انطلاق الورشة الثانية حول إعادة إعمار السودان والربط اللوجستى بين البلدين    مصر تبدأ العمل بالتوقيت الشتوي نهاية أكتوبر.. الساعة هتتأخر 60 دقيقة    محكمة العدل الدولية: إسرائيل ارتكبت إبادة جماعية في غزة    أحمد دياب يهنئ منتخب مصر وصلاح وحسام حسن بالترشح لجوائز الأفضل في 2025    انطلاق دوري الأنشطة الرياضية لتلاميذ المدارس بالمحافظات الحدودية بجنوب سيناء    السكة الحديد تكثف لقاءات التوعية بأخلاقيات التعامل مع مرفق الهيئة    "مكافحة انتشار المخدرات" فى ندوة بطب بيطري أسيوط    سفارتا مصر بالدوحة وكتارا تنظمان البث الحى لافتتاح المتحف المصرى الكبير    أمير قطر: العلاقات التاريخية مع تركيا تمضي بثبات نحو آفاق واعدة    الجمعة.. مي فاروق والحجار وفرقة أوبرا الإسكندرية يحيون 3 حفلات ضمن مهرجان الموسيقى العربية    لتوفير 1500 فرصة عمل.. 12 شركة في الملتقى التوظيفي الأول بجامعة حلوان (تفاصيل)    الكرملين: بوتين لن يحضر قمة مجموعة العشرين    الخارجية الروسية: تحضيرات القمة بين بوتين وترامب مستمرة    رئيس الوفد البرلماني الدنماركي: خطة السلام بغزة لم تكن لتنجح دون الجهود المصرية    الكنيست الإسرائيلي يقر مقترح قانون ضم الضفة الغربية بالقراءة التمهيدية    اعتماد تنظيم الكونغرس الأول للإعلام الرياضي في ديسمبر 2026    رئيس الوزراء: نقف على مسافة واحدة من جميع المرشحين في انتخابات النواب    وزير التعليم العالي يؤكد ضرورة توجيه البحث العلمي لخدمة التنمية الاقتصادية وخلق فرص عمل للشباب    ننشر لائحة النظام الأساسى للزمالك بعد عدم اكتمال نصاب الجمعية العمومية    تركيب 1662 وصلة مياه مجانية للأسر الاولى بالرعاية بالفيوم    مصر تدعو لتمثيل عادل للدول الإفريقية بالمؤسسات الدولية والبنوك الإنمائية    خلاف جيران يتحول إلى معركة فى الشارع ببنها.. والداخلية تكشف التفاصيل    محافظ أسوان يتفقد طلاب جامعة بنها المصابين في حادث طريق أبو سمبل.. ويوجه بتقديم الرعاية الكاملة    غلق كلي لكوبرى الأزهر السفلى 3 أيام لاستكمال أعمال التطوير    حبس المتهم بإنشاء كيان تعليمي وهمي للنصب على المواطنين بمدينة نصر    الشركة المصرية لمستحضرات التجميل (ECC) تفتتح أحدث خطوط الإنتاج للمكملات الغذائية باستثمارات 200 مليون جنيه    مجلس كنائس مصر: مؤتمر الكهنة والرعاة جسد رسالة الكنسية في خدمة الإنسان والمجتمع    أكرم القصاص ل اليوم : القمة المصرية الأوروبية تتويج لسياسة خارجية متوازنة وفاعلة    انطلاق المؤتمر السنوي الثالث لمركز الكبد والجهاز الهضمي بدماص بالمنصورة.. غدًا    مرض الجدري المائي.. الأعراض وطرق الوقاية    تزامنًا مع تعامد الشمس على رمسيس الثاني.. رفع درجة الجاهزية القصوى بجميع منشآت الرعاية الصحية بأسوان    قائمة ريال مدريد - غياب 5 مدافعين ضد يوفنتوس.. وميندي يعود لأول مرة منذ 6 أشهر    الجبلاية توافق على رحيل أسامه نبيه وتبحث عن مدير فني للمنتخب الأولمبي    الحكومة تقرر إتاحة خدمات السجل التجاري عبر مكاتب البريد المصري    الوعي الوطني ومواجهة التحديات، ندوة مشتركة بين مجمع الإعلام وجامعة الفيوم    وكيل التعليم بالجيزة يستبعد مدير مدرسة خلال جولة مفاجئة في الهرم والعمرانية    أفضل 5 وجبات خفيفة صحية لا ترفع السكر في الدم    فئات ممنوعة من أداء مناسك الحج    الرقابة المالية تمد وقف تلقي طلبات التأسيس لنشاطي التمويل الاستهلاكي ومتناهي الصغر بالطرق التقليدية لمدة عام    النجم التركي كان أورجانجي أوغلو: أتطلع لزيارة الجمهور في منازلهم بمصر    محمد عبده يقبل يد المايسترو هاني فرحات : "ونكيد العوازل بقي "    إحالة أوراق سائق للمفتي بعد اتهامه بقتل مزارع وتزعُّم عصابة للإتجار بالمخدرات في القليوبية    الأقصر تتحرك لدعم موسم سياحي استثنائي.. لقاء موسع بمشاركة خبراء ومختصين    بيحبوا يكسروا الروتين.. 4 أبراج لا تخشى المخاطرة وتحب انتهاز الفرص    القنوات الناقلة لمباراة بايرن ميونخ وكلوب بروج في دوري أبطال أوروبا    وزير الإسكان: تخصيص 408 قطع أراضٍ للمواطنين بمنطقة الرابية    البترول: مصر تُصدر 150 ألف متر مكعب من الغاز المسال إلى تركيا لصالح توتال إنيرجيز    «مصر» ضمن المرشحين لجائزة أفضل منتخب إفريقي في 2025    نائب وزير الصحة يتفقد جاهزية الخدمات الطبية والطوارئ بميناء رفح البري    نائب ترامب: واشنطن تعمل على ضمان ألا تشكل حماس تهديدا مرة أخرى    منال عوض: نسعى لحل مشاكل المواطنين والتواجد المستمر على أرض الواقع    جوائز كاف - بيراميدز ينافس صنداونز على أفضل ناد.. وغياب الأهلي والزمالك    مفتي الجمهورية: الله تولى بنفسه منصب الإفتاء وجعله من وظائف النبوة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاربعاء 22-10-2025 في محافظة الأقصر    حكم القيام بإثبات الحضور للزميل الغائب عن العمل.. الإفتاء تجيب    حين يتأخر الجواب: لماذا لا يُستجاب الدعاء أحيانًا؟    سماء الفرج    موعد شهر رمضان المبارك 1447 هجريًا والأيام المتبقية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل يستطيع العالم العربي ان يكون قوة إقليمية وعالمية ؟ / مأمون شحادة
نشر في محيط يوم 28 - 04 - 2010

