نحو المستقبل احمد عبدالحليم استقال علي لاريجاني كبير المفاوضين الايرانيين في الملف النووي، وسط أنباء عن خلاف مع الرئيس الايراني محمود أحمدي نجاد حول اسلوب التعامل مع الغرب الامر الذي نفاه نجاد.. وأعلن في طهران ان السياسة النووية الايرانية لن تتغير باستقالة لاريجاني، لان سياسة الدولة لاتتغير بتغير الاشخاص. وبهذا الخبر، عادت بي الذاكرة إلي اليوم الذي قابلت فيه علي لاريجاني في القاهرة، وكان ذلك خلال قمة الازمة بين طهرانوالولاياتالمتحدة والغرب عموما بسبب استمرار طهران في السعي الجاد لتطوير برنامجها النووي ووجدت الرجل هادئا دمثا يعرض قضية بلاده بسلاسة، ويطلب تفهم القاهرة للموقف الايراني. وكان من بين ما قاله ان لايران الحق في انشاء برنامج نووي سلمي، وان ذلك يتطابق مع ما نصت عليه اتفاقية منع الانتشار النووي من حق الدول الأعضاء في الاتفاقية في هذا السعي. ونفي طهران لوجود خلافات بين علي لاريجاني والرئيس الايراني، لايعني أنه ليس هناك اختلاف في وجهات النظر بينهما، واختلاف في أسلوب التعامل مع الولاياتالمتحدة والغرب عموما بهذا الشأن.. ويرجع ذلك للفروق الشخصية بين الرجلين، وطبيعة المنصب الذي يتولاه كل منهما، واسلوب التعامل مع الملف في اطار مقاومة دولية لسعي ايران في أن تصبح دولة نووية. فالرئيس الايراني يتبع أسلوب المصارحة الكاملة والمواجهة لتحقيق أمل بلاده، بينما يتطلب منصب علي لاريجاني التعامل مع الملف في اطار الدبلوماسية والعلاقات الدولية لايران مع دول العالم، والتي كان يعترضها بعض التصريحات الحادة التي تخرج من طهران بين الحين والاخر. اذن هناك فارق في السرعات بين الرجلين. أحدهما يعتقد أن أقرب مسافة بين نقطتين هو الخط المستقيم. ويري الاخر ان المسافة بين النقطتين يعترضها عقبات كثيرة تتطلب المناورة والكثير من الصبر والجهد والعمل الدبلوماسي الدؤوب ، وان بعض تصرفات طهران تعوق مسار المفاوضات مع الاتحاد الأوروبي، وتعرقل الجهود الرامية لابعاد التهديدات الموجهة ضد ايران ومصالحها الاستراتيجية. وما يزيد الامر خطورة تهديد قائد قوات الحرس الثوري الايراني بأن ايران تستطيع اطلاق 11 ألف صاروخ علي الاهداف المعادية في الدقيقة الأولي لتعرضها لأي هجوم خاطف. وهو يشير بذلك إلي قدرة الضربة الايرانية المضادة في حالة قيام الولاياتالمتحدة بشن هجوم علي ايران، وهو احد الامور التي تحسبها الولاياتالمتحدة جيدا. فلاشك ان هناك تطورا كبيرا في التسليح الايراني التقليدي وفوق التقليدي، وتطورا مماثلا في وسائل حمل الرؤوس التقليدية أو فوق التقليدية والتي تتمثل في الصاروخ 'شهاب' بدرجاته المختلفة. ويقودنا ذلك كله إلي أن الشرق الأوسط مازال ملتهبا، وان الاخطار مازالت تحيط به من كل جانب ولايتطلب ذلك تغييرا في الموقف الايراني فقط، وانما يجب ان يصاحبه تغيير مماثل في سياسة الولاياتالمتحدة تجاه الشرق الأوسط عموما. والتوازن بين دول المنطقة امر هام، اما خلل هذا التوازن لصالح احدي دولها فهو الذي يؤدي إلي استمرار الاضراب، ويبرر محاولة دول أخري الوصول إلي هذا التوازن. عن صحيفة أخبار اليوم المصرية 27/10/2007