مغزى التحرش بسوريا نواف ابو الهيجاء ربما كانت احدى اهم غايات التحرش العدواني الجوي الصهيوني بسوريا ان يتحدث اشكينازي عن ضرورة معرفة (الطرف المنتصر) في الحرب القادمة . وربما كانت العملية العدوانية - خرق الاجواء العربية السورية ومحاولة شن غارات على اهداف محددة والفشل البائس في الاستهداف ، عملية ذات اهداف سياسية بالدرجة الاساس . لكن المؤكد ان العدوان كانت له اهداف : عسكرية ، واخرى سياسية ، وثالثة معنوية - او دعائية اعتبارية. فان كان الهدف عسكريا فالمطلوب كان : اختبار القدرات السورية في الدفاع الجوي ، ومدى يقظة القوات السورية ، واستطلاع مكامن الدفاعات السورية الجوية . ومن المؤكد ان القدرة على اختراق الاجواء في العالم متوفرة تماما ، وهي امور تحدث دائما ، لكن العبرة ليست في النجاح في الخروقات الجوية بل في تحقيق الاهداف العسكرية - السياسية جراء الفعل العدواني. ولا بد من تسجيل ان الدفاعات الجوية السورية تصدت للطائرات المتسللة . وان الطائرات المعتدية افرغت بعض حمولتها من الاسلحة واسرعت في الفرار. من الناحية السياسية ارتد العدوان على مرتكبيه ، فثمة ردود افعال دولية وعربية لم تكتف بالاستغراب والدهشة ، ولا حتى بالاستنكار بل بالحديث البين عن ان الكيان الصهيوني غير جاد على الاطلاق حين يتحدث عن السلام ، ويتهيأ ويستعد لمؤتمر (السلام) الذي دعا اليه الرئيس الامريكي المأزوم جورج دبليو بوش. ولعل رد فعل الجامعة العربية هو المعبر عن هذا الموقف .. وربما جاء العدوان ايضا ليكشف مدى هشاشة وفراغ الدعوة الامريكية للمؤتمر . أي خسر الطرف الصهيوني عسكريا وسياسيا .. فماذا عن الاهداف التكتيكية الاخرى للخرق؟ اذا كان معروفا ان حكومة اولمرت لا تتمتع بأي شعبية في الداخل الصهيوني ، خاصة بعد فشل العدوان العسكري على لبنان والمقاومة اللبنانية - صيف العام الماضي - فان محاولة استرداد الروح المعنوية الهابطة في الصفوف الصهيونية كانت ايضا فاشلة. فالعملية - من وجهة النظر العسكرية الصرف - لم تحقق شيئا على الاطلاق . تبقى محاولة التعامل بحذر مع العملية . الناطقون الرسميون الصهاينة (آثروا الصمت) وتركوا الامر للصحافة ووسائل الاعلام الصهيونية ، لتنشر (بالونات اختبار) للداخل الصهيوني من ناحية ولسوريا ولبنان من ناحية اخرى ، ولكي يتشدق المسؤولون العسكريون عن قدرات الجيش (الذي كان لا يقهر) في محاولة بائسة لاسترداد عافية (معنوية). اشكينازي كان الاوضح في فضح الهدف المركزي السخيف للعدوان حين زعم ان العملية يراد منها ان يعرف الجميع (من هو الطرف الذي سينتصرفي الحرب القادمة) . الواضح ان التصريح لم ينطلق من موقع (قوة) بقدر ما عبر عن الخوف الذي يسري في اوصال العدوانيين في تل ابيب .كما ان العملية عقدت السنة الحلفاء الامريكان الذين نأوا بأنفسهم عن ابداء الرأي او التعليق. جميع الاهداف المباشرة وغير المباشرة للعملية العدوانية لم تتحقق ، بل اثبتت العملية ان الكيان الاحتلالي غير معني بالسلام ، من جهة ، وغير قادر على استعادة (شعبيته) في الداخل من جهة ثانية ، وفاشل في تغيير الصورة الذي ظهر عليها الجيش الصهيوني في الجنوب اللبناني من جهة ثالثة. نجح التحرش العدواني بسوريا في اثبات ما يعلنه العرب عموما والفلسطينيون والسوريون واللبنانيون خصوصا من ان الدولة العبرية غير معنية بالسلام العادل ، وانها محرجة حتى امام الدعوة الامريكية الى مؤتمر (للسلام) في المنطقة ، وان جل اهتمام القيادة الصهيونية منصرف اليوم الى ازالة الآثار النفسية التي نتجت عن هزيمة العدوان في الجنوب اللبناني. اما ان كان الهدف دفع سوريا ، وربما لبنان ايضا ، الى حضور المؤتمر الدولي اياه ، فالطريقة بائسة وفاشلة وربما كان الناتج عكسيا تماما ، حيث اثبات ايديولوجية العدوان الدائم الصهيوني ضد العرب عموما وضد لبنان وسوريا وشعب فلسطين خصوصا . وربما كانت العملية - بالفعل - تمرينا حيا لعدوان عسكري مقبل على سوريا. عن صحيفة الدستور الاردنية 11/9/2007