جورجيا وحرب المصالح د . طارق الشيخ مباراة عنيفة وقوية جرت بين روسيا والغرب علي خلفية دورة الالعاب الأولمبية التي انتهت مؤخرا في الصين . ضربات متبادلة تماما كما الملاكمة وأخري تحت الحزام فروسيا علي مايبدو ملت من الحصار الذي يريد الغرب فرضه عليها ووضعها شأن أية دولة في العالم النامي علي هامش الاحداث الكبيرة التي تجري في العالم . روسيا منزعجة من التدخلات الفجة للأمريكان في منطقة القوقاز التي ارتطبت بها تاريخيا والغرب يريد فوق ذلك أن يحيط بروسيا عسكريا عبر حلفاء الاتحاد السوفيتي سابقا والذي ورثت عرشه روسيا وحدها. الخوف يجعل كل دول الجوار والحلفاء السابقين من بولندا الي التشيك وأوكرانيا يخشون من روسيا القوية والأخ الأكبر كما كانت أيام الحقبة السوفيتية وعلي ذلك فقد سعت هذه الدول ومعها جورجيا الي الاحتماء سريعا بدولة أكبر توازن به مع خوفها من الجار القوي . وللأمر تعقيدات كبيرة وخطيرة أبرزتها الخطوة القوية والحاسمة التي لجأت اليها موسكو بكامل الادراك بدخولها الي جورجيا عسكريا .وحينما استعجلت واشنطن في خطوة غير محسوبة وفيها كثير استهانة بقدرات روسيا العسكرية ووقعت اتفاقياتها مع بولندا لنصب الصواريخ بها ردت روسيا بسرعة وغضب باعلان اعترافها باستقلال كل من اوسيتيا الجنوبية وابخازيا. وحينما بادرت دول غربية للتلويح بأنها ستفرض حصارا علي روسيا غاب عنهم أن روسيا هي في الواقع من يمكنه وبكل سهولة فعل ذلك وببساطة متناهية بوقف ضخ الطاقة من نفط وغاز الذي تمسك به دوما بمصائر الدول الأوروبية . وحتي هذه التحركات العسكرية في بولندا والتشيك تذكر بشيء واحد وهو أيام الحرب الباردة في اسوأ أوقاتها منتصف الثمانينات حينما اقتربت الصواريخ النووية الأمريكية من الترسانة الروسية بنصبها صواريخ بيرشينغ وكروز في ألمانيا مما هدد القارة الأوروبية والعالم بحرب نووية حقيقية. مايجري في جورجيا وفي كل منطقة القوقاز خطير فهي تبدأ حرب تموضع من أجل الطاقة وطرق مرورها لكنها تؤذن أيضا بجر العالم نحو مواجهة في ظل تضارب مصالح يزداد عمقا وحوار تزداد لهجته علوا وعنفا. عن صحيفة الراية القطرية 31/8/2008