عن " فتح " و" حماس " والضفة عبد الله عواد هل ستحكم حركة حماس "الضفة"؟! "قادة حماس" لم يخفوا ذلك، حين قالوا انهم سيصلّون قريباً في رام الله، وذلك في عزّ نشوة "الانتصار على فتح" في قطاع غزة، والاستيلاء على المؤسسات والحرق والنهب.. والقتل.. والاعتقال.. وبعد غزة، وخاصة التهدئة لم يعد الهدف "ما وراء (شيك) القطاع" وانما الضفة.. والمعركة واضحة.. لا يوجد في كل هذا أي رأي "بل مجرد عرض للحقائق". ان هناك من يصاب بالقشعريرة والصدمة "حين يُقال أن حركة حماس وبعد قطاع غزة ستحكم أيضاً الضفة"، والمسألة مسألة وقت كما تقول مقدمات كثيرة، ومن لا يرى ذلك هو مثل الذي يضع عينيه على الرصاصة القادمة نحو رأسه ليقنع نفسه بأنه لن يموت، وهو حتماً سيموت "سواء أغمض عينيه أم فتحهما". ان حماس قادمة للضفة.. وكل ذلك يتوقف على حال حركة فتح.. فإن بقيت محكومة بقيادة مترددة.. تعيش في واد وكوادرها وعناصرها في واد آخر، ومتقوقعة على نفسها بعيداً عن ثقافة ووعي الشارع.. فإن ما هو قادم "قادم". كيف استولت حماس على القطاع؟! قصة "الاستيلاء على السلطة في القطاع" تعود لما قبل الانتخابات التشريعية، ولكن بعدها - كان القرار- قد وضع موضع التنفيذ.. في انتظار اللحظة المناسبة، وعدة اطراف لعبت ادواراً مؤثرة في ذلك، في مقدمتها "الدولة العبرية" التي وجدت عبر "الاتصالات" مع حكومة حماس تحت لافتة "الشؤون الحياتية".. والوظيفية.. في حركة حماس تطابقاً في وجهات (النظر).. نحو انهاء قصة (التفاوض) المرفوضة من تل ابيب كما دلت السنوات الطويلة الماضية، وكذلك في الحل المؤقت طويل الأمد عبر (الهدنة) لعشرة أو عشرين عاماً.. وهو ما يتفق مع حل (الأمر الواقع) الذي تأخذ به الدولة العبرية.. وكذلك عبر الجاهزية الحمساوية- لاقامة دولة في غزة.. ولو (مؤقتة) على طريق ربطها بمصر.. وجاءت "التهدئة" لتؤكد ان حركة حماس هي القادرة وحدها على تأمين الأمن للدولة العبرية. ان "أميركا" وبعد الدولة العبرية لعبت الدور المؤثر عبر "الحصار الذي فرضته على الشعب الفلسطيني.. وعملياً كان مفروضاً على حركة فتح والقوى الأخرى.. بينما تضاعفت ميزانية حركة حماس الواردة من ايران.. وجهات أخرى بعد فوزها في الانتخابات.. ولأن "اللعبة" في جوهرها لعبة مالية، فان "الجائع" لا يقاتل.. و"الذي يملك بإمكانه ان يشتري"، وهذا جوهر المسألة. ولعبت "القيادة الضعيفة" الحالمة لحركة فتح، الدور المؤثر.. فالاغتيالات وحرب الاغتيالات، حيث لم تجرؤ قيادة فتح على وضع "النقاط" فوق الحروف وكانت تركض وراء "المجهول" وهو المعلوم.. والواضح مثل الشمس.. لكن لافتة (المصلحة) العامة.. والرومانسية الحالمة التي تقطر دماً .. كانت هي الحاضرة. ان العامل الآخر كان "العامل الايراني" والجوهري وهو نفسه العامل "الجوهري" في احتلال اميركا للعراق العام الفين وثلاثة، والعامل الاساس المساعد في احتلال اميركا لافغانستان، وهو نفس المشروع، وباختصار لم يكن لحماس ان تستولي على السلطة في القطاع لولا هذه العوامل الاربعة المؤثرة والفاعلة، وفي مقدمتها "العامل العبري". ان "المصلحة" لا تقاس بالخطابات النارية أو الباردة.. ولا بالانشاء الرنان.. وانما أولاً وأخيراً بالوقائع على الأرض.. ومن تخدم هذه الوقائع..؟! هل تخدم نتيجة الاستيلاء (الانقسام) القضية والشعب والارض.. و"المصلحة الفلسطينية" أم يخدم مصلحة الدولة العبرية.. هل يخدم "فصل قطاع غزة" عن الدولة العبرية.. وعن الضفة المحتلة الفلسطينيين؟! هل القاء قطاع غزة في "الحُضن" المصري يخدم المصلحة الفلسطينية أو المصرية أم "مصلحة الدولة العبرية" التي وضعت التخلص من القطاع هدفاً استراتيجياً لها؟! هل تخدم تهدئة الأمر الواقع المشروع الفلسطيني أم المشروع الصهيوني في فلسطين؟! هل نقل المعركة من معركة مع الاحتلال إلى معركة فلسطينية داخلية يخدم القضية الفلسطينية أم يخدم الاحتلال الصهيوني؟! وسلسلة من الاسئلة والاجابة واحدة. ان مصر وعبر الحوار الذي تديره بهدف "انهاء الانقسام" لا تدافع فقط عن المشروع الوطني الفلسطيني وانما ايضاً عن المشروع الوطني المصري في مواجهة المشروع الصهيوني "الحاق القطاع بها" وهذا ما لم تستوعبه حركة حماس حتى اللحظة.. التي ترسل