«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل يستطيع العالم العربي ان يكون قوة إقليمية وعالمية ؟ / مأمون شحادة
نشر في محيط يوم 28 - 04 - 2010

هل يستطيع العالم العربي ان يكون قوة إقليمية وعالمية ؟


*مأمون شحادة

اسئلة كثيرة، عددها اكثر من اجوبتها، لكن من بين تلك الاسئلة سؤال جوهري وهام، هل يستطيع العالم العربي ان يكون قوة اقليمية وعالمية ؟؟؟

هنا يقف المجتمع العربي امام هذا السؤال منبهراً متلبكاً عن الخوض في فحوى الاجابة، حاملاً في جعبته آليات خجولة لايجاد الحلول الملائمة للاجابة على هذا السؤال، ومفضلاً العيش التقليدي على العيش في كنف تلك الاجابة، وان ملك بعضاً من اطراف خيوطها فانها شكلية وغير جوهرية في ظل فقدان العالم العربي مفاتيح الاندماج مع تلك الخيوط، .

مع العلم انه يقع في منطقة استراتيجية هامة جداً، و يمتلك مقومات هائله من موارد طبيعية وبشرية. هنا نقف امام سؤال متكرر لا بد من الاجابة عليه ..، هل الوطن العربي جاد في ان يكون قوة اقليمية، وعالمية رئيسية يحسب لها حساب في المعادلة الدولية ؟؟؟

قبل الحديث في جدلية فحوى الاجابة، يجب التجول قليلاً بين حنايا الوطن العربي، لمعرفة معالمه القومية، وبنيته الاقليمية، لنجد ان الوطن العربي يرتبط مفهومه بمفهوم القومية "الأمة الواحدة"، التي لها هوية سياسية، تجمع بين افرادها وحدة تكوينية "روابط خاصة"، مثل اللغة، والمصالح المشتركة، والتاريخ، والمصير المشترك الواحد.

بالاضافة الى ان الوطن العربي وكما اوضح الكاتب الدكتور نعيم الظاهر، يتمتع بأهمية اقتصادية كبيرة على المستويين المحلي والعالمي من خلال احتلاله مركزاً هاماً في مجال الانتاج، وتصدير بعض المواد الاولية، والذي يعتبر واحداً من اغنى اقاليم العالم بالمواد الطبيعية.

وكذلك يتمتع بالنفط والغاز الطبيعي، الذي يعتبر اهم مصدرين للطاقة، اذ يساهم بنحو 35 % من انتاج النفط العالمي، حيث يمكن استغلال البترول ( خارجياً ) في المحافل الدولية، ودعم موقفها السياسي ووقف المعيار المزدوج التي تستخدمه امريكا لدى معالجتها القضية العربية، و ( داخلياً ) لتوعية المواطن العربي سياسياً وانعاشه اقتصاديا.

بالاضافة الى ان الوطن العربي يمتلك امكانات هائلة في مجال الاستفادة مستقبلاً من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح المنتجة للطاقة البديلة...كذلك ان ما يميز الوطن العربي هو موقعه الجغرافي العام، الذي يعتبر عقدة للمواصلات العالمية البرية، والبحرية، والجوية، فضلاً عن دور قناة السويس في تسهيل الحركة التجارية، باعتباره يطل على واجهات بحرية هامة، و قدرتها على السيطرة والتحكم في هذه الطرق وسهولة استخدامها .

هذا إلي جانب ان جميع حدود الوطن العربي طبيعية. ليتضح ان الوطن العربي يتميز ببقعة جغرافية عالمية، تضم قوة بشرية كبيرة متنوعة الحجم ، والعدد ، والتركيب العمري السكاني .

ورغم تلك المميزات، الا ان مشكلة الوطن العربي ومعضلاته لا تحتمل الحلول السحرية مما سبق، وانما تتعدى ذلك بالرجوع الى اصل الاشكالية، هذا ما اوضحه الدكتور معتصم الناصر المختص بالتاريخ السياسي واحد اعضاء اتحاد المؤرخين العرب خلال المقابلة التي اجريتها معه حول ذلك الموضوع.

حيث قال ان المشكلة والمعضلة العربية لا تحتمل الحلول السحرية من تلك المميزات، وانما هناك امور دفينة يجب معالجتها مرورا بالفكر العربي، وتفحص الوضع العربي على ارض الواقع ، ... حيث وجهت اليه عدة اسئلة جوهرية لمعرفة ما مدى مقدرة الوطن العربي على ان يلعب هذا الدور، حيث كانت الاسئلة تبدأ باشكالية الفكر العربي وصولا الى حالة الوضع العربي الحالية .

