الحمد لله وحده : لندون من أجل إسلام وعروبة المغرب الأنظمة المغاربية الفاسدة. إن فصل الخريف حالة طبيعية، وسنة اقتدتها صيرورة الكون وعلى أنقاض الخريف يظهر ربيع مزهر ومثمر.
والحالة هذه فإنني أتحدث عن الخريف السياسي بالضبط وليس الطبيعي كما قد يروج في دهن القارئ العزيز، قانون الطبيعة يفرض الخريف لكي يظهر ربيعا جميلا، فإن السياسة هي الأخرى توجب أفول الخريف ليبزغ فجر ربيع سياسي جديد.
وإجمالا للقول أود الإشارة إلى أن كافة الأنظمة العربية تعيش حياة خريف عجوز ويابس، فكل القادة العرب الذين استحوذوا على السلطة بطرق ملتوية يعيشون حالة سبات عميق.
و يقفون ضد بزوغ جيل سياسي جديد لتقلد مهام ريادة مصالح دولهم وإعادة ضخ دماء جديدة وبناء صرح أوطانهم على أنقاض تجارب فاشلة موشومة بالعار والذل والتخلف.
إن تقرير التنمية الإنسانية العربية الصادر عن الأممالمتحدة مثلا لسنة 2005 وهو مختلف عن التقارير السابقة أو التي تبعته شكلا ومضمونا، وهو تحت عنوان ( نحو الحرية في الوطن العربي )، جاء فيه أن العالم العربي يئن تحت وطأة استبداد سياسي وكبت للحريات.
وأن الشعوب العربية مستعدة للنضال ضد الاستبداد وضد كل حاكم قوي لايأبه لبرلمان ولا يحترم نتيجة الانتخابات بل الأدهى من ذلك يقوم بتزويرها ( مثل ما حدث مؤخرا في مصر).
إن طبيعة الحكم للقادة العرب حاليا هو مزاجي ويسند المهام والوظائف فقط لمن يثق فيهم من أصهار وأحفاد وخلان القادة وكذا إلى نسيج يتم صنعه من التحالفات الفئوية التابعة لهم خطا وخطة( مثال على ذلك المغرب ) .
وهو ما أدى إلى ظهور الفقراء المهمشين اقتصاديا واجتماعيا، والمظلومين سياسيا وحقوقيا، والموصدة في وجوههم أبواب الفرص المتكافئة في مجالات التعليم والصحة والإسكان والعمل ،وتهميش النخب السياسية والثقافية والإعلامية.
حيث أن التجارب المعاصرة برهنت اليوم علي أن قيمة الشعوب بنخبها وقدرتها على التجديد والتقدم (أضرب مثلا هنا مجموعة من دول أمريكة اللاتينبة)،إن مجموعة من قطاع الطرق والعصابات التي استولت على السلطة في العالم العربي قامت بمسخ تاريخ نضالات شعوبها.
فمثلا تونس التي تعيش هذه الأيام حالة تذمر شعبي واسع ومخاض سياسي عسير لو نظرت إلى حالها اليوم لأشفقت عليها وقلت في قراره نفسك أن هذه الدولة الصغيرة لم يسبق لها أن أنجبت نخبا مثل محمود قبادو، وابن أبي الضياف، وخير الدين، وبيرم الخامس.
وسالم بوحاجب، علي باش حانبة، محمد باش حانبة، عبد العزيز الثعالبي، محمد علي الحامي، والطاهر حداد، الشابي، محمد فاضل بن عاشور، وعلي البلهوان، والهادي العبيدي، الدوجاني، فرحات حشاد .
خلاصة القول أن هؤلاء القادة يقفون ضد ترسيم مصالح شعوبها المستقبلية حيث تحولوا إلى ضفاضع تتحدث بنفس الخطاب وتملك نفس الرؤية الضيقة المألوفة والتي اعتراها الصدأ.
وكذا أنشطتها وبرامجها وطموحاتها السياسية الضيقة التي لاتبرح بركها المائية المليئة بالأدران والأوساخ، وأصبح هؤلاء القادة الواحد فيهم يطعن في الآخر، مثل الضفاضع تتجاوب في ظلمات الليل فقد جاء في قرآن مسيلمة الكذاب ( .. ياضفضع بنت ضفضع، نقي ماتنقين، أعلاك في الماء وأسفلك في الطين،لا الشارب تمنعين، ولا الماء تكدرين...).
ويقول الأخطل: تنق بلا شئ شيوخ محارب * وما خلتها كانت تريش ولا تبرئ ضفاضع في ظلماء ليل تجاوبت * فدل عليها صوتها حية البحر النظام المغربي أو الملكية بالمغرب أصبحت متجاوزة واستنفدت أدوارها التاريخية.
