باشات: ثورة 30 يونيو الحصن المنيع للجبهة الداخلية ونقطة الانطلاق للجمهورية الجديدة    محافظ سوهاج يتفقد معرض تسويق المنتجات الحرفية بحي الكوثر    وزير النقل يتابع أعمال المرحلة الأولى من مشروع تطوير الطريق الدائري الإقليمي    إسرائيل: تفكيك أكبر شبكة تابعة لحماس في الضفة الغربية    رئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية: إيران قد تستأنف تخصيب اليورانيوم خلال أشهر    باريس سان جيرمان يكتسح إنتر ميامي ويعبر إلى ربع نهائي مونديال الأندية    مصرع وإصابة 12 عاملًا في حادث إنقلاب سيارة ربع نقل ببني سويف    ثقافة القليوبية تحيي ذكرى ثورة 30 يونيو بأمسيات شعرية ولقاءات أدبية    وائل كفوري يطلق "بدي غير فيكي العالم" من ألبومه WK25 وسط ترقب جماهيري واسع    يحيي الفخراني: 'الملك لير' كانت صعبة في البداية ةقريبة لينا كمصريين    فيلم "المشروع X" يواصل اكتساح شباك التذاكر.. الإيرادات تقترب من 120 مليون جنيه في 5 أسابيع    محافظ الإسماعيلية يتفقد القافلة الطبية بمدرسة الشهيد محمد توفيق    في لقائه مع المستثمرين.. محافظ قنا يؤكد التيسيرات مستمرة والدعم كامل لتحفيز الاستثمار    بعد حادث المنوفية.. ضبط قائدي 9 سيارات تسير عكس الاتجاه بالطريق الإقليمى    نائبة تتقدم بطلب إحاطة لوزير النقل بشأن عدم استكمال بعض الطرق    في الذكرى 55 لعيد قوات الدفاع الجوي.. صفحات من الفداء وحُرّاس للسماء.. الفريق ياسر الطودي: نمتلك أعلى درجات الاستعداد القتالي لحماية سماء الوطن في السلم والحرب    ترامب: دمرنا منشآت إيران النووية.. ولن نسمح لها بتخصيب اليورانيوم    كامل الوزير: وزراء النقل السابقين كان نفسهم يعملوا اللي عملناه في ال10 سنين اللي فاتت    الزمالك: انتقدونا بسبب التسريبات.. الآن نعمل في سرية!    نائب وزير الصحة يتفقد مستشفى العلمين ويشيد بانتظام الفرق الطبية وجودة الخدمات المقدمة للمرضى    نائب وزير الصحة يتفقد مستشفى العلمين ويشيد بانتظام الفرق الطبية    وزير التعليم العالي: إعداد أول خريطة بحثية شاملة لكل إقليم بمصر    اللغة الإنجليزية ترسم البهجة على وجوه طلاب الثانوية العامة بكفر الشيخ    المصري ينهى اتفاقه مع عمر الساعي فى انتظار استكمال مفاوضات الأهلي    محافظ الشرقية يفاجئ قرية بردين ويتابع تنفيذ أعمال توسعة طريق العصلوجى    اجتماع طارئ في الأهلي.. الخطيب يناقش مع ريبيرو مصير الفريق وصفقات الصيف    وزير الري: الاعتماد على الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي في إدارة منظومة المياه    سوريا تنفي مزاعم إحباط محاولة لاغتيال الرئيس الشرع    حافز شهري يصل ل3000 جنيه لعاملين بالسكة الحديد - مستند    الداخلية تضبط آلاف القضايا خلال 24 ساعة.. تهريب وهجرة غير شرعية وسرقة تيار    السجن 5 سنوات لمتهم اعتدى على شاب ب"كتر" في الجيزة    "ارتبط اسمه بالأهلي والزمالك".. نادي شلاسك فروتسواف البولندي يعلن مغادرة نجمه لمعسكره دون إذن    نجاح زراعة منظم دائم لضربات القلب لإنهاء معاناة مريض من اضطراب كهربي خطير    عاصفة رعدية تؤخر سفر بايرن ميونخ إلى ميامي لمواجهة فلامنجو    السيسي يشهد أداء اليمين القانونية لرؤساء الهيئات القضائية الجدد    محافظ المنوفية يستقبل مفتى الجمهورية لتقديم واجب العزاء فى شهداء حادث الإقليمي    بحضور أولياء الأمور.. مدير تعليم سفاجا يكرم أوائل الشهادة الإعدادية    بحضور وزير الثقافة.. افتتاح أكبر معرض للكتاب بنادي الفيوم غدا|صور    انطلاق تصوير فيلم "ابن مين فيهم" لبيومي فؤاد وليلى علوي    ريبيرو يجهز مصطفى شوبير لحراسة مرمى الأهلي في الموسم الجديد    لتبادل الخبرات.. رئيس سلامة الغذاء يستقبل سفير اليابان بالقاهرة    حادث جديد على الطريق الإقليمي بالمنوفية: إصابة مجندين في انقلاب سيارة أمن مركزي    عمرو أديب يهاجم رئيس الوزراء بعد حادث المنوفية: عرفت تنام ازاي؟    