س : هل الفكر العربي اسير الماضي والاستغراب ؟

الدكتور معتصم : في العالم العربي وكما سماها عبد الاله بلقزيز "مرجعيات متعددة" للفكر العربي، ونتيجة التعصب لتلك المرجعيات اصبحت عائق امام تبلور فكر عربي معاصر... مثلا، الحركات الاسلامية ( السلفية ) تريد ان تعيش في الماضي ولا تريد الاستناد عليه للانطلاق للمستقبل، والتيارات الليبرالية تريد استنساخ الفكر الغربي والانسلاخ عن الماضي.

وفي كلتا الحالتين لن يكتب النجاح لاي منهما، فكان الحري بهم الاستناد على الماضي والاستئناس بالفكر الغربي بما يتلاءم مع التركيبة الثقافية للمجتمع العربي .

س : المجتمع العربي منتميا للقبيلة والعشيرة بدلا من الدولة، ما هو الحل الامثل لقلب تلك المعادلة ؟

الدكتور معتصم : الحل هو المواطنة بدلا من الانزواء بين جدران الانتماءات القبلية، وهذه مسؤولية الدولة، التي عليها ان توفر للمواطن ما كانت توفره القبيلة والعشيرة.

س : هل توجد نخب فكرية تستطيع ان تقود مشروع الوحدة و تغير مسار الفكر العربي المأزوم الى ما هو احسن ؟

الدكتور معتصم : اعتقد ان هناك نخب فكرية ، ولكنها تتلون بلون النظام السياسي الحاكم ولا تدرك ان التغيير في المجتمعات له ثمن، وهذه النخب تصلح للتنظير من البرج العاجي ولا تتخذ من التجارب العالمية قدوة في قيادة الجماهير والتضحية لاجل فكر تحمله هذه النخب .

س : اذا قلنا اطلاق الحريات، هل يتمتع المجتمع العربي بنقد الواقع والذات والتاريخ ؟

الدكتور معتصم : المجتمع العربي مجتمع تقليدي اكثر من كونه مجتمعا ناقدا، فهو وكما ذكرت سابقا يتعلق ما بين الماضي والاستغراب، ولكن ان وجدت نخباً قادرة على التأثير في المجتمع وقيادته نحو النقد الجرئ للتخلص من القدسيات( تقديس الماضي وتقديس الغرب ) من الممكن ان يكون هناك مجتمعا ناقدا .

فالذات العربية اختلفت من مرحلة الى اخرى، مرورا بالمرحلة العثمانية ومرحلة التحرر ونشوء الدولة القطرية، حيث اصبحت الدولة القطرية تطغى على الهوية العربية. وان الذات العربية وان اخذت بالتبلور في اواخر العهد العثماني الا انها خطفت منذ نشوء الدول القطرية .

س : هل الوضع التعليمي العربي قادر على ايجاد نخبة شابة تقود المجتمع العربي الى ما هو احسن ؟

الدكتور معتصم : من خلال ظاهرة الكم هذا ممكن، اما من خلال النوع فلا،...انه ومن خلال اتباع الجامعات العربية اسلوب التلقين التعليمي وابتعادها عن الابداع وتفجير طاقات الافراد يتبين انها بعيدة كل البعد عن اخراج نخبة تقود المجتمع العربي، الذي يتوجب اعادة النظر في فلسفة التعليم العالي لايجاد معادلة تعليمية جديدة تخرج افراد جدد .

س : هل تأسيس الحداثة في المجتمع العربي مشروط بممارسة النقد ؟

الدكتور معتصم : من الممكن استيراد الحداثة مثلما حدث في الخليج العربي باموال النفط ولكن الافضل انتاج الحداثة وليس استيرادها، واعتقد ان المجتمع العربي حتى الان لم يستطع انتاج الحداثة. وان المجالات الحياتية من سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية تغيرت بالشكل ولم تتغير بالمضمون .

وان شروط ممارسة النقد هو اطلاق الحريات، حيث يوجد ثلاثة عناصر يجب ان تتوفر وهي: جماهير ترغب بالتغيير، ونخب سياسية تقود التغيير( تنويرية)، وشعب ونخب تضحي من اجل التغيير. وان توفرت تلك الثلاثية سيكون هناك بداية للتغير .

س : هل توافقني الرأي ان الكتابات الفكرية المعاصرة ينطبق عليها المثل القائل" كمن يخض الماء ليصنع لبناً " ؟ الدكتور معتصم : اعتقد ان المفكرين العرب يشخصون الواقع دون ان يضعوا حلولا لعملية الخروج من الواقع الى ما هو احسن، فالبعض جاد في كتاباته والبعض الاخر عكس ذلك، حيث ان كثير من المفكرين يسهبون ما بين نصف الدفء ونصف الموقف، وهناك من يستغل كتاباته الفكرية لتسويق نفسه، اعتقد ان هناك حالة من التردي في الوسط الفكري، لكن هذا غير شامل للكثير من الكتاب .

