عيد الجيش وولادة البيان الوزاري أنور عقل ضو توحي التحرّكات والرسائل بين القادة اللبنانيين، باقتراب موعد ولادة البيان الوزاري في الساعات المقبلة، إلا إذا طرأ ما ليس في الحسبان. ويبدو أن لجنة البيان الوزاري قد أنتجت خلال الجلستين العاشرة والحادية عشرة، ثلاث صيغ بإيحاءات من خارج قاعة اجتماعات اللجنة في السرايا الحكومية، ومن المتوقع أن يستقر الرأي علي إحداها اليوم أو غداً، ما يمهد لإعلان ولادة بيان حكومة الوحدة الوطنية بالتزامن مع الأول من اغسطس عيد الجيش اللبناني وفق رغبة واضحة عبر عنها رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان. غير أن الصيغ الثلاث التي تمّ تداولها اليوم، وضعت في عهدة العديد من المرجعيات السياسية والروحية للمناقشة، وهي جاءت بعد إلحاح رئيس الجمهورية الذي بدا مستعجلا لإطلاق الحكومة وزيارة دمشق وتجهيز طاولة الحوار، فضلاً عن استشعار رئيس الحكومة فؤاد السنيورة بخطورة الاوضاع إذا ما تعسر إعلان البيان الوزاري مع اقتراب نهاية مهلة الثلاثين يوماً، علي مجمل الوضع اللبناني، بالإضافة إلي أن الحكومة تسقط بعد مهلة الثلاثين يوماً، وفقاً للدستور اللبناني، ولا يمكن إعادة تكليف رئيسها مجدّداً، ولعل ذلك شكّل قوة ضاغطة لإخراج البيان من عنق الزجاجة. أما الصيغ الثلاث التي تمّ اعتمادها الآن، فهي تحمل وجهات نظر تعكس نقاط الاختلاف، فالصيغة الأولي تقول بحق المقاومة المشروعة للشعب اللبناني في مواجهة الاحتلال وتحرير أراضيه بكلّ الوسائل المشروعة في مقابل ألا ينفرد أي طرف في المقاومة بفرض شروطه علي الآخرين وأن يكون للدولة حق بسط سلطتها علي كامل أراضيها وتطبيق القانون علي كل المواطنين ومن دون تفرقة. هذه الصيغة تنسب المقاومة إلي الشعب اللبناني وتجعل فيها أكثر من طرف، وربما كان صدور بيان باسم "المقاومة الإسلامية" بمثابة رد واضح علي هذا التفريع. أما الصيغة الثانية، فتقول بحق لبنان بدولته ومقاومته في تحرير الأراضي المحتلة. وهي صيغة بدت أقل لبساً من الصيغة الأولي. فيما فتقول الصيغة الثالثة بحق اللبنانيين في مقاومة الاحتلال والتزام الحكومة القرارات الدولية وعلي رأسها القرار 1701. ويبدو حتي الآن أن الصيغ الثلاث تعمّدت نسبة المقاومة إلي الدولة أو إلي الشعب أو إلي اللبنانيين، ما لا يغفل ذكرها ولا يعطيها صفة الشخصانية الذاتية القائمة، إلا أنّ هذه الصيغ، قد تشكّل خطوة نحو منتصف الطريق تؤدي إلي ولادة بيان وزاري يراعي خصوصية الواقع اللبناني المشرع علي تناقضات كبيرة في العناوين السياسية العامة. وثمة بادرة ايجابية تمثلت في دخول رئيس الجمهورية علي خطّ التسريع من باب تأكيده الإصرار علي عقد طاولة الحوار الوطني في رسالة إلي لجنة الصياغة مفادها، أن ما لا تستطيع حله يمكن تركه للبحث علي هذه الطاولة لا سيما أن انعقادها بات جدّياً ووشيكاً، ولذلك حرّك مستشاره السياسيّ النائب الأسبق ناظم الخوري في اتجاه رئيسي مجلس النواب والحكومة ورئيس كتلة الوفاء للمقاومة محمد رعد ورئيس تيار المستقبل سعد الحريري وستقبل الوزير وائل أبو فاعور النائب في كتلة رئيس "اللقاء الديموقراطي" وليد جنبلاط. وثمة من يبدي تفاؤلاً بامكانية أن يتجاوز لبنان "قطوع" البيان الوزاري، علي قاعدة أن يكون عيد الجيش اللبناني في الاول من اغسطس، مناسبة لتوحيد اللبنانيين في حدود تؤكد مرة جديدة صيغة لا غالب ولا مغلوب، وكأن الرئيس سليمان يريد أن يهدي الجيش الذي يمثل وحدة لبنان بعيدا عن تناقضات اهل السياسة، انجازاً بدا في الآونة الأخيرة أنه غير قابل للتحقيق، فيما الامور بدأت تنحو الآن صوب الاحتفال بمناسبتين: عيد الجيش وولادة البيان الوزاري. عن صحيفة الراية القطرية 31/7/2008