هل يستطيع العالم العربي ان يكون قوة إقليمية وعالمية ؟


*مأمون شحادة

اسئلة كثيرة، عددها اكثر من اجوبتها، لكن من بين تلك الاسئلة سؤال جوهري وهام، هل يستطيع العالم العربي ان يكون قوة اقليمية وعالمية ؟؟؟

هنا يقف المجتمع العربي امام هذا السؤال منبهراً متلبكاً عن الخوض في فحوى الاجابة، حاملاً في جعبته آليات خجولة لايجاد الحلول الملائمة للاجابة على هذا السؤال، ومفضلاً العيش التقليدي على العيش في كنف تلك الاجابة، وان ملك بعضاً من اطراف خيوطها فانها شكلية وغير جوهرية في ظل فقدان العالم العربي مفاتيح الاندماج مع تلك الخيوط، .

مع العلم انه يقع في منطقة استراتيجية هامة جداً، و يمتلك مقومات هائله من موارد طبيعية وبشرية. هنا نقف امام سؤال متكرر لا بد من الاجابة عليه ..، هل الوطن العربي جاد في ان يكون قوة اقليمية، وعالمية رئيسية يحسب لها حساب في المعادلة الدولية ؟؟؟

قبل الحديث في جدلية فحوى الاجابة، يجب التجول قليلاً بين حنايا الوطن العربي، لمعرفة معالمه القومية، وبنيته الاقليمية، لنجد ان الوطن العربي يرتبط مفهومه بمفهوم القومية "الأمة الواحدة"، التي لها هوية سياسية، تجمع بين افرادها وحدة تكوينية "روابط خاصة"، مثل اللغة، والمصالح المشتركة، والتاريخ، والمصير المشترك الواحد.