س: حدثت عدة تحركات في العالم لتغيير الاوضاع تحت مسمى الثورة البرتقالية، هل يعتبر ذلك احراجا للشعوب العربية ؟
الدكتور معتصم : نعم ... ، هو احراج للشعوب العربية، ذلك لعدم مقدرتهم على التحرك لان تلك الشعوب تؤمن بضرورة تغيير واقعها السياسي ومجالاتها الحياتية، نعم انها محرجة لانها لا تستطيع تغيير ذلك الواقع.... على الرغم من اعتزاز الفرد العربي لقيادة العالم لعدة قرون مضت في ظل الدولة الاسلامية، فحينما تتذكر تلك الشعوب هذا الماضي المشرق تشعر بالاحراج والمرارة امام تلك التحركات .

س : رغم توفر عوامل الموقع الجغرافي والموارد البشرية والطبيعية وغيرها... هل يمكن ان يساعد ذلك على ان يكون الوطن العربي قوة يحسب لها الف حساب اقليميا ودوليا ؟ وهل الطريق للوحدة العربية تبدأ بالتقاء المصالح الاقتصادية ام باطلاق الحريات ؟
الدكتور معتصم : من الناحية النظرية، العالم العربي يشكل ثقلا اقتصاديا وسياسيا، وجغرافيا، والدليل على ذلك استهدافه من القوى الاستعمارية عبر التاريخ....، ورغم تلك الميزات التي يتميز بها الوطن العربي الا ان هنالك الكثير من التحديات، التي تقف حائلاً امامه للمضي باتجاه احداث تغيرات شاملة، وجعله قوة عالمية رئيسية، كالتجزئة، والصحراء، والدولة القطرية ، والتواجد الاسرائيلي بعنصره التوتري ، و الاطماع الدولية، و الصراعات الاقليمية ، والامية وانخفاض الوعي القومي، والعجز الغذائي.

وضعف العمل العربي المشترك و التبعية، وضعف المؤسسة العربية وعدم مشاركتها في رسم الخطط التنموية والسياسية بالاضافة الى عدم القدرة على المشاركة وابداء الرأي وغياب الديمقراطية، والخلافات وضعف الارادة السياسية بين الحكام العرب، والتي تؤدي الى اغلاق الحدود بين الاقطار العربية.

وحتى يلعب هذا الدور لا بد للشعوب ان تأخذ دورها من خلال الحرية والمساواة والضغط على الاسر الحاكمة، التي تسلب هذه الشعوب قراراتها، ودليلا على ذلك ، ان جميع الاستفتاءات الشعبية في العالم العربي تؤيد الوحدة العربية، والعائق امام تلك الوحدة هو الصراعات ما بين الانظمة،

ولا بد ان تكون الوحدة بقرار جماهيري وليس بقرار رسمي حتى يكون لهذه الوحدة من يحميها، حيث ان المطلب الرئيس هو وحدة الجماهير وليس وحدة الانظمة... لان وحدة الانظمة سرعان ما تتفجر امام اي اختلاف في الرأي، اما وحدة الجماهير فهي مبنية على قاعدة التفاهم الشعبي. وان التقاء المصالح الاقتصادية للطبقات الاجتماعية في المجتمع العربي ستكون صمام الامان في مشروع الوحدة العربية، والا ستكون قنبلة موقوتة لانهائها بسبب الفروقات الاجتماعية والاقتصادية .
س : هل خسر العرب العامل الزمني في بناء الدولة العربية ؟

الدكتور معتصم : نعم خسرنا العامل الزمن في بناء الدولة العربية، ذلك لان العالم العربي لا يدرك ان التغيير يجب ان يأخذ وقته الزمني حتى يكون التغيير هو تعبير عن ثقافة مجتمع وليس تعبير عن مصلحة فئوية مغلفة باسم الجماهير، حيث ان مشكلة المجتمع العربي انه لا يثق بنفسه بل يثق بالقائد الملهم والمقدس .

س : ما هو مستقبل الوطن العربي ؟ الدكتور معتصم : المستقبل القريب هو مستقبل مظلم، ولكن لا بد لشدة الضغط او الكبت على الشعوب العربية ان تخلق حالة من التغيير في داخل تلك الشعوب وليس بالضرورة ان ترتبط بعوامل خارجية، و"إن" قد يلتقي هذا التغيير مع مصالح قوى خارجية، غير متناسين ان تلك الجماهير تعرف ان هناك فجوة تقنية عميقة تفصل بينها وبين الدول الكبرى.

