المفاوضات لتخريب المقاومة عوني صادق في التاسع من يونيو/ حزيران 2008 تم التوصل إلى “اتفاق جيبوتي" بين “التحالف من أجل إعادة تحرير الصومال" والحكومة الصومالية المؤقتة. وقع الاتفاق شيخ شريف شيخ أحمد، رئيس اللجنة التنفيذية، عن “التحالف"، ورئيس الحكومة المؤقتة نور حسن حسين، وكان برعاية الأممالمتحدة والولايات المتحدةالأمريكية وبريطانيا وفرنسا. وقضى الاتفاق بوقف إطلاق النار بعد ثلاثين يوماً من توقيعه، وانسحاب القوات الإثيوبية بعد أربعة أشهر، ونشر قوات سلام دولية تحت علم الأممالمتحدة.
في التاسع عشر من يوليو/ تموز 2008 صادقت اللجنة المركزية للتحالف على الاتفاق بإجماع الذين حضروا من الأعضاء، وعددهم 106 أعضاء من أصل 191 عضواً، وبعد يومين أقال “التحالف" رئيس لجنته التنفيذية شيخ شريف شيخ أحمد من منصبه وعين شيخ حسن ظاهر أويس مكانه. لم يعترف شيخ شريف بالقرار، لأنه، كما قال، صدر عن مجموعة تمثل أقلية في اللجنة المركزية للتحالف. الآن تجري محاولات للتوفيق بين جناحي “التحالف"، وربما هناك محاولات (في الخفاء) لإفشال محاولات التوفيق.
لعل السؤال هنا هو: كيف يتم التوصل لاتفاق يكون سبباً لانشقاق “التحالف"؟ الرافضون للاتفاق يتهمون شيخ شريف شيخ أحمد بالدكتاتورية، لأنه، كما يقولون، فاوض ووقع على الاتفاق من دون أن يشاور أعضاء التحالف. مأخذ هؤلاء على الاتفاق أنه لا يخدم الهدف الذي تشكل التحالف من أجله، وهو إخراج القوات الإثيوبية وتحرير الصومال. لكن حصول الاتفاق على أغلبية كبيرة في اللجنة المركزية، وتضمين الاتفاق مطلب انسحاب القوات الإثيوبية، كما يقول أنصار الاتفاق، يدحضان هذا الاتهام. والمسألة الخلافية بين جناحي “التحالف" هي سبيل تحقيق الهدف المتفق عليه وهو إخراج القوات الإثيوبية، حيث يرى جناح شيخ شريف شيخ أحمد أن المفاوضات هي السبيل لأنها تكسب تأييد “المجتمع الدولي" للمطالب الصومالية. أما جناح شيخ حسن ظاهر أويس فيرى أن المفاوضات وسيلة لإجهاض المقاومة والإيقاع بين فصائلها. هذا السجال يفرض العودة إلى تسلسل الأحداث وصولا إلى الاتفاق.
والمعروف أنه منذ البداية كانت الاستراتيجية الأمريكية في الصومال تقوم على أحد خيارين: إما وجود حكومة عميلة لها في الصومال تأتمر بما تريد، وإما دوام الفوضى التي حولت الصومال إلى “دولة فاشلة" بالتعريف الأمريكي، وفي الحالين إثيوبيا هي المكلفة تحقيق ذلك. هكذا ساندت التدخل الإثيوبي وشاركت ولا تزال تشارك في عمليات القوات الإثيوبية من الجو. أما الاتفاق وتطبيقه فهما موضوعان مفتوحان للمفاوضات، وكلما تعثرت أو لم تحقق ما تم الاتفاق عليه كانت سببا في توسيع الهوة بين الصوماليين وبعثرة جهود المقاومة، وقد تؤدي الخلافات في نهاية المطاف إلى الاقتتال بين الرفاق. إن ذلك لا يحافظ فقط على جو الفوضى السائد بل ويؤكد عدم إمكانية البدء بنشر القوات الدولية التي يفترض أن تسمح بانسحاب قوات الاحتلال.
في الأيام القليلة الماضية تكررت مناشدات شيخ شريف شيخ أحمد الموجهة إلى “المجتمع الدولي" مطالبا بسرعة التحرك لنشر القوات الدولية، وكأن “المجتمع الدولي" يتحرك طبقاً لرغبات ومصالح الشعوب، وليس طبقا لمخططات ومصالح الدول الكبرى التي تتحكم به. على فصائل المقاومة الصومالية ألا تنتظر خيراً من “المجتمع الدولي" ما لم تستطع إجباره وتهديد مصالحه، وهذا لن يكون دون وحدة قوى الشعب الصومالي الوطنية، وفصائله المقاومة. عن صحيفة الخليج الاماراتية 12/8/2008