بالاضافة الى ان الوطن العربي وكما اوضح الكاتب الدكتور نعيم الظاهر، يتمتع بأهمية اقتصادية كبيرة على المستويين المحلي والعالمي من خلال احتلاله مركزاً هاماً في مجال الانتاج، وتصدير بعض المواد الاولية، والذي يعتبر واحداً من اغنى اقاليم العالم بالمواد الطبيعية.

وكذلك يتمتع بالنفط والغاز الطبيعي، الذي يعتبر اهم مصدرين للطاقة، اذ يساهم بنحو 35 % من انتاج النفط العالمي، حيث يمكن استغلال البترول ( خارجياً ) في المحافل الدولية، ودعم موقفها السياسي ووقف المعيار المزدوج التي تستخدمه امريكا لدى معالجتها القضية العربية، و ( داخلياً ) لتوعية المواطن العربي سياسياً وانعاشه اقتصاديا.

بالاضافة الى ان الوطن العربي يمتلك امكانات هائلة في مجال الاستفادة مستقبلاً من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح المنتجة للطاقة البديلة...كذلك ان ما يميز الوطن العربي هو موقعه الجغرافي العام، الذي يعتبر عقدة للمواصلات العالمية البرية، والبحرية، والجوية، فضلاً عن دور قناة السويس في تسهيل الحركة التجارية، باعتباره يطل على واجهات بحرية هامة، و قدرتها على السيطرة والتحكم في هذه الطرق وسهولة استخدامها .

هذا إلي جانب ان جميع حدود الوطن العربي طبيعية. ليتضح ان الوطن العربي يتميز ببقعة جغرافية عالمية، تضم قوة بشرية كبيرة متنوعة الحجم ، والعدد ، والتركيب العمري السكاني .

ورغم تلك المميزات، الا ان مشكلة الوطن العربي ومعضلاته لا تحتمل الحلول السحرية مما سبق، وانما تتعدى ذلك بالرجوع الى اصل الاشكالية، هذا ما اوضحه الدكتور معتصم الناصر المختص بالتاريخ السياسي واحد اعضاء اتحاد المؤرخين العرب خلال المقابلة التي اجريتها معه حول ذلك الموضوع.

حيث قال ان المشكلة والمعضلة العربية لا تحتمل الحلول السحرية من تلك المميزات، وانما هناك امور دفينة يجب معالجتها مرورا بالفكر العربي، وتفحص الوضع العربي على ارض الواقع ، ... حيث وجهت اليه عدة اسئلة جوهرية لمعرفة ما مدى مقدرة الوطن العربي على ان يلعب هذا الدور، حيث كانت الاسئلة تبدأ باشكالية الفكر العربي وصولا الى حالة الوضع العربي الحالية .

س : هل الفكر العربي اسير الماضي والاستغراب ؟

الدكتور معتصم : في العالم العربي وكما سماها عبد الاله بلقزيز "مرجعيات متعددة" للفكر العربي، ونتيجة التعصب لتلك المرجعيات اصبحت عائق امام تبلور فكر عربي معاصر... مثلا، الحركات الاسلامية ( السلفية ) تريد ان تعيش في الماضي ولا تريد الاستناد عليه للانطلاق للمستقبل، والتيارات الليبرالية تريد استنساخ الفكر الغربي والانسلاخ عن الماضي.

وفي كلتا الحالتين لن يكتب النجاح لاي منهما، فكان الحري بهم الاستناد على الماضي والاستئناس بالفكر الغربي بما يتلاءم مع التركيبة الثقافية للمجتمع العربي .

س : المجتمع العربي منتميا للقبيلة والعشيرة بدلا من الدولة، ما هو الحل الامثل لقلب تلك المعادلة ؟

الدكتور معتصم : الحل هو المواطنة بدلا من الانزواء بين جدران الانتماءات القبلية، وهذه مسؤولية الدولة، التي عليها ان توفر للمواطن ما كانت توفره القبيلة والعشيرة.

س : هل توجد نخب فكرية تستطيع ان تقود مشروع الوحدة و تغير مسار الفكر العربي المأزوم الى ما هو احسن ؟

الدكتور معتصم : اعتقد ان هناك نخب فكرية ، ولكنها تتلون بلون النظام السياسي الحاكم ولا تدرك ان التغيير في المجتمعات له ثمن، وهذه النخب تصلح للتنظير من البرج العاجي ولا تتخذ من التجارب العالمية قدوة في قيادة الجماهير والتضحية لاجل فكر تحمله هذه النخب .