الامر الذي يتطلب منها التقليل من مدى هذه الفجوة لاجتياز المستقبل المظلم..... اضافة الى ما اوضحه الدكتور معتصم الناصر فان الجانب التنموي للعالم العربي يعاني معاناة كبيرة ذلك ما اشار اليه تقرير التنمية البشرية الخامس حيث خلص الى نتائج مفجعة تسود العالم العربي تنمويا،

و هذا ما خلص اليه الكاتب الفلسطيني سامي عبد الرؤوف عكيلة الناشط في التنمية البشرية من خلال "إن حالات التقصير الكبير في تطبيق معايير السلطة لدى الحكومات العربية جعلت من الدولة مصدرًا يهدد أمن الإنسان، بدلا من أن تكون سندًا له، ومنحت قوانين "مكافحة الإرهاب" الأجهزة الأمنية العربية صلاحيات واسعة شكلت تهديدًا للحريات الأساسية.

وان في البلدان العربية "نصف عدد لاجئي العالم" وفقًا للأرقام التي سجّلتها المفوضية عام 2008م, وتجمع المنطقة العربية بين قضية اللاجئين الأقدم، الفلسطينيّين، والأحدث، سكّان دارفور، حيث يعيش كثيرون من مواطني البلدان العربية في حالةٍ من «انعدام الحرية".

وإن الثروة النفطية الخيالية لدى البلدان العربية تعطي نتائج مضلِّلة عن الأوضاع الاقتصادية لهذه البلدان، لأنها تخفي مواطن الضعف البنيوي، وهناك 65 مليون عربي يعيشون في حالة فقر في البلدان العربيّة, ويظل المستوى المتدني للاكتفاء الذاتي من الأغذية الأساسية واحدًا من أخطر الفجوات التنموية في المنطقة العربية".

وكما اوضح الكاتب محمود عبد الفضيل "ان العرب لا يستطيعون اتخاذ قرار عسكري او اقتصادي حاسم الا اذا كانت هناك قاعدة غذائية عريضة يتوفر معها فائض غذائي، يحول دون قطع صادرات الحبوب الى المنطقة العربية" .

يتضح من ذلك ان الوطن العربي امامه عقبات كثيرة منها الداخلية والخارجية تجعله يواجه جمع من التحديات في تغيير المجالات الحياتية المختلفة ، حيث يتبين من ذلك ان علاقته مع " الاخر " علاقة تناقضية وتبعية وعدم تكافؤ فيما بينهما تسودها فوقية و استعلائية المجتمعات الحداثية على المجتمع العربي مما اوجد "المخيال الثقافي" حيث ادخل المجتمع العربي في حالة دفاع عن النفس ولكن عن طريق الفكر(بدون الغربنة).

وان المجتمع العربي الذي لم يستطع دخول الحداثة زمنيا والمتناقض مع خصائص المجتمعات الحداثية فكيف به يستطيع دخول مرحلة ما بعد الحداثة في ظل حداثته العكسية في الوقت الذي تبحث فيه المجتمعات الحداثية عن مجالات اقتصادية وسياسية واجتماعية وثقافية جديدة لان تلك المجالات المتقولبة لم تعد تناسبهم في عصر ما بعد الحداثة.

وكما قال الكاتب الطيب تيزيني " ما بعد الحداثة تبشر بعصر او بعصور متغيرة او مختلفة اختلافا كليا عن العصور السابقة وظهور مجتمعات ما بعد الصناعية " بعكس المجتمع العربي الذي يتمسك بمجالات ما قبل الحداثة . ومهما تكن خصائص ما بعد الحداثة كما وصفها الطيب تيزيني " تفكك وتشظي وانشطار وابتلاع " للمجالات الحياتية المتقولبة، فان المجتمع العربي لن يستطيع الدخول فيها الا بطريقة القفز اليها .

ولكن كيف !!

وحتى لا يستقبل العرب المستقبل القادم وهم في حالة من الضياع ، عليهم ان يتحركوا على جميع الاصعدة، مسؤولون ومواطنون وان يشاركوا في العمل من اجل التغلب على مشاكلهم الداخلية وعلى الفجوة التقنية التي تفصلهم علميا عن المجتمعات الاخرى. ولا شك في ان البعد الاقتصادي يعتبر من اهم الابعاد، لما يمثله من تأثير قوي على العوامل الاخرى لجعل العالم العربي في مصاف الدول التي يحسب لها حساباً اقليميا ودوليا.

ولا سبيل لذلك الا من خلال العمل العربي المشترك، من اجل بناء القدرة العربية الذاتية وفتح المجال امام العرب للتعاون الاقتصادي، لايجاد قاعدة تقنية و ثقافية ونضالية صلبة ينطلق من خلالها الابداع المعتمد على تفجير الطاقات البشرية الذاتية لارساء ارضية خصبة للعالم العربي يستطيع من خلالها ان يكون قوة اقليمية و عالمية .

كاتب من فلسطين
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.