استغاثة القدس جعفر محمد أحمد الإعلان عن زيارة جديدة “ربما تكون الوداعية" لوزيرة الخارجية الامريكية كوندوليزا رايس الى القدسالمحتلة والأراضي الفلسطينية في الخامس والعشرين من الشهر الحالي، لا تبشر بجديد في اتجاه دفع عملية التسوية او المفاوضات بين الفلسطينيين و"الاسرائيليين"، لا سيما أن الادارة الأمريكية الحالية تستعد لحزم حقائبها والرحيل، وكل ما في الأمر أن الزيارة لا تعدو كونها تحصيل حاصل، بل ربما تعطي “اسرائيل" دفعة قوية للإمعان في مواصلة سياستها العدوانية والاستيطانية، خاصة اذا نظرنا الى التوافق المثير للريبة بين زيارات رايس الى المنطقة والإعلان المتكرر عن بناء وحدات استيطانية جديدة، حيث ان كل زياراتها الأخيرة تقريبا حملت معها نشاطاً استيطانياً خاصة في القدسالمحتلة وما حولها، في عمل تهويدي للمدينة المقدسة ولقطع الطريق على أي تسوية جادة وعملية للقضية الفلسطينية التي لن تحل من دون القدس. الحقيقة المرة والمأساوية أن القدس حاليا دخلت في عملية التهويد المتسارع واليومي عبر تفريغها من العرب، مسلمين ومسيحيين على حد سواء. وبموازاة هذه الهجمة الصهيونية، استمرت الحفريات “الإسرائيلية" حتى وصلت إلى أساسات المسجد الأقصى في كل أروقته، وها هي صرخات واستغاثات المقدسيين ومناداتهم للإنقاذ لا تجد أذناً صاغية حيث “لا حياة لمن تنادي". الفلسطينيون اصحاب القضية والارض تائهون في صراعات داخلية تغذيها “اسرائيل" ومن والاها بإشعال نار الفتنة بين اخوة المصير والكفاح، والعرب أبعد بكثير من الوصول الى توحيد الكلمة والصف في مواجهة القضايا المصيرية والتصدي لاعتداءات “اسرائيل" المدعومة من الغرب. “اسرائيل" مهدت لزيارة رايس بتهيئة الاجواء لمزيد من الشقاق بين الفلسطينيين بموافقتها على اطلاق اسرى من حركة فتح دون حماس “كبادرة" ظاهرها دعم وتقوية موقف الرئيس محمود عباس وباطنها تعزيز الانقسام الداخلي الفلسطيني وضرب المقاومة، لأنها تعلم تماما ان الوعود الامريكية المنتظرة بدعم موقف المفاوض الفلسطيني تبقى مجرد كلام، في ظل انحياز إدارة بوش التام إلى الكيان، وتأجيلها موعد الدولة الذي وعدت به طاقم عباس المفاوض منذ سنوات للحصول على مكسب ملموس، والنتيجة وعود سرابية. زيارة رايس لن تحرك قطار التسوية ولن توقف الاستيطان أو تمنع سلطات الاحتلال من عمليات التهجير القسري التي تقوم بها ضد المقدسيين وهدم بيوتهم، وسحب هوياتهم، ومصادرة أراضيهم لإقامة المستوطنات عليها، وإحاطتها بجدار الفصل العنصري. القدس تغرق في بحر الاستيطان، وعبارات التنديد والاستنكار أو الاستغاثة بواشنطن والمجتمع الدولي المنحاز كلياً “لإسرائيل" والداعم والممول لخططها الاستيطانية لن تفيد، وعلى الأمتين العربية والإسلامية، تحمل مسؤولياتهما تجاه ما يجري في القدس، والتحرك الجدي العاجل للدفاع عنها، والتصدي للمخططات التي تحيكها سلطات الاحتلال الصهيوني منذ عام 67 في المدينة المقدسة لطمس معالمها التاريخية وتغيير هويتها لمصلحة اليهود.انها استغاثة القدس لإنقاذ ما يمكن انقاذه قبل فوات الاوان وضياع المدينة. عن صحيفة الخليج الامارتية 19/8/2008