ضبط سائق ميكروباص تحرش بطالبة في مدينة 6 أكتوبر    إسرائيل تعلن اغتيال المسؤول عن الصواريخ المضادة للدروع بحزب الله    محافظ أسيوط يفتتح قاعة اجتماعات مجلس المحافظين بالديوان العام للمحافظة    انتخابات مجلس الشيوخ| الهيئة الوطنية تعلن التفاصيل "الثلاثاء المقبل"    أسعار التوابل اليوم الأحد 29-6-2025 في محافظة الدقهلية    الأزهر للفتوى يوضح معني قول النبي" الْعِبَادَةُ فِي الْهَرْجِ كَهِجْرَةٍ إِلَيَّ"    هل النمل في البيت من علامات الحسد؟.. أمين الفتوى يجيب    أفضل الأدعية لطلب الرزق مع شروق الشمس    ما أفضل صدقة جارية على روح المتوفي.. الإفتاء تجيب    هل يجوز الخروج من المنزل دون الاغتسال من الجنابة؟.. دار الإفتاء توضح    تنسيق الثانوية العامة 2025 محافظة كفر الشيخ.. الحد الأدنى للقبول    5 أبراج «ناجحون في الإدارة»: مجتهدون يحبون المبادرة ويمتلكون رؤية ثاقبة    «لسة اللقب ماتحسمش».. مدرب بيراميدز يتشبث بأمل حصد الدوري المصري    الأردن يرحب باتفاق السلام بين رواندا والكونغو    الحكومة الإيرانية: مقتل 72 امرأة وطفل إثر العدوان الإسرائيلي على البلاد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العرب بين نموذجي "أميركا وأفغانستان" / خليل العناني
نشر في محيط يوم 25 - 10 - 2008

العرب بين نموذجي "أميركا وأفغانستان"
خليل العناني
يتزايد الحديث الآن حول فتح مفاوضات بين حركة "طالبان" الأفغانية وبعض القوى الإقليمية والدولية وذلك تمهيداً لإشراك طالبان في الحكم. وإذا كانت الولايات المتحدة قد أخطأت قبل خمس سنوات حين أقامت حكومة هشّة بقيادة حامد قرضاي، وتجاهلت بقية القوى والأطراف المؤثرة في أفغانستان وفي مقدمتها قبائل "البشتون"، إلا أن مبالغة البعض الآن في التهليل لعودة طالبان للحكم تبدو كما لو كانت فشلاً حضارياً ذريعاً.
وتزداد الماسأة حين يقارن البعض بين "أفول" الولايات المتحدة و"انبعاث" أفغانستان ، كدولة قروسطّية تأبى أن تدخل عصر الحداثة والمدنية. وبين الأفول والانبعاث، تقبع دلالات حضارية كاشفة لعمق المسافة التي باتت تفصل بين نموذجيَن حضارييَن يسير كلاهما عكس الآخر ، ويجسدّهما، وللمفارقة، حالتي أميركا وأفغانستان. فمنذ أواخر السبعينات وحتى الآن مرّ البلدان بثلاث دورات متمايزة من التحوّل.
بدأت أولاها أميركيا بصعود نجم المحافظين الجدد وسيطرتهم على البيت الأبيض تحت زعامة الرئيس الأميركي الراحل رونالد ريجان ، فى الوقت الذي كان فيه "الثوران" الإسلامي يشق طريقه بين أودية وكهوف أفغانستان التي ترعرع فيها جيل من "الجهاديين" يتزعمهم فيلق من العرب سيثبت التاريخ لاحقاً أنه كان يعدّ العدْة للانقضاض على "مملكة الشر" الأخرى المتمددة غرباً. وقد انتهي عصر "البراجماتية" ذاك ، بأفول "مؤقت" لكلا الطرفين (المحافظين الجدد والأفغان العرب)، وكأن غياب العدو "المشترك" ذاك، قد خلق فراغاُ معنوياً واستراتيجياً سيكون على كليهما محاولة ملأه لاحقاً، كلٌ حسب طريقته.
الدورة الثانية جاءت خلال عقد التسعينات حين بدا أن ثمة مواجهة هي واقعة لا محالة بين كلا الطرفين اللذين انهكما فى إعادة بناء صفوفهما. فانبرى المحافظون الجدد فى تعبئة أتباعهم قولاً وعملاً، ناقمين على حقبة "بيل كلينتون" التي أفرطت فى التهاون مع الجهاديين (لنتذكر كل ما يُشاع من أن الرئيس كلينتون تردد فى إلقاء القبض على بن لادن بعد أن حددت المخابرات المركزية الأميركية مكانه)، فضلاً عن انتقادهم المتكرر لتعطيل ماكينة "القطبية الأحادية".
