هناك جديداً في البيت الابيض. التغيير الأميركي لا جدال في أن فوز أوباما دلالة على التقدم خطوة واحدة جديدة في التطور الحضاري بوصول أسود ومن أصول افريقية الى البيت الابيض، وكذلك في وصول شخص من الطبقات العادية، اي ان فوز أوباما بحد ذاته يشكل ثورة أميركية داخلية اذا ما وضعت في السياق التاريخي الاميركي الذي بدأ باضطهاد السود وانتهى بدخوله البيت الابيض. لكن التغيير في الأنظمة الديمقراطية نحو سياستها الخارجية لا يكون انقلابياً وإنما بطيئاً، لأن الرئيس ليس صانع القرار وحده، وإنما هناك ما شاء من المؤسسات والمراكز التي ستشكل الطوق على أوباما في كل القرارات التي سيتخذها، وهي التي تقرر السياسات الاميركية. أما الاعتقاد بأن أوباما سيتخذ قرارات ثورية في سياسة اميركا الداخلية والخارجية، فهذا خارج المنطق والحقائق، وكل ما يمكن له فعله هو العمل على تغيير صورة اميركا العدوانية البشعة في العالم، وبذلك تقليل درجة العداء لها، أما ما الجديد لديه نحو كل الملفات، فهناك حاجة للانتظار لمعرفة الطاقم الذي سيختاره من حوله ومن ثم السياسات التي سيتبعها دون الإفراط في التفاؤل، فهو ضد الحرب في العراق مثلاً، فهل سيتخذ قراراً بسحب القوات الاميركية في اليوم الثاني لدخوله البيت الابيض؟! الإجابة واضحة. نكاية في بوش وليس حباً في أوباما هذا التغيير الاميركي بانتخاب أوباما لا يعود لأنه يحمل معه برنامجاً جديداً او سياسة واضحة ومحددة، وفقط لأنه خاطب الاميركيين بحاجتهم للتغيير بعد سنوات بوش التي اتسمت بالفشلين الأمني الخارجي والاقتصادي الداخلي، وبذلك اصبح التغيير حاجة حياتية عند الاميركيين، عدا ان التغيير منطق طبيعي يحكم حياة الإنسان. ان بوش تعاطى في سياسة اميركا الخارجية باستعلاء وعدوانية جعلتا حتى حلفاء وأصدقاء اميركا ينفرون من سياسته، وهذا مصدر الترحيب الدولي بفوز أوباما في الانتخابات، اي كنوع من رد الفعل على فعل ادارة بوش على مدار ثماني سنوات. ان المسألة ليست تأييداً لسياسة أوباما غير المعروفة الا في حالة ممارسته لها، اي بعد دخوله البيت الابيض، وإنما هي أمل عند الاميركيين وعند دول كثيرة وحتى شعوب وحركات سياسية في العالم بأن يعمل أوباما على تغيير السياسة الاميركية داخلياً وخارجياً، وهو صاحب نظرية التغيير، وبذلك فإن من السابق الحكم على السياسة التي سيتبعها لأن ما يقال اثناء الحملة الانتخابية ليس شرطاً ان يكون هو نفسه بعد الفوز، هكذا قالت كل التجارب الاميركية وفي كل دول العالم. غيروا ما بأنفسكم أولاً باستثناء كل شعوب العالم ودوله فإن التعاطي الفلسطيني مع هذا المتغير الاميركي الدولي ينطوي على إرباك غير قليل لأن حالهم يدعو للرثاء والشفقة بفعل الانقسام والصراع على السلطة، وبذلك فهم غير قادرين على مخاطبة التغيير والعالم لأن اي عاقل سيقول لهم: اتفقوا اولاً.. قولوا ماذا تريدون بالضبط.. وبعدها يمكن الحديث. ان هناك استراحة الانتقال الاميركي للسلطة والانتخابات في الدولة العبرية، اي عدة شهور قادمة، قبل ان يبدأ الحديث، لأن كل شيء في الثلاجة، فهل سيستغل الفلسطينيون هذه الشهور لإصلاح حالهم بإنهاء الانقسام؟! ان العالم يقول: غيّروا ما بأنفسكم اولاً، فهل هناك جاهزية عند الذين يخوضون حرب السلطة للتغيير والظهور أمام الشعب اولاً وأمام الاحتلال ثانياً وأمام اميركا ثالثاً ورابعاً أمام العالم موحدين باستراتيجية وسياسة واحدة ولغة واحدة؟! كل المقدمات.. قبل ايام قليلة على بدء الحوار الفلسطيني في القاهرة، وللأسف تقول على الاقل حتى اللحظة ان شيئاً لن يكون، وسيظل الحديث الفلسطيني بلغتين ولسانين، وسيظل إفلاس الفصائل هو العنوان لا مفاوضة ولا مقاومة، فقط صراع على سلطة لن تعمر طويلاً. هل سيضغط أوباما على الدولة العبرية؟! تاريخياً السياسة الاميركية تلحق بسياسة تل ابيب، ولم تتقدم ولو مرة واحدة على هذه السياسة، وفقط ما تعطيه للفلسطينيين حديث نظري لا يعني اي شيء على الارض، وما تقدمه أموال هي ما من المفترض ان تقدمه الدولة العبرية كدولة محتلة، اي ان المساعدات الاميركية لها التي كانت تقدم قبل السلطة تحولت اليها وهذا كل ما في الامر. ان السلطة بحصر مسؤوليتها في الشؤون الخدماتية، والابتعاد عن الارض والأمن والاستيطان تكون قد حملت أعباءً الاحتلال لا يريد حملها، وبذلك فهي لا تعمل معروفاً للفلسطينيين بقدر ما تخدم الدولة العبرية واحتلالها. هذه السياسة الاميركية التي وعد بوش الفلسطينيين بالدولة في اللحظة نفسها التي كان يقدم فيها ضمانات لتل أبيب بأن الكتل الاستيطانية ستبقى في اطار اي حل سياسي، فمن غير المعقول إزالتها حسب بوش، وبهذا المعنى فهل سيتغير الموقف الاميركي عند بوش؟! ان السياسة لعبة مصالح سواء أكان بوش أم أوباما أم اي شخص آخر في البيت الابيض، فما دامت المصالح الاميركية غير متضررة من هذه السياسة فإن تغييرها لن يكون، ولا حاجة للرهان على الأوهام والخيالات والاعتقاد ولو للحظة واحدة بأن القادم الجديد للبيت الابيض سيضغط على الدولة العبرية. الانتظار وحتى يكون ما يكون فإن المحكومين بالأمل حتى وإن كان الخداع يقولون هناك حاجة للانتظار.. والانتظار.. انتظار حتى يدخل أوباما البيت الابيض وانتظار حتى يرتب أوراقه ويدرس السياسات التي يريد اتباعها وانتظار حتى ترجمتها على الارض.. وماذا بعد الانتظار؟! لا جديد.. عن صحيفة الايام الفلسطينية 6/11/2008