س : اذا قلنا اطلاق الحريات، هل يتمتع المجتمع العربي بنقد الواقع والذات والتاريخ ؟

الدكتور معتصم : المجتمع العربي مجتمع تقليدي اكثر من كونه مجتمعا ناقدا، فهو وكما ذكرت سابقا يتعلق ما بين الماضي والاستغراب، ولكن ان وجدت نخباً قادرة على التأثير في المجتمع وقيادته نحو النقد الجرئ للتخلص من القدسيات( تقديس الماضي وتقديس الغرب ) من الممكن ان يكون هناك مجتمعا ناقدا .

فالذات العربية اختلفت من مرحلة الى اخرى، مرورا بالمرحلة العثمانية ومرحلة التحرر ونشوء الدولة القطرية، حيث اصبحت الدولة القطرية تطغى على الهوية العربية. وان الذات العربية وان اخذت بالتبلور في اواخر العهد العثماني الا انها خطفت منذ نشوء الدول القطرية .

س : هل الوضع التعليمي العربي قادر على ايجاد نخبة شابة تقود المجتمع العربي الى ما هو احسن ؟

الدكتور معتصم : من خلال ظاهرة الكم هذا ممكن، اما من خلال النوع فلا،...انه ومن خلال اتباع الجامعات العربية اسلوب التلقين التعليمي وابتعادها عن الابداع وتفجير طاقات الافراد يتبين انها بعيدة كل البعد عن اخراج نخبة تقود المجتمع العربي، الذي يتوجب اعادة النظر في فلسفة التعليم العالي لايجاد معادلة تعليمية جديدة تخرج افراد جدد .

س : هل تأسيس الحداثة في المجتمع العربي مشروط بممارسة النقد ؟

الدكتور معتصم : من الممكن استيراد الحداثة مثلما حدث في الخليج العربي باموال النفط ولكن الافضل انتاج الحداثة وليس استيرادها، واعتقد ان المجتمع العربي حتى الان لم يستطع انتاج الحداثة. وان المجالات الحياتية من سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية تغيرت بالشكل ولم تتغير بالمضمون .

وان شروط ممارسة النقد هو اطلاق الحريات، حيث يوجد ثلاثة عناصر يجب ان تتوفر وهي: جماهير ترغب بالتغيير، ونخب سياسية تقود التغيير( تنويرية)، وشعب ونخب تضحي من اجل التغيير. وان توفرت تلك الثلاثية سيكون هناك بداية للتغير .

س : هل توافقني الرأي ان الكتابات الفكرية المعاصرة ينطبق عليها المثل القائل" كمن يخض الماء ليصنع لبناً " ؟ الدكتور معتصم : اعتقد ان المفكرين العرب يشخصون الواقع دون ان يضعوا حلولا لعملية الخروج من الواقع الى ما هو احسن، فالبعض جاد في كتاباته والبعض الاخر عكس ذلك، حيث ان كثير من المفكرين يسهبون ما بين نصف الدفء ونصف الموقف، وهناك من يستغل كتاباته الفكرية لتسويق نفسه، اعتقد ان هناك حالة من التردي في الوسط الفكري، لكن هذا غير شامل للكثير من الكتاب .

س: حدثت عدة تحركات في العالم لتغيير الاوضاع تحت مسمى الثورة البرتقالية، هل يعتبر ذلك احراجا للشعوب العربية ؟
الدكتور معتصم : نعم ... ، هو احراج للشعوب العربية، ذلك لعدم مقدرتهم على التحرك لان تلك الشعوب تؤمن بضرورة تغيير واقعها السياسي ومجالاتها الحياتية، نعم انها محرجة لانها لا تستطيع تغيير ذلك الواقع.... على الرغم من اعتزاز الفرد العربي لقيادة العالم لعدة قرون مضت في ظل الدولة الاسلامية، فحينما تتذكر تلك الشعوب هذا الماضي المشرق تشعر بالاحراج والمرارة امام تلك التحركات .