ولم تحِلّ الألفية الثالثة ويصل الرئيس جورج دبليو بوش للبيت الأبيض حتى باتت أسماء مثل روبرت كيجان ووليم كريستول وبروث جاكسون ودانيل بابيس وفرانسيس فوكوياما وماكس بوت ودوجلاس فيث وبول وولفيتز أشهر من لاعبي كرة القدم. وهم الذين "اختطفوا" السياسة الخارجية الأميركية، بعدما اختطف مهاجمي الحادي عشر من سبتمبر 2001 طائراتهم لضرب مركزي التجارة العالمي والبنتاجون.
أما الدورة الثالثة فقد بدأت بشن الولايات المتحدة حربها على أفغانستان، ومحاولة اقتلاع شأفة القاعديين ومن عاونهم من الأفغان والشبكات المحلية فى آسيا وأوروبا فى إطار ما يُسمى بالحرب على الإرهاب. وفيما بدا حينئذ وكأنه صعود مدوٍ لزمرة المحافظين الجدد، بدا وكأنه خفوت لنجم "طالبان" وحلفائها من العرب و"البشتون".
الآن وبعد ثماني سنوات كاملة من حكْم الجمهوريين وتألقّهم، تعود الكرّة من جديد، فيتوارى تدريجياً نجم المحافظين الجدد، فيما تواجه بقيتّهم الآن نهاية تراجيدية بفعل الأزمة المالية الطاحنة التي يراها البعض نتاجاً طبيعياً لسياساتهم الاقتصادية. يقابل ذلك انبعاث جديد لحركة "طالبان"، وصعود لأسماء توّهم البعض خطأ أنها قد طويت تحت وطأة القصف الأميركي لأفغانستان، وسيصبح جميعهاً نجوماً للمرحلة القادمة أمثال الملا محمد عمر وقلب الدين حكمتيار وجلال الدين حقاني .. إلخ.
وتبدو الأزمة الراهنة كما لو كانت كابوساً حضارياً يطارد الجميع، ما يستوجب التوقف أمام دلالاتها "الرمزية" وأولها أن زمرة المحافظين الجدد، وجميعهم حمقى، تخيّلوا لوهلة أن اقتلاع تنظيم القاعدة قد يكون كفيلاً بتحويل أفغانستان من دولة قروسطّية إلى دولة حديثة قد تدخل عصر السماوات المفتوحة وتتشرب ثقافة الانترنت والهواتف النقّالة، وهي التي لا يزال بعض شعبها يعيش فى الكهوف بدلاً من المنازل.
فى حين يبدو إخفاق ما يقرب من 56 ألف جندي من قوات التحالف فى إنهاء حال التمرد التي تقودها طالبان، دليل فشل ذريع على فهم ديناميات العلاقة بين ثلاثية (الدين والطبيعة والمجتمع) فى دولة مثل أفغانستان. وقد بدت محاولات "عصرنة" أفغانستان وانتشالها من غياهب التخلف والعدمية، أشبه بقيادة سيارة ليكزس فى وديان وكهوف كابول وقندهار.
وثانيتها أن الأفول الأميركي، ومعه الغربي تباعاً، بقدر ما هو دليل تأزم حضاري، إلا أن "انبعاث" أفغانستان على النحو الذي تركته عليها طالبان قبل سبع سنوات ، وربما أسوأ، يعد بذاته "انتحاراً" حضارياً لا يضاهيه فداحة سوى مطالبة إحدى بلدان أوروبا الشرقية الآن بالعودة إلى الحظيرة الروسية.
وثالثتها، أن الغرب، ورغم عثرات أنموذجه إجرائيا وإيديولوجياً، إلا أنه لا يزال الأقدر على الاعتراف بأخطائه وتصحيحها، وهو قد فعلها مراراً طيلة القرن الماضي، فى حين ترزح أفغانستان، ومن يدور فى فلكها فكرياً وقيمياً، تحت وطأة إيديولوجيا "السمو" العدمي Lost Superiority تلك التي لا تقدم نموذجاً حضارياً بديلاً بقدر ما تسعي إلى تحطيم غيرها من النماذج. وهي رغبة لن تتوقف حتى يمتطي أهل نيويورك البعير بدلاً من السيارات.
لذا وبدلاً من أن يهلّل البعض بعودة طالبان من جديد، فقط لمجرد النكاية فى الغرب، أن يحزن للحال المأساوية التي وصلت إليها خياراتنا السياسية والحضارية، بحيث نبدو الآن عالقين بين دولة فوضوية تعيش على ثقافة القرون الوسطي ، وأخرى تتبدى عوراتها علي الملأ حالياً، وذلك دون القدرة على طرح نموذج بديل لكليهما.
عن صحيفة الوطن العمانية
25/10/2008


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.