اشارة تهديد مبطنة تحت لافتة "اعتقال عناصر من حماس في مصر" وهكذا استولت حماس على السلطة.. وستستمر في سلطة القطاع. المسألة لعبة مصالح هناك - من قرأ استيلاء حماس بالقوة على السلطة- قراءة حالمة - بأن المسألة مسألة وقت وشهور أو حتى أسابيع قليلة لانه اعتمد على الانشاء السياسي العنيف بين الدولة العبرية وحركة حماس.. ولم يقترب من لعبة المصالح التي وحدها تحدد السياسات.. وفي هذه اللعبة. ان حركة أظهرت - عدم جدية- في التعاطي مع "المقاومة" بل وانخرطت فيها في عهد أبو عمار، وهذه شكلت نقطة تحول في مجرى الصراع.. وخاصة بعد انتهاء السنوات الخمس الاولى على اتفاق أوسلو دون ترجمة الاتفاق على الارض.. وبعد أبو عمار- الذي دفع ثمن موقفه (البندقية في يد وغصن الزيتون في اليد الأخرى) عانت حركة فتح من الضعف.. وانقلبت سياستها نحو "المفاوضات الخيار الاستراتيجي" إلى آخر هذه المعزوفة. ان مصلحة الدولة العبرية - في وجود سلطة قوية في قطاع غزة- وليس سلطة ضعيفة.. ومصلحتها في وجود "ازدواجية في الخطاب السياسي بين النظري والعملي" وليس في ازدواجية عملية.. وخطاب نظري سلامي واحد.. لهذا بالضبط فإن حركة لم تعد عند الدولة العبرية تصلح.. وبذلك كان الخيار على حركة حماس.. وهكذا - سلطة حمساوية- قوية- تؤمن حدود الدولة العبرية من المقاومة بكافة اشكالها ولا مانع عندها من القتل والاعتقال كما يقول المشهد على الارض.. وخطاب مخادع يقول بالمقاومة، وعلى الأرض وفي الممارسة يقمع المقاومة التي حولها إلى معركة داخلية على سلطة تحت سقف الاحتلال، وشيئاً فشيئاً تثبت حركة حماس جدارتها في السياسة شطب المفاوضات، وعلى الأرض التعاطي الايجابي مع سياسة الأمر الواقع، والدفع بالتيار السلامي داخل فتح نحو "الإفلاس الكامل" وهل تريد الدولة العبرية أكثر من قلب الصراع رأساً على عقب من صراع معها.. إلى صراع داخلي فلسطيني - فلسطيني يُجهز على ما تبقى عند الناس من نفس مقاوم.. لصالح البحث عن الهجرة كما تقول استطلاعات الرأي..؟! الانتقال للضفة..؟! الخطوة الاولى لحماس نحو الدولة العبرية.. اثبتت فيها الجدارة - تأمين الحدود معها - بتهدئة كخطوة على طريق الهدنة لعشر أو عشرين سنة قادمة كما هو الخطاب السياسي لحماس.. البديل - للمقاومة وللمفاوضات- واذا ما نجحت في الخطوة الثانية - فتح الحدود كاملة مع مصر- واغلاق كافة المعابر مع الدولة العبرية.. فان الانتقال للضفة.. يُصبح تحصيل حاصل، وحتى اللحظة هذا هو المشروع الموجود على الأرض وفي السياسة، ويتوقف على عدة متغيرات اولها: الانتهاء من المشروع الصهيوني على الأرض، كانتونات مرتبطة باتفاق وطُرق منفصلة تربط بينها وطريق اريحا المعرجات جزء من هذا المشروع.. وثانيها: اخراج قيادة حماس من سورية واللجوء إلى الاردن برعاية (الاخوان المسلمين) الذين يقوم خطابهم على (خطأ) فصل الضفة الغربية عن الضفة الشرقية. ان المسألة ليست مرتبطة بحركة حماس.. وانما بمشروع اقليمي - جوهره الدولة العبرية.. واميركا.. وايران.. بالضبط كما حصل في القطاع.. وتخوّف الاردن كان واضحاً عند استيلاء حماس على السلطة، ولكن بين التخوف وبين الوقائع الاقتصادية.. المادية.. وارتباطاتها الخارجية فرق يتسع لكل الشيء.. وقد يجد الاردن نفسه كحال مصر الآن. ماذا تُريد حركة فتح؟! غير واضح.. ما هو البرنامج السياسي الذي أقرته اللجنة التحضيرية للاعداد للمؤتمر السادس ولا ماهية "الخطوط السياسية" التي أقرتها اللجنة المركزية في اجتماعها الأخير.. ولكن حركة فتح تمر بمأزق فكري سياسي، بين خياري المقاومة والحل السياسي.. فاذا أقرت خيار المفاوضات والسلام "كاستراتيجية لها" فإن هذا الخيار يصطدم بواقع خمسة عشر عاماً، كانت كارثية في نتائجها على الارض والناس، عدا ان "الدولة العبرية" تفضل حركة حماس عليها.. واذا أقرت خيار المقاومة "فان عليها ان تشطب مرحلة السلطة منذ اوسلو وحتى الآن"، والخيار الثالث "استراتيجية الموازنة بين الخيارين" وهي التي أخذ بها أبو عمار وكانت النتيجة "اغتياله" لهذا بالضبط.. ماذا تُريد حركة فتح؟! سؤال مفصلي عند المؤتمر السادس لحركة فتح.. والاجابة عليه تنطوي على شيء غير قليل من المغامرة. عن صحيفة الايام الفلسطينية 26/10/2008