س : رغم توفر عوامل الموقع الجغرافي والموارد البشرية والطبيعية وغيرها... هل يمكن ان يساعد ذلك على ان يكون الوطن العربي قوة يحسب لها الف حساب اقليميا ودوليا ؟ وهل الطريق للوحدة العربية تبدأ بالتقاء المصالح الاقتصادية ام باطلاق الحريات ؟
الدكتور معتصم : من الناحية النظرية، العالم العربي يشكل ثقلا اقتصاديا وسياسيا، وجغرافيا، والدليل على ذلك استهدافه من القوى الاستعمارية عبر التاريخ....، ورغم تلك الميزات التي يتميز بها الوطن العربي الا ان هنالك الكثير من التحديات، التي تقف حائلاً امامه للمضي باتجاه احداث تغيرات شاملة، وجعله قوة عالمية رئيسية، كالتجزئة، والصحراء، والدولة القطرية ، والتواجد الاسرائيلي بعنصره التوتري ، و الاطماع الدولية، و الصراعات الاقليمية ، والامية وانخفاض الوعي القومي، والعجز الغذائي.

وضعف العمل العربي المشترك و التبعية، وضعف المؤسسة العربية وعدم مشاركتها في رسم الخطط التنموية والسياسية بالاضافة الى عدم القدرة على المشاركة وابداء الرأي وغياب الديمقراطية، والخلافات وضعف الارادة السياسية بين الحكام العرب، والتي تؤدي الى اغلاق الحدود بين الاقطار العربية.

وحتى يلعب هذا الدور لا بد للشعوب ان تأخذ دورها من خلال الحرية والمساواة والضغط على الاسر الحاكمة، التي تسلب هذه الشعوب قراراتها، ودليلا على ذلك ، ان جميع الاستفتاءات الشعبية في العالم العربي تؤيد الوحدة العربية، والعائق امام تلك الوحدة هو الصراعات ما بين الانظمة،

ولا بد ان تكون الوحدة بقرار جماهيري وليس بقرار رسمي حتى يكون لهذه الوحدة من يحميها، حيث ان المطلب الرئيس هو وحدة الجماهير وليس وحدة الانظمة... لان وحدة الانظمة سرعان ما تتفجر امام اي اختلاف في الرأي، اما وحدة الجماهير فهي مبنية على قاعدة التفاهم الشعبي. وان التقاء المصالح الاقتصادية للطبقات الاجتماعية في المجتمع العربي ستكون صمام الامان في مشروع الوحدة العربية، والا ستكون قنبلة موقوتة لانهائها بسبب الفروقات الاجتماعية والاقتصادية .
س : هل خسر العرب العامل الزمني في بناء الدولة العربية ؟

الدكتور معتصم : نعم خسرنا العامل الزمن في بناء الدولة العربية، ذلك لان العالم العربي لا يدرك ان التغيير يجب ان يأخذ وقته الزمني حتى يكون التغيير هو تعبير عن ثقافة مجتمع وليس تعبير عن مصلحة فئوية مغلفة باسم الجماهير، حيث ان مشكلة المجتمع العربي انه لا يثق بنفسه بل يثق بالقائد الملهم والمقدس .

س : ما هو مستقبل الوطن العربي ؟ الدكتور معتصم : المستقبل القريب هو مستقبل مظلم، ولكن لا بد لشدة الضغط او الكبت على الشعوب العربية ان تخلق حالة من التغيير في داخل تلك الشعوب وليس بالضرورة ان ترتبط بعوامل خارجية، و"إن" قد يلتقي هذا التغيير مع مصالح قوى خارجية، غير متناسين ان تلك الجماهير تعرف ان هناك فجوة تقنية عميقة تفصل بينها وبين الدول الكبرى.

الامر الذي يتطلب منها التقليل من مدى هذه الفجوة لاجتياز المستقبل المظلم..... اضافة الى ما اوضحه الدكتور معتصم الناصر فان الجانب التنموي للعالم العربي يعاني معاناة كبيرة ذلك ما اشار اليه تقرير التنمية البشرية الخامس حيث خلص الى نتائج مفجعة تسود العالم العربي تنمويا،

و هذا ما خلص اليه الكاتب الفلسطيني سامي عبد الرؤوف عكيلة الناشط في التنمية البشرية من خلال "إن حالات التقصير الكبير في تطبيق معايير السلطة لدى الحكومات العربية جعلت من الدولة مصدرًا يهدد أمن الإنسان، بدلا من أن تكون سندًا له، ومنحت قوانين "مكافحة الإرهاب" الأجهزة الأمنية العربية صلاحيات واسعة شكلت تهديدًا للحريات الأساسية.

