أخيرا عاد سمير القنطار عميد الأسري العرب بالسجون الإسرائيلية , عاد بطلا قاهرا للسجون الإسرائيلية ,عاد مقاوما يافعا بإصرار أكثر من ذي قبل , عاد إلى الضاحية الجنوبية ببيروت مرتديا بزة المقاومة محطما قيد المحتل الغاصب رافعا راية النصر عالية خفاقة.
سمير القنطار عرف المقاومة منذ زمن و تدرب و قاتل في صفوف حركة فتح منذ زمن و قرر تلقين العدو درسا لا يعرفه إلا الرجال أمثال سمير فكانت ضربة موجعة للمغتصبين إلا أن سمير وقع أسيرا بعد إصابته, لم يثنه السجن أو يحول بينه و بين العمل الجهادي و المقاوم فقد تواصل مع أخوانة المقاومين من أبناء الحركات الفلسطينية المقاومة و عاش معهم و تحمل معهم هموم الوطن الفلسطيني كما هموم لبنان الوطن الجريح , عاش ثلاثون عاما بين جدران السجن , عرف كيف يكون المقاوم عنيدا و كيف يكون المقاوم مقاوما حتى في المعتقل ,كيف يعيش المقاوم من اجل المقاومة فقط ولا شيء غير ذلك , شارك إخوانه المعتقلين من الفلسطينيين و العرب معاناة الأسر و البعد عن كل أشكال الحياة الآدمية وملذاتها .
لم تستطع والدته رؤيته ولو لمرة واحدة خلال الثلاثون عاما ولم يسمع أخبار الأهل إلا عبر الرسائل ولم يعرف كم كبرت معاناة أبناء وطنه ولكنه عرف كم أنجب الوطن مقاومين جدد , هذا خلد الأمل في أعماق نفسه إلى حين الخروج إلى الحرية . كانت الأمهات الفلسطينيات يزرن سمير قبل زيارة أبنائهن ليمنحوه حنان الأم الغائبة الحاضرة , البسوه من نسيج أيديهم و أطعموه من خبز طابونتهم ومنحوه من الحب ما يحتاجه الإنسان من أهله.
عاد سمير وفى قلبه عشق حقيقي للوطن المذبوح فلسطين ازداد مئات الأضعاف منذ أن وقع أسيرا بعد عملية نهاريا البطولية وحتى لحظة خروجه للحرية , وقف بين أهله ودموع الفرح و الحزن تنهمر من عيناه وقال بأنه عاد إلى لبنان ليعود مرة ثانية إلى فلسطين و هنا بلغ الرسالة إلى أهل وقادة فلسطين رسالته كانت دعوة صريحة للوحدة الوطنية التي هي طرق النصر ولا شيء غير ذلك.
هذه الرسالة التي يستطيع الجميع فهمها ولكن لا يستطيع الجميع تنفيذها بسبب حب الذات أكثر من الوطن وحب الحزب أكثر من الوطن. إن رسالة سمير رسالة دقيقة في زمن دقيق من حياة القضية الفلسطينية حيث تمر الآن بأقصى درجات التشتت و الضعف في الوقت ذاته يمكن أن تكون اقوي قضية عرفها التاريخ حتى الآن ولكن إن انتهت حالة الانقسام و الدوران حول المجهول و البحث عن عوامل نضعف فيها بعضنا و نقصي فيها بعضنا و نتهم بعضنا باتهامات غير حقيقية و تحويل الحقيقة إلى ضعف و الضعف إلى هوان .
علينا أن نعرف أن فلسفة القنطار بالدعوة إلى الوحدة الوطنية الفلسطينية و الالتفاف حول بعضنا البعض معتبرين أن المقاومة كل لا يمكن أن يتجزأ و لا يمكن أن يمنح أو يمنع عن احد طالما بقي صهيوني مغتصب على ارض فلسطين وطالما أن هناك حقوق تغتصب كل يوم و في اليوم مئات المرات و علينا أن ندرك ما أراده القنطار من خلال الدعوة هو النصر لفلسطين و الفلسطينيين.
لقد عرف القنطار أن الأمل كبير بعودة الوحدة الوطنية على أساس قاعدة المقاومة, السبيل الوحيد لتحرير فلسطين وطرد المحتل الغاصب و بناء الدولة الفلسطينية و عاصمتها القدس الشريف.
إن كانت دعوة القنطار لم تلاقي أذان صاغية من القيادات الفلسطينية حتى الآن فإنها بالتأكيد ستسمع و تفهم أن عاجلا أم أجلا لكن ضياع الوقت في محاولة فهمها يجعلنا ننقص من قيمة هذه الرسالة الغالية على قلوبنا جميعا .
ما عاد القنطار إلى ربوع لبنان الأخضر إلا بالوحدة الوطنية التي حافظ عليها حزبه الأبي المنتصر دائما و ما عاد القنطار إلا بالإصرار و الثبات على مبادئ المقاومة وتحرير الأرض العربية وزرع الحب بين أطياف المجتمع اللبناني , فعاد بطلا مقاوما ليس وحده بل ورفاقه من أبناء المقاومة الأبية وجاثمين الشهداء الأطهار الذين ارتقوا إلى العلى وهم يخوضون معركة الشرف الوطني للدفاع عن ارض العزة و الكرامة .
إن فهمنا رسالة القنطار و عملنا على تطبيقها قبل الحوار سيجعلنا ننجح في إطلاق الآلاف من أبناء فلسطين الأسري بالسجون الإسرائيلية و بالتأكيد سننجح في بقائنا أقوياء قادرين على منازلة المحتل والنيل منه و ننجح في بناء دولتنا الفلسطينية المستقلة و ننجح في تطويع المجتمع الدولي لدعم كفاحنا الشرعي.