واتضح جليا يوما بعد يوم أنها أصبحت عائق أمام تقدم المغرب إن لم نقل تخلفه وتحويله إلى حظيرة لتفريخ الإرهاب بكافة أشكاله وأنواعه وهو أرضية خصبة لنمو الأصولية.
فعنوان الملكية بالمغرب حاليا هو الشمولية والاستبداد والحكم المطلق، وقهر الحريات وملاحقة الأصوات الحية والحرة التواقة إلى الحرية والسلام والتعايش والديمقراطية.
النظام الملكي أصبح يولي اهتمامه إلى أصهاره من آل فاس وكذا المقربين إليه من أصدقاء الدراسة الذين أصبحوا يحظون بثقته في تولي مهام الحكم بعيدا عن أي استشارة شعبية أو تناوب عن الحكم.
فمثلا صديق الملك المدعو فؤاد عالي الهمة أسس حزبا سيعود بالمغرب إلى زمان بونيفاص حيث اتضح أن المنتوج السياسي الجديد يقوم بتسويق خطاب سياسي كاذب كما أنه غير مؤهل لاسياسيا ولا موضوعيا على قيادة أو الاستجابة إلى مقتضيات المرحلة الحالية.
إن ما يقع في المغرب مع الحزب الجديد هو الدخول المباشر لشخص الملك في حياة الأحزاب حيث مباشرة بعد الاستحقاقات القادمة ل 2012 سيتم زواج كل من النظام والسلطة التنفيذية في مراسيم شبيهة بزواج حضارات الأنكى المعروف بالمتناقضات.
حيث يتم ترسيم خطة جديدة وهي هيمنة المؤسسة على الأحزاب السياسية وتوجيهها وفق خطط محكمة مسبقا وهذا سيؤدي إلى إضعاف بنيتها وقهقرتها وإنهاك وظائفها أكثر من اللازم.
فالعشرية الأولى من حكم محمد السادس سجلت الفشل في السياسيات العمومية وتراجع القطاعات الحيوية في البلاد وموت السياسات القطاعية المتبعة، وتدهور القضاء والمزيد من انحلال النسيج الاجتماعي وارتفاع البطالة، وتراجع مستوى معيشة المواطن.
وكذا تراجع القطاعات الحيوية بالبلاد، وشلل تام في المؤسسات المنتخبة والدستورية عموما، لذلك حان الوقت لتأمين تنازل الملك عن العرش وانتقال كافة سلطاته إلى الشعب وتأميم ممتلكاته بالداخل والخارج وإحالته على المساءلة السياسية والاقتصادية والتاريخية.
ولأجل تحسين الأجواء في شمال إفريقية وتلطيفها يجب القضاء على كافة أنماط وأشكال الحكم المطلق والفردي واللاديمقراطي، والتي أصبحت تشكل خطرا على استقرار شعوب المنطقة، إذ لم نقل تهديد كياناتها القومية.
إن تأمين تنازل الملك عن العرش يتطلب كلفة مجتمعية باهضة قد تأتي على الأخضر واليابس وهو أمر جدير بالتضحية ولايقل شئنا عن التضحية التي قدمها الشعب لنيل استقلاله.
وأني واع أن تأمين تنازل الملك عن العرش لا يمثل حلا سحريا لجميع المشاكل التي تراكمت نتيجة الاستبداد والفساد إذ أنه لا بديل عن ذلك وهو الشرط الضروري والمدخل الرئيسي لكل عملية تحديث سياسية.
إن تأمين تنازل الملك عن العرش وانتقال كافة سلطاته إلى الشعب سيكون بمثابة مشروع إنساني حضاري يروم الكل من ورائه إلى تكريم الإنسان المغربي الذي عانى ولا زال يعاني من بطش الفكر الواحد والرؤية الضيقة المحدودة.
لم يعد ممكنا ولامقبولا شكل ونمط الحكم المتبع في المغرب والتي تخشى الدول الشبيهة له على سقوطه لأنه لو تحققت ديمقراطية حقيقة بالمغرب ستكون بداية سقوطها وأفولها وهي أنظمة عمرت أكثر من اللازم.
لذا فإن تأمين تنازل الملك عن العرش مشروع يجب أن تنخرط فيه كافة القوى الحية وذلك بتأسيس جبهة وطنية ملقاة على عاتقها توعية الشعب بضرورة الإقبال على هذا الحدث والتفكير بترو وبشكل هادئ على قبول خوض مبادرة كهذه لتجديد الحياة في المغرب الذي أصبح يحتضر وأوشك أن ينفض أنفاسه الأخيرة.
إلا أنه يجب وضع في عين الاعتبار أن هذا المشروع سيلقى إكراهات وعقبات في البداية وتضارب الآراء من حوله بين مؤيد ومناصر لهذه الفكرة وستبقى أقوى جبهة معارضة لهذا المشروع هي الجبهة الخارجية المحسوبة على فرنسا.