وان في البلدان العربية "نصف عدد لاجئي العالم" وفقًا للأرقام التي سجّلتها المفوضية عام 2008م, وتجمع المنطقة العربية بين قضية اللاجئين الأقدم، الفلسطينيّين، والأحدث، سكّان دارفور، حيث يعيش كثيرون من مواطني البلدان العربية في حالةٍ من «انعدام الحرية".

وإن الثروة النفطية الخيالية لدى البلدان العربية تعطي نتائج مضلِّلة عن الأوضاع الاقتصادية لهذه البلدان، لأنها تخفي مواطن الضعف البنيوي، وهناك 65 مليون عربي يعيشون في حالة فقر في البلدان العربيّة, ويظل المستوى المتدني للاكتفاء الذاتي من الأغذية الأساسية واحدًا من أخطر الفجوات التنموية في المنطقة العربية".

وكما اوضح الكاتب محمود عبد الفضيل "ان العرب لا يستطيعون اتخاذ قرار عسكري او اقتصادي حاسم الا اذا كانت هناك قاعدة غذائية عريضة يتوفر معها فائض غذائي، يحول دون قطع صادرات الحبوب الى المنطقة العربية" .

يتضح من ذلك ان الوطن العربي امامه عقبات كثيرة منها الداخلية والخارجية تجعله يواجه جمع من التحديات في تغيير المجالات الحياتية المختلفة ، حيث يتبين من ذلك ان علاقته مع " الاخر " علاقة تناقضية وتبعية وعدم تكافؤ فيما بينهما تسودها فوقية و استعلائية المجتمعات الحداثية على المجتمع العربي مما اوجد "المخيال الثقافي" حيث ادخل المجتمع العربي في حالة دفاع عن النفس ولكن عن طريق الفكر(بدون الغربنة).

وان المجتمع العربي الذي لم يستطع دخول الحداثة زمنيا والمتناقض مع خصائص المجتمعات الحداثية فكيف به يستطيع دخول مرحلة ما بعد الحداثة في ظل حداثته العكسية في الوقت الذي تبحث فيه المجتمعات الحداثية عن مجالات اقتصادية وسياسية واجتماعية وثقافية جديدة لان تلك المجالات المتقولبة لم تعد تناسبهم في عصر ما بعد الحداثة.

وكما قال الكاتب الطيب تيزيني " ما بعد الحداثة تبشر بعصر او بعصور متغيرة او مختلفة اختلافا كليا عن العصور السابقة وظهور مجتمعات ما بعد الصناعية " بعكس المجتمع العربي الذي يتمسك بمجالات ما قبل الحداثة . ومهما تكن خصائص ما بعد الحداثة كما وصفها الطيب تيزيني " تفكك وتشظي وانشطار وابتلاع " للمجالات الحياتية المتقولبة، فان المجتمع العربي لن يستطيع الدخول فيها الا بطريقة القفز اليها .

ولكن كيف !!

وحتى لا يستقبل العرب المستقبل القادم وهم في حالة من الضياع ، عليهم ان يتحركوا على جميع الاصعدة، مسؤولون ومواطنون وان يشاركوا في العمل من اجل التغلب على مشاكلهم الداخلية وعلى الفجوة التقنية التي تفصلهم علميا عن المجتمعات الاخرى. ولا شك في ان البعد الاقتصادي يعتبر من اهم الابعاد، لما يمثله من تأثير قوي على العوامل الاخرى لجعل العالم العربي في مصاف الدول التي يحسب لها حساباً اقليميا ودوليا.

ولا سبيل لذلك الا من خلال العمل العربي المشترك، من اجل بناء القدرة العربية الذاتية وفتح المجال امام العرب للتعاون الاقتصادي، لايجاد قاعدة تقنية و ثقافية ونضالية صلبة ينطلق من خلالها الابداع المعتمد على تفجير الطاقات البشرية الذاتية لارساء ارضية خصبة للعالم العربي يستطيع من خلالها ان يكون قوة اقليمية و عالمية .

كاتب